خفضت طائرة مليئة بالمصطافين المبتهجين ارتفاعها فى السماء الصافية استعدادا للهبوط فى مدينة إيلات فى حين تعج الصحراء المحيطة بالمدينة بنشاط عسكرى غير ملحوظ.
يتكرر المشهد كل نحو نصف ساعة فيما يخدم الفنادق الإسرائيلية المزدحمة على الساحل الذى يمتد بطول 11 كيلومترا بين الأردن ومصر. لكن مع تزايد خطر هجمات المتشددين المتمركزين فى سيناء بصواريخ مضادة للطائرات يجرى تكثيف الاجراءات الأمنية الاحترازية لتبلغ مستوى لم يسبق له مثيل.
والأجهزة الإلكترونية المتطورة بالاضافة إلى المئات من المراقبين على الأرض والأسلحة الدفاعية والتنسيق الواسع مع القوات المصرية فى شبه جزيرة سيناء كل هذا جزء من "عملية الساعة الرملية" التى أطلقتها إسرائيل ردا على تدفق الأسلحة والمقاتلين المتشددين على الجانب الآخر من الحدود مع مصر.
وعلاوة على كونها تمثل لاسرائيل ميناء شحن استراتيجيا وقاعدة بحرية تدر ايلات بشمسها الساطعة طوال العام ومياهها الزرقاء الغنية بالشعاب المرجانية ربع إيرادات السياحة التى تأتى ضمن المصادر الرئيسية للعملة الصعبة للبلاد.
وأنفقت إسرائيل بكثافة على تعزيز الأمن حول إيلات منذ سقوط الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك فى 2011. وأكملت فى وقت سابق هذا العام بناء حاجز بطول 250 كيلومترا مع مصر يمتد من ضواحى ايلات إلى قطاع غزة على البحر المتوسط.
وأطلع مسئولون رويترز أيضا على عدد من الإجراءات الأخرى التى تتخذ لمواجهة الجهاديين فى سيناء من بينها جهاز مبتكر على متن الطائرات صممته إسرائيل لتشتيت الصواريخ.
وتعتقد إسرائيل أن التهديدات لايلات تزايدت بسبب الاضطراب فى مصر التى تموج بالاحتجاجات إلى جانب الاسلحة المهربة من ليبيا. غير أنها أبقت الاجراءات الأمنية سرية لتجنب تخويف السائحين.
وصنف تقييم أمنى رسمى بشأن ايلات وزع على نطاق محدود واطلعت عليه رويترز حدوث هجوم على طائرة إسرائيلية بأنه أقل احتمالا من حدوث قصف عبر الحدود وهى حوادث وقعت بشكل متقطع حيث يطلق جهاديون صواريخ قصيرة المدى لكن بشكل غير دقيق ودون أضرار لأنهم يتعجلون الفرار فيما يبدو.
ورفض ليور بن سايمون المتحدث باسم شرطة إيلات مناقشة سيناريوهات التهديدات واكتفى بقول إن الشرطة "وجميع الوكالات المعنية مستعدة" للتصدى لكارثة متعلقة بالطيران المدنى.
ولا يريد الإسرائيليون إحراج مصر بالمطالبة علنا بتشديد الإجراءات فى طابا أقرب مدن سيناء إلى إيلات والتى يرجح أن تكون القاعدة المحتملة لإطلاق الصواريخ المضادة للطائرات من على الكتف والتى قلما يتجاوز مداها خمسة كيلومترات.
وقال عساف اجمون البريجادير جنرال المتقاعد بسلاح الجو الإسرائيلى والذى يدير معهد فيشر براذرز للدراسات الاستراتيجية الجوية والفضائية "تؤخذ المخاطر التى تهدد طائراتنا فى الحسبان ولكن بكثير من الحذر اللازم نظرا لأهمية الحفاظ على السلام مع مصر".
وأضاف اجمون أنه منذ 2011 حولت إسرائيل مرارا مسار طائرات تتجه للهبوط فى إيلات لتقترب من المطار من الناحية الشمالية بدلا من الناحية الجنوبية المعتادة متجنبة الحدود المصرية.
وعندما تهبط الطائرات فى الجنوب فهى تميل بسرعة أكبر وبزاوية أكثر حدة فوق البحر لتقليل رصدها من طابا.
ولإسرائيل تجربة مثيرة مع الصواريخ المضادة للطائرات التى تطلق من على الكتف، حيث حاول تنظيم القاعدة إسقاط طائرة تحمل سياحا إسرائيليين فوق كينيا فى 2002. وأخطأ الصاروخان الهدف صدفة لكن الإسرائيليون سارعوا للبحث عن بديل تكنولوجى لمسألة الحظ.
وكانت النتبجة هى نظام "سى ميوزيك" وهو فى حجم حوض الاستحمام المنزلى صممته شركة البيت سيستمز ويستخدم الليزر كى "يعمى" الرؤوس الحربية للصواريخ التى تقتفى الأثر الحرارى للطائرة، وقال مسؤول أمنى إنه حتى الشهر الماضى كان سى ميوزيك يوضع فى طائرات مختارة من الناقلات الوطنية العال واركيا وإزرير وتتحمل الحكومة الإسرائيلية التكلفة البالغة 1.5 مليون دولار للنظام الواحد.
وأضاف المسؤول أنه يمكن مناوبة النظام الواحد على طائرات "فى أقل من ساعة من خلال فك وتركيب بضعة مسامير تثبيت". ويسمح هذا لإسرائيل بأن تتخذ خلال فترة قصيرة قرارا بشأن حماية رحلات متجهة إلى ايلات بناء على مستوى الخطر الملاحظ من سيناء.
وقال المسؤول "نعم إيلات لها أولوية قصوى لكن هناك وجهات أخرى ذات أهمية كبيرة. أغلب الأعمال الوقائية تقوم بها القوات على الأرض".
وكان المسؤول يشير إلى المئات من المراقبين التابعين للجيش الإسرائيلى بعضهم فى مواقع مموهة وآخرون جالسون أمام شاشات مراقبة فى مخابئ مزودة بتقنيات متطورة يحاولون رصد أى وجود غير عادى عبر الحدود فى مصر عندما تقترب الطائرات من إيلات. ويستخدم ضباط الاتصال خطوطا هاتفية ساخنة للاتصال بنظرائهم المصريين عند الضرورة.
ويفترض الإسرائيليون أن الصواريخ المضادة للطائرات التى تطلق من على الكتف سيطلقها طاقم من فردين أو ثلاثة وهو وجود يصعب اخفاؤه رغم أن التلال المرتفعة وذات الشقوق العميقة حول طابا يمكن أن توفر غطاء.
وللتغلب على ذلك تقوم القوات بدوريات متتابعة على امتداد السياج الحدودى المقام من السلك الشائك بارتفاع خمسة أمتار وتساعدهم كاميرات ترصد لمسافة بعيدة داخل الأراضى المصرية ومزودة بالقدرة على المسح الحرارى لرصد أى جسم خلال الليل.
ونشرت إسرائيل فى بعض الأحيان نظام الدفاع الجوى القبة الحديدية فى إيلات على مدى الشهور القليلة الماضية.
رويترز: إسرائيل تسعى لحماية الطائرات المتجهة لإيلات من الجهاديين فى سيناء
الإثنين، 22 يوليو 2013 10:15 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة