بالتوازى مع الحرب التى تخوضها القوات المسلحة ضد بؤر الإرهاب فى سيناء، ومع تشديد الخناق على «أهل المعزول وعشيرته»، تشن وزارة الداخلية حرباً على تجارة السلاح فى شبه الجزيرة، التى تحولت بعد سنة من حكم الإخوان إلى مرتع للتكفيريين والإرهابيين.
ولا تقتصر تجارة السلاح فى سيناء، على الأسلحة الخفيفة، كما كانت دائمًا، ولا تنحصر دوافع اقتناء السلاح على الرغبة فى الحماية الشخصية، أو الوجاهة الاجتماعية، فالأمر بلغ مرحلة غير مسبوقة، وليس غريبًا أن تجد أشخاصاً يمتلكون صواريخ مضادة للطائرات، ينصبونها استعدادًا للحرب على الدولة المصرية، انطلاقاً من بوابتها الشرقية.
وتؤكد مصادر أمنية رفيعة المستوى أن هناك 10 مسارات لتهريب السلاح إلى سيناء منها مساران من الحدود مع إسرائيل، وعبر الأنفاق من غزة، وشهد هذان المساران نشاطًا كبيراً عقب الانفلات الأمنى فى غضون ثورة يناير وما بعدها.
كما يوجد مسار لتهريب السلاح الثقيل تحديداً من ليبيا، وهو مسار طريق السويس الصحراوى، حيث يتم تهريب السلاح فى شاحنات وقود فارغة إلى سيناء عبر نفق الشهيد أحمد حمدى أو معدية السويس أو من الإسماعيلية عبر عدة نقاط منها: معديات الفردان ونمرة 6 وسرابيوم والقنطرة غرب أو كوبرى السلام بقرية الرياح وذلك عبر مراكب الصيد بقناة السويس، ويتمثل المسار الأخير فى معدية بورفؤاد ببورسعيد.
وقال المصدر الذى رفض الكشف عن اسمه: إن الشرطة وجهت بعد سقوط محمد مرسى، ضربات موجعة إلى تجار السلاح، لكن الأمر لا يعنى أن الأمر تحت السيطرة، فالفوضى ضاربة بجذورها فى الأعماق، و«الأهل والعشيرة من الإرهابيين»، استغلوا الفراغ الأمنى وأسسوا ما يمكن وصفه بكتائب كراهية مسلحة، تريد الانقضاض على الشعب المصرى.
وأكد أن عملية حمل السلاح تراجعت بشكل كبير فى غضون الأربعة أشهر الأخيرة نتيجة للتشديد الأمنى والحملات ومراقبة الطرق حيث تم تحويل أكثر من 50 متهما للنيابة بتهمة حمل سلاح بدون ترخيص.
وأضاف أن الخطورة تكمن فى الأسلحة الثقيلة التى يلجأ إليها أفراد كانوا يعملون بنشاطات تهريب المخدرات وتهريب الأفارقة فوجدوا السلاح أعلى ربحية.
وقال إن هناك عدة مبادرات طرحتها الجهات الأمنية لجمع السلاح والتخلص منه لكن هذه المبادرات لم تفّعل لأن عدداً من شيوخ القبائل برروا رفضهم للأمر بخلو المناطق الصحراوية من التواجد الأمنى الرسمى للدولة.
واعتبر أمين القصاص نقيب المحامين بشمال سيناء أن دعوات تسليم السلاح فشلت أولاً بسبب الظروف الأمنية ثانياً لأنها تجارة رائجة ولم تقتصر على السلاح الشخصى فقط موضحاً أن الانفلات الأمنى والحدود المفتوحة وراء انتشار السلاح بصورة تفاقمت إلى حد وجود قذائف وصواريخ مع الجماعات المسلحة والأمر بات فى منتهى الخطورة لأننا وصلنا لمرحلة العصابات المنظمة والجماعات الكبيرة المسلحة التى تمتلك ترسانات من الأسلحة الثقيلة ومضادات الطائرات.
وقال «قدرى يونس العبد» المفكر السياسى المتخصص فى شؤون سيناء: إن جغرافية سيناء تكسبها أهمية إستراتيجية كبرى، وهى أهمية تتفاوت من منطقة إلى أخرى داخل شبه الجزيرة، موضحاً أن هناك مناطق هادئة تشغل معظم سيناء وهناك المناطق الحدودية الملتهبة.
وقال: إن مشكلة السلاح فى سيناء لا تكمن فى السلاح الموجود لدى عرب القبائل فهولاء يحملون الأسلحة منذ زمن طويل، ولم يحدث أن هاجموا الجيش المصرى، لكن مع دخول العناصر الإرهابية إلى سيناء، وعدم وجود خارطة شاملة دقيقة لمناطق تواجدهم، تصبح المشكلة أشد خطورة وتفاقما.
وأكد أن قيام القوات المسلحة بتدمير الأنفاق بين مصر وغزة تسبب فى توجيه ضربات قاصمة إلى تجارة السلاح.
مغامرة
بعد تصريحات الأمنيين والخبراء الاستراتيجيين، يبدو ضرورياً التعرف على ما يقوله تجار السلاح أنفسهم، وهذا أمر ليس صعباً فى «أرض الفيروز»، فبوسع أى زائر، أن يلجأ إلى معارفه هناك، لتعريفه على تجار السلاح، وهم معروفون بالاسم، ويمارسون عملهم بمنتهى الحرية، دون خوف من أن يلاحقهم القانون.
«محمود».. أربعينى أسمر البشرة، له وجه مستطيل وشعيرات خفيفة بيضاء فى لحيته، يبدو مزهوًا إذ يدلى بدوله، ويتحدث عن «خبرته فى تجارة السلاح».. فيقول: إن كل مواطنى سيناء تقريبا يملكون السلاح، وهذه مسألة ضرورية فنحن نعانى من الانفلات الأمنى، ونحتاج إلى وجود السلاح لحماية أعراضنا وأموالنا، وهذا الوضع أسفر عن نشأة تجارة سلاح بين المواطنين بعضهم بعضاً، فالسيناوى يشترى السلاح، حسب مقدرته المادية، ومن ثم ربما يقرر شراء سلاح أشد فتكاً أو أكثر تطوراً، فيبيع سلاحه القديم لأحد معارفه.
ويقول «محمود» المقيم بمدينة العريش «يتحكم فى سوق السلاح تجار كبار، يتعاملون بشكل مباشر مع عصابات كبرى، أشبه بالمافيا المنظمة، وهناك عرب وأجانب يعملون فى هذه التجارة، وهم يتوافدون على سيناء من كل محافظات مصر، ومن ثم يقومون بجلب السلاح إلى سيناء عبر الطرق الصحراوية تهريبًا من ليبيا وكذا عبر الحدود المصرية السودانية.
وهناك أسلحة بكميات محدودة يقوم لصوص من قطاع غزة بتهريبها بعد سرقتها من الجيش الإسرائيلى، والمعروف أن السلاح الإسرائيلى مطلوب لأنه مرتفع الجودة وخفيف الوزن، وخصوصا الرشاشات الآلية.. كما تصل إلى مصر أسلحة تصنع يدويا هناك أو أسلحة يتم تعديلها وتحديثها حيث يوجد محترفون فلسطينيون فى هذا المجال.
من جهته يرى «على - س»، الذى يمارس مهنة أشبه ما تكون بمهنة الخبير المثمن للسلاح أن سوق الأسلحة شهد ركودًا من قبل المواطنين السيناويين مع بداية العام الجارى، وذلك حسب تفسيره لسببين، الأول: أن هناك حالة اكتفاء ذاتى من الأسلحة، بالنسبة للأفراد، والثانى: أن الأسعار ارتفعت للغاية، بعد زيادة إقبال الجهاديين على شراء وتخزين السلاح، ما دفع غير القادرين إلى الخروج من المشهد. ويتحدث عن مهنته قائلاً: حين يختلف شخصان فى تقدير سعر قطعة سلاح يكون الحل فى استدعائى فأنا أستطيع أن أحدد القيمة الفعلية لقطعة السلاح ما إن أفحصها وأستطيع التعرف عما إذا كان السلاح بحالة جيدة مجرد سماع صوته، أو فكه وتركيبه.
وقال علاء الكاشف، عضو الحركة الثورية الاشتراكية بالعريش: إن انتشار وامتلاك السلاح يرجع إلى غياب الدولة وتراخيها منذ سقوط نظام مبارك. وانتقد ترك سيناء مفتوحة من جميع الجوانب وعدم فرض سيادة الدولة عليها مؤكدا أن الحركات الثورية تجمع على حق أبناء سيناء فى اقتناء السلاح، لكونهم خط الدفاع الأول ضد العدو الإسرائيلى «حسب قوله».
وقال المحامى «مروان أبوفردة» وهو من أهالى مدينة الشيخ زويد: كل أهالى سيناء يرفضون انتشار السلاح لكن فى الآونة الأخيرة ظهر السلاح المهرب من ليبيا فى أيدى بعض الناس وللأسف تم استغلاله فى القتل والترهيب فى عموم سيناء، وامتدت أيادى القتلة ضد جيشنا وشرطتنا والداخلية وأهالى سيناء من المدنيين.
وأكد أنه لا يوجد سيناوى واحد ضد ما يقوم به الأمن من الجيش والشرطة ضد الإرهاب والإرهابيين. وأرجع محمود الأخرسى أحد أهالى رفح انتشار السلاح إلى رخص ثمنه وسهولة تهريبه من ليبيا للأراضى المصرية لإعادة تهريبه إلى غزة.

انفاق غزة
تهريب السلاح إلى سيناء منها مساران من الحدود مع إسرائيل، وعبر الأنفاق من غزة، وشهد هذان المساران نشاطًا كبيراً عقب الانفلات الأمنى فى غضون ثورة يناير وما بعدها، وأدى قيام القوات المسلحة بتدمير الأنفاق بين مصر وغزة تسبب فى توجيه ضربات قاصمة إلى تجارة السلاح، وهناك أسلحة بكميات محدودة يقوم لصوص من قطاع غزة بتهريبها بعد سرقتها من الجيش الإسرائيلى، والمعروف أن السلاح الإسرائيلى مطلوب لأنه مرتفع الجودة وخفيف الوزن، وخصوصا الرشاشات الآلية
سلاح ليبيا
مسار تهريب السلاح الثقيل تحديداً من ليبيا، وهو مسار طريق السويس الصحراوى، حيث يتم تهريب السلاح فى شاحنات وقود فارغة إلى سيناء عبر نفق الشهيد أحمد حمدى أو معدية السويس أو من الإسماعيلية عبر عدة نقاط منها: معديات الفردان ونمرة 6 وسرابيوم والقنطرة غرب أو كوبرى السلام بقرية الرياح وذلك عبر مراكب الصيد بقناة السويس، ويتمثل المسار الأخير فى معدية بورفؤاد ببورسعيد.
المتعدد 500
يباع بسعر متوسطه، 70 ألف جنيه، ولا يجد المستعمل من هذا السلاح سوقا رائجة.
7آلاف جنيه تبدأ بها بورصة أسعار الأسلحة فى سيناء وتصل إلى نحو 250 ألفًا لبعض الأسلحة شديدة الفتك
“ المتعدد 250 وهو سلاح مضاد للمدرعات والدبابات، من الأسلحة التى لا يحرص عرب سيناء على امتلاكها، لكنها تجد سوقا لدى التكفيريين ويتراوح سعرها من 45 إلى 50 ألفًا ”
5 آلاف طن متفجرات
تم ضبط 5 أطنان متفجرات بنفق الشهيد أحمد حمدى وطن من مادة TNT كما تم ضبط 50 دانة مدفع وعشرات الألغام والقذائف الصاروخية فى محيط سيناء.
“ الـ«آر- بى - جى» يتوافر منه نوعان، ويباع النصف متر بسعر 22 ألفًا، والمتر بسعر 30 ألف جنيه ”
الرشاش الآلى
«العادى» من أكثر الأسلحة شيوعًا، ومن أنواعه الصينى الخفيف والثقيل والروسى».. وتتراوح أسعاره من 7 إلى 15 ألف جنيه.
500 صاروخ
أجهزة الأمن ضبطت أكثر من 500 صاروخ قبل تهريبها إلى سيناء خلال العامين الماضيين وتشمل الصواريخ مضادات للطائرات وجراد وكاتيوشا وصواريخ عابرة للمدن مهربة من ليبيا ومنصات لإطلاقها.