قالت دورية "فورين أفيرز" الأمريكية إن الجيش المصرى الذى لا يزال يعانى من آخر مشاركة له فى الحكم، سيتعامل بحذر هذه المرة على الأرجح. ولو تدخل فى العملية السياسية، فإن سيسعى إلى بعض الإذعان من الإسلاميين وسيرغب فى تشكيل حكومة انتقالية شاملة بشكل سريع.
وأشارت الصحيفة فى تقرير لها عن التطورات الراهنة فى مصر إلى أن أحداث الأسبوع الجارى تبدو فى بعض النواحى وكأنها نسخة متسارعة من أحدث ثورة 25 يناير. إلا أن يونيو 2013 ليس 25 يناير 2011. فحسابات الجيش المصرى أكثر تعقيدا، فالجنرالات الذين تدخلوا من قبل واحترقوا بنار هذا التدخل، سيكونون على الأرجح أكثر حذرا بكثير هذه المرة.
فلا يزال الجيش يضمد جروح العام والنصف التى قضاها المجلس العسكرى وهو يباشر مقاليد الحكم. والآن ربما يكون المتظاهرين فى مصر يهتفون "ارحل" لمحمد مرسى. لكن القيادة العسكرية لم تنس أن الكثير من هؤلاء المتظاهرين هتفوا "يسقط يسقط حكم العسكر". وهذا لا يعنى أن المهلة التى حددها الجيش أمس والتى منح فيها مرسى 48 ساعة لتلبية مطالب الاحتجاجات، خاوية. لكن لو تدخل الجيش، فإننا نتوقع أن يسلك مسارا مختلفا عما كان عليه الحال فى عام 2011.
ورأت فورين أفيرز أن بيان الجيش بالأمس كان مشابها فى أسلوبه للبيانات التى أعلن من خلالها المجلس العسكرى عن قراراته فى عام 2011. وأشعل البيان التكهنات بأن مصر متجهة نحو فترة أخرى من الحكم العسكرى. وتماما مثل الرسائل المبكرة السابقة، تم بث البيان ف التلفزيون الرسمى وامتلأ بالثناء على القوات المسلحة والجيش المصرى, وكان قصيرا فى التفاصيل بشأن خطط الجيش حول المضى قدما.
لكن برغم ذلك، فإن الفرق الرئيسى هو أن القادة العسكريين، وبعدما كانوا هدفا للإحباط الجماهير خلال عام ونصف، توصلوا إلى هذا القرار بتعب أكثر مما كان عليه الحال فى المرة الأولى. والحقيقة هى أن كبار الضباط تنفسوا الصعداء فى عام 2012 بعدما تحولت أعباء الحكم لمرسى والإخوان. وعاد الجيش بعد تركه للسلطة التنفيذية إلى موقف لا يحسد عليه لكونه المؤسسة التى تتودد إليها جميع الأطراف السياسية طلبا لدعمها. وحتى تحت حكم الإخوان، لا يزال الجيش يمارس سلطة كبيرة على شئون الأمن القومى ويحتفظ بمميزات تتعلق بميزانيه وإعفاءات ضريبية على أعماله الاقتصادية.
وتمضى الصحيفة قائلة إن الجائزة التى حصل عليها الجيش بعد ترك ممارسة السلطة، كانت استقراره الداخلى. إلا أن التهديد بالفوضى ربما يدفع الجيش مرة أخرى للتدخل فى شئون العملية السياسية، بعد الأحداث التى شهدتها مصر على مدار الأشهر القادمة. ورغم أن الفوضى ليست جديدة لكن الأمر يزداد سوءا، وفقدت الجماهير الثقة فى مرسى بشكل واضح.
وترى فورين أفيرز أن الجيش عندما اختار على ما يبدو أهون الشرين، فإنه سيتبع نهج التدخل بحذر. أولا الاستقرار له الأولوية، ثم ويسعى الجيش إلى قدر من الإذعان من الإسلاميين فى الخطة التالية.
وتحذر الدورية الأمريكية من أن التدخل العسكرى فى ظل غياب التأييد الإسلامى قد ينذر بحرب أهلية أشبه بما شهدته الجزائر فى التسعينيات. وللتخفيف من إمكانية حدوث رد فعل عنيف، يستطيع الجيش أن يقنع الإخوان بالتفاوض مع المعارضة. وإذا تعذر، يمكنه أن يحاول الوصول لإسلاميين آخرين كالسلفيين أو حزب مصر القوية أو حزب الوسط.
ثانيا: لو تعلم الضباط شيئا من تجربتهم السابقة، فهو أنهم لن يحكموا بواجهة مدنية زائفة. فسيحتاج الجيش لتشكيل حكومة تصريف أعمال فعلية مع تمثيل لكل القوى السياسية، برغم صعوبة الأمر فى ظل غياب التوافق السياسى. وعن الأطراف التى يمكن أن تتولى تلك الحكومة، تحدثت صحيفة عن عبد المنعم أبو الفتوح وقالت إن له اتجاهات ثورية وأيدلوجية تحظى بقبول واسع، لكنه كان من المنتقدين للحكم العسكرى. وهناك حزب النور، فرغم تأييده للإخوان من قبل إلا أن حاول أن يلعب دورا وسيطا بينهم وبين جبهة الإنقاذ، إلا أنه يمكن أن يكون لعنة لكثير من العلمانيين. والإخوان لا يريدون مشاركة الحكم مع المعارضة التى يرونها أقلية صغيرة تحاول الانقلاب على رئيس منتخب. وأى تقسيم للكعكة سيشهد شجارا بين الكتلة غير الإسلامية التى يوحدها فقط معارضتها للإسلاميين.
وعند هذه النقطة، لا يوجد ما يشير إلى لأن الجنرالات لديهم خطة تناسب هدفهم، وهو الاستقرار، مع وسائلهم وهو التدخل العسكرى. ومن شأن التدخل أن يفاقم من الفوضى على المدى القصير، مع زيادة الضغوط من جانب المعارضة، ومحاولة الإخوان وحلفائهم كسب أنصار لهم فى الشارع. لكن الجيش قد قام بالفعل بالخطوة الأولى فى هذا المستنقع، ويجب أن يحبس أنفاسه وهو يقوم بالخطوة القادمة.
فورين أفيرز: الجيش تعلم من تجربته السابقة وتدخله هذه المرة سيكون بحذر شديد.. الضباط لن يحكموا بواجهة مدنية زائفة وسيسعون على تشكيل حكومة تسيير أعمال فعلية من كافة القوى السياسية
الثلاثاء، 02 يوليو 2013 11:18 ص
الفريق أول عبد الفتاح السيسى