كلنا يعرف مثل "وجنت على نفسها براقش".. وبراقش هى كلبة لدى إحدى القبائل العربية، كانت نائمة تحرس رجال من هذه القبيلة فى عتمة الليل البهيم، عوت على بعض الخيالة قطاع الطرق، فانتبهوا لعوائها، وأدركوا وجود من تحرسهم، فتوجهوا إلى مصدر العواء، فوجدوا الرجال نائمين والكلبة تحرسهم، فذبحوا الكلبة وذبحوا الرجال.. وفى الصباح مر أحدهم فوجد القوم صرعى، وكذا كلبتهم براقش.. فقال: وجنت على نفسها براقش.. وصارت مقولته مضرب الأمثال على من يجنى على نفسه وعلى قومه.. هكذا كانت حركة حماس مع القضة الفلسطينية.. فهذه الحركة التى عرفت نفسها ـ طبقًا لميثاقهاـ بأنها الجناح الفلسطينى للإخوان المسلمين، وهى جزء من التنظيم الدولى يستقل علنيًا عن الجماعة، بينما هى فى الحقيقة محكومة بأهداف الإخوان وإستراتيجيتهم فى المنطقة وعلاقاتهم الدولية والإقليمية.. لا يعنيهم وطن الأرض إلا باعتباره وعاءً لاحتواء أهداف الجماعة، ومن ثم يفقدون الانتماء إليه، إذ إن وطن العقيدة هو الوطن ولا وطن سواه.. فإذا كان الإخوان المسلمون قد جاهدوا العصابات الصهيونية فى حرب 1948 م فإن جهادهم كان للجماعة وليس لفلسطين الوطن.. ولا أدل على ذلك من دخول جهادهم ضد اليهود فى سبات عميق منذ عام 1954 م.
وتفرغوا للجهاد ضد عبد الناصر، واستمر الإخوان المسلمون فى سباتهم العميق يشككون فى المقاومة والمقاومين ولم يساهموا فى أى عمل وطنى سياسيًا كان أو عسكريًا أو ثقافيًا ولم يدخلوا منظمة التحرير ولم ينطقوا كلمة واحدة مناصرة للثورة والشعب فى بيروت ومخيمات لبنان، بينما أرسلو الشباب إلى أفغانستان ليكونوا وقودا للحرب الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتى، بالتعاون مع أجهزة المخابرات العالمية.. وما تشكلت حركة حماس إلا خوفًا من الخروج من دائرة المقاومة عندما نشبت الانتفاضة الأولى بعد أكثر من ثلاثين عامًا.. وفى المقابل كان الدور المصرى فى القضية الفلسطينية يستحيل المزايدة عليه بحال لأنه معلوم ولا يخفى على أحد.. وظلت مصر على عهدها بالقضية حتى وصل الإخوان إلى حكم مصر.. وأصبحت حماس هى الذراع العسكرى للإخوان الموجه لقلب مصر.. منذ بدء التخطيط لثورة يناير.. فقد تورطت حماس فى اختراق الأمن القومى المصرى باختراق الحدود ومهاجمة السجون والأقسام وقنص المتظاهرين فى التحرير وتحول الجهاد الحمساوى عن الأراضى الفلسطينية إلى الأراضى المصرية، من مجاهدة الدولة العبرية إلى مجاهدة دولة عربية، من مجاهدة الإسرائيليين إلى مجاهدة المصريين.. فقد تسللت عناصر من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس إلى الأراضى المصرية بقصد حماية مرسى ونظام الإخوان، وفى سبيل ذلك ارتكبت كل الموبقات ضد أبناء الشعب المصرى على أيدى هذه العناصر.
صار بين الإخوة دم، ولم يبق بين الجيران غير حرق الزرع.. عملت حماس على حلم الإخوان وتنظيمها الدولى فى تكوين الخلافة الإسلامية، وفى سبيل ذلك داسوا على كل الثوابت الوطنية، وباعوا المبادئ والقيم والأخلاق والدين فى سبيل التنظيم، وقطعوا شعرة معاوية بين الشعب المصرى والشعب الفلسطينى ظنًا منهم أن الجماعة ما جاءت إلا لتبقى وما إلى زوالها من سبيل.. وها هى الجماعة قد أفل نجمها وغابت شمسها ومعها وبها ستغيب أمور كثيرة من حياة المصريين أرجو ألا يكون من بينها قضية فلسطين.
حـسـن زايـد يكتب: جـنـايــة الحـمساوية عـلى القـضـية الفلـسطـينية
الأحد، 21 يوليو 2013 07:21 ص