عبد النبى مرزوق يكتب: الصلاح والصلاحية

السبت، 20 يوليو 2013 12:32 م
عبد النبى مرزوق يكتب: الصلاح والصلاحية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صلاح الفرد هو اللبنة الأولى لصلاح المجتمع ومفهوم الصلاح دائما يرتبط باتساق الفرد مع المنهج الربانى الذى وضعه الله عز وجل، وصلاح الفرد يقوم على دعائم أربع إلا وهى الهدى والتقى والعفاف والغنى وهذا ما كان يسأله الرسول صلى الله عليه وسلم فى دعائه.

أما الصلاحية فهى تعنى الكفاءة لتولى الأمر سواء كان هذا الأمر خاص بأمر أسرة أو أمر أمة والكفاءة تقوم على دعائم ثلاثة هى القدرة والعلم والخبرة وهذا وضح لما طلب يوسف عليه السلام من عزيز مصر أن أجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم، فيوسف قد تربى فى بيت الملك وعاين وعايش أمور الحكم وصناعة القرار قبلما يسجن ظلما وعدوانا، وهنا لما طلب المنصب قدم الصلاح على الصلاحية فكلمة حفيظ تجمع مبادئ الصلاح والتقوى مما يجعله أهلا لأن يكون حارس مؤتمن على ما اؤتمن عليه أما كلمة عليم وهى تشتمل على تمام الإدراك والمعرفة بأمور الحكم وشئون الملك لذا فهى تجمع مبادئ الكفاءة والصلاحية التى مكنته من العبور بالبلاد من كارثة المجاعة برشد التفكير وحسن التدبير.

أيضا يتضح معنى الصلاحية فى تولى الأمر لما طلبت ابنة شعيب عليه السلام من أبيها فى شأن نبى الله موسى عليه السلام حين قالت يا أبت استأجره أن خير من استأجرت القوى الأمين، وهنا يتضح من تقديم الصلاحية (القوة) على الصلاح، فطالما طلبت لأداء مهام وجب توافر الكفاءة أولا مقترنة بالصلاح المتمثل فى الأمانة.

وإذا ما جمعنا بين الأمرين أن تعرض نفسك لتولى منصب أو تطلب لأداء مهام، يجتمع فى الصلاح أمران هما الحفظ والأمانة ويجتمع فى الصلاحية أمران هما القوة والعلم وأنها لتمام الصفات فيمن يتولى أمر الناس وإدارة شئونهم أيا كان المنصب الذى وليه الفرد من رئيس مؤسسة إلى رئيس الدولة مرورا بالوزير ورئيس الحكومة.

وقد تعرض الفقه الإسلامى لأمر الولاية والقيادة ومدى توافر الصلاح والصلاحية فيمن يلى أمر الناس فإذا توافر الصلاح والصلاحية فبهما ونعمة أما إذا تخلف أحدهما قدمت الصلاحية على الصلاح ففجور الرجل على نفسه وصلاحيته وقوته تعود بالنفع على المسلمين.

وقياسا على ما مرت به مصرنا الحبيبة على مدار عقود مضت أنه كان اجتماع الأمرين كالعملة النادرة وقلما تأتى هذا حتى لجأ الناس إلى قبول الفاسد الكفء إلا أن التجربة أثبتت أن الفاسد كان فساده يطول العامة وكفاءته لا تنتج إلا لصالحه الشخصى ومن يدورون حوله، فعلى صعيد النمو كانت تتحقق معدلات نمو مرتفعة مقارنة بدول مجاورة لكن هذا النمو لا ينعكس إلى تنمية حقيقية يشعر بها المواطن إذ أن ثمار النمو تذهب إلى قلة ممن بيدهم الحكم وتصريف الأمور.

لذا قرر المصريون الرجوع عن هذا النهج والاتجاه إلى الجانب المعاكس بتقديم الصلاح على الصلاحية، فمن تتوسم فيه الصلاح لن يفسد ولن يسرق وقد يحسن التفكير والتدبير لكن التجربة أثبتت عكس الظن إذ أن غياب الكفاءة كان له عظيم الأثر وبالغ الأسى ومما ترتب على الفشل فى شهور قليلة كان اكبر واشد تأثيرا مما سببه الفساد على مدار عقود طويلة

والسؤال هل أن لنا أن نخرج من دائرة الفساد والفشل وهذا ما سيجيب عليه المستقبل القريب، وقانا الله ووقى مصرنا من الفساد وحزبه، والفشل وصانعيه.. أنه ولى ذلك والقادر عليه.








مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة