يمتد الصراع السنى الشيعى الذى يعصف بالعالم العربى إلى صنعاء، حيث يتحول التوتر بين المتطرفين السنة والمتمردين الشيعة الزيديين إلى حرب من أجل السيطرة على عدد من المساجد فى العاصمة اليمنية.
وقد بقيت هذ المواجهة بين الطرفين محصورة بمنطقة صعدة الشمالية، معقل جماعة أنصار الله التى يتهمها خصومها بأنها أداة بيد إيران، وحيث تدور معارك من وقت لآخر بين الزيديين وسنة من أنصار حزب الإصلاح.
لكن التوتر وصل إلى صنعاء مع بداية شهر رمضان فى العاشر من يوليو الحالى خلال محاولة سلفيين متشددين السيطرة على مسجد يتولى مسئوليته أمام زيدى وذلك ردا على محاولة مماثلة قام بها أنصار الله فى مسجد آخر.
وأسفرت هذه المحاولات عن صدامات بالسلاح الأبيض وهجوم بقنبلة أوقع خمسة جرحى، وفقا للشرطة وشهود عيان، والخميس، قتل شيعيان وأصيب أربعة آخرون بجروح بيد مسلحين مجهولين فى صنعاء، كما أعلن لوكالة فرانس برس عنصر فى جماعة أنصار الله.
وتدخلت السلطات لدى الطرفين لتهدئة النفوس وحصلت منهما على "تعهد بعد استخدام القوة لفرض الشعائر الخاصة بهما فى المساجد"، بحسب وزير الأوقاف حمود عباد.
وقال الوزير لوكالة الأنباء الفرنسية "لا توجد فى اليمن مساجد مخصصة للزيديين وأخرى للسنة فالناس تتعايش وتصلى معا منذ قرون عدة، لكن الاستقطاب السياسى يهدد بانقسامهم".
وحذر من "عدم تحمل ما جرى من أحداث فى الفترة الأخيرة مرة أخرى"، كما يتركز تواجد الزيديين المنشقين عن الشيعة الاثنى عشرية فى شمال اليمن فى حين يشكل السنة الغالبية فى البلد والزيديون حوالى ربع السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة.
وانتفض المتمردون الزيديون المعروفون بالحوثيين نسبة الى زعيمهم عبد الملك الحوثى العام 2004 ضد نظام الرئيس السابق على عبد الله صالح بسبب ما يؤكدون أنه تهميش متعمد، وأوقعت المعارك مع الجيش آلاف القتلى قبل التوصل الى وقف للنار فى فبراير 2010.
وازداد إحباط المتمردين حدة مع وصول عبد ربه هادى منصور هادى إلى السلطة فى فبراير 2012، كأول رئيس سنى فى سدة الحكم فى تاريخ اليمن خلفا لصالح وهو زيدى أرغمته الاحتجاجات الشعبية على الرحيل، وفقا لأحد المشاركين فى مؤتمر الحوار الوطنى.
ويشارك المتمردون الذين انضموا إلى الانتفاضة ضد صالح فى المؤتمر الذى من المتوقع أن يحضر لدستور جديد وانتخابات العام المقبل، وأضاف المصدر رافضا ذكر اسمه أن الحوثيين "يحاولون تعزيز دورهم السياسى المتنامى عبر تحقيق وجود اكبر فى المساجد" محذرا من "اشتداد" نزعة التوتر الطائفى.
لكن عبد الكريم الجذبان المشارك فى المؤتمر كأحد ممثلى التمرد اكد فى المقابل ان حزب الإصلاح القريب من الإخوان المسلمين وحلفاءهم السلفيين المحسوبين على السعودية يتحملون المسؤولية عن التوتر الطائفى.
وقال فى هذا الصدد إن "الإخوان المسلمين والسلفيين يريدون وضع جميع المساجد تحت سيطرتهم" حتى فى صعدة "حيث يملكون أماكن عبادتهم الخاصة وأكبر مركز للإرهاب فى دماج".
يذكر ان مدرسة "دار الحديث" فى دماج، القريبة من صعدة كانت فى صلب المواجهات التى كان بعضها دام بين الطرفين.
من جهته، قال السلفى محمد الشبيبة المشارك فى المؤتمر إن الحوثيين أداة بيد إيران مشيرا إلى أنهم اتخذوا لأنفسهم تسمية أنصار الله تيمنا بحزب الله الشيعى اللبنانى.
بدوره، قال المحلل فارس السقاف إن "الزيديين والسنة تعايشوا سلميا طوال قرون، لكن الخطر يكمن فى بروز تشيع سياسى يحتذى بالنموذج الإيرانى وهذا أمر لا يمكن للشعب اليمنى القبول به".
ويشتبه بأن إيران التى تحاول بسط نفوذها فى المنطقة تعمل على تغذية التوتر الطائفى الذى يتخذ بعدا داميا فى العراق ويهدد دولا أخرى مثل لبنان وسوريا والبحرين وحتى المنطقة الشرقية السعودية حيث يتركز معظم الشيعة فى المملكة.
