صناعة الحصير حرفة قديمة، عُرفت منذ أقدم العصور، عرفها الفراعنة القدماء واستخدموه فى فرش الأرض وتزيينها، وكذلك كانوا يلفون فيه موتاهم، وعرفه عرب شبه الجزيرة، كان الرسول يصلى عليه، وقال فى حديث الشريف "يستحب أن يُصلى على الحصير أوفروة مدبوغة"، كما كان يفترشه وينام عليه، وتوارثت الأجيال استعمال الحصير، وافتراشه فى منازلها، حتى غزت العولمة المجتمع الإسلامى، وحلت الموكيتات، والسجاجيد محله، فاختفى من البيوت المصرية رغم دلالته على التراث المصرى، ووصية الرسول باستخدامه.
وللحصير فوائد عديدة قد لا يعرفها الكثيرون، ممن يعزفون عن استعماله، ومنها أنه يساعد على تسوية فقرات العمود الفقرى، كذلك يساعد على الإحساس بالرطوبة للتخلص حر الصيف، ويعمل على التدفئة من برد الشتاء القارص، غير أن الجلوس على الحصير يعلمنا التواضع، ويكسب الجسد الحرية فى حركة الجلوس، هذا إضافة إلى أنه صناعة محلية، وبشراءنا له، نساهم فى اقتصاد الحرفيين المساكين الذين ترك معظمهم هذه الحرفة لعدم الإقدام على شراء الحصير، حيث إنه على مدى قرون من الزمن شكلت صناعة "الحصير" مصدر دخل اقتصادى للأسر التى تمتهنها كـ"حرفة" تقليدية فلكلورية، لأنها لا تكلف عبئا ماليا فى إعداد موادها، سوى وجود أياد بارعة تهندس شكل "الحصير" وتحدد مقاساته المربعة تارة، والمستطيلة تارة أخرى، دون الاستعانة بالمسطرة أو القلم.
وتمر صناعة "الحصير" بمراحل متعددة تبدأ من الحصول على "الأسل " وتركه ييبس تحت أشعة الشمس، ثم ينقع فى الماء مرة أخرى، وبعدها يدخل إلى الآلة الخشبية التى تسمى بـ"الحف"، ويخرج مستطيل الشكل وفق أشكال هندسية متقنة الصنع والنظارة، وتستغرق صناعة الحصير يوما واحدا تقريبا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة