سعيد هلال يكتب: متى تمتلك الحقيقة؟

الثلاثاء، 02 يوليو 2013 04:05 م
سعيد هلال يكتب: متى تمتلك الحقيقة؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تائه بين شوارع وحوارى الحياة ودروبها، أتلمس الطريق إلى أرض خضراء نورانية، تشع منها الحياة، فالذى كنت فيه لم يكن إلا سراباً كنت أحسبه ماءً، حتى إذا اقتربت منه وأردت أن أتحسس معانيه وحروفه وأفكاره فإذا به لا شيء، لا ماء، ولا حياة، ولا مشاعر إنسانية ترتقى بنا ونرقى بها.. إلى أن عثرت على نفسى، بعد أن ضاعت بين دمعة وجرح، يصعب الخروج منهما بسهولة، وكان العثور على نفسى بمثابة العثور على الحياة.

تعلمنا أن الكلمة بجوار الكلمة أصبحت جملة، والجملة بجوار جملة أصبحت حكاية، والحكاية لها بداية، والبداية لابد وأن يكون لها نهاية، لذلك سأضع الجملة تحضن الجملة لنصل فى النهاية إلى الحقيقة.

سألت نفسى لماذا أكتب؟
أجابت: أكتب كما قال نزار قبانى: كى أفجر الأشياء بداخلى، فالكتابة انفجار (وأيضا كى ينتصر الضوء على العتمة.. فالكتابة انتصار) اكتب كما قال الأديب التركى "أورهان باموك" أحد أشهر من فازوا بجائزة نوبل فى الآداب: أكتب لأننى لا أستطيع أن أتحمل الحقيقة وحدى، ولأننى عزمت على مقاومة هذه الحقيقة لتعيشوها معى.

ليست الكتابة ترفهاً ولكنها فريضة، أن يكتب الإنسان فكرته وتجربته وذكرياته وهو مدرك لأهمية الكتابة، ليعلم ويتعلم من تجربته.

متى تستطيع أن ترى الحقيقة وتتقبلها؟ سؤال سألته لنفسى كثيراً، واحترت فى إجابته رغم أنى كاتب سيناريو وصاحب خيال واسع، إلا أن إجابة هذا السؤال لم استطيع الإجابة عليه، ربما يرجع ذلك لأشياء كثيرة.

لكن السؤال الثانى هو الأصعب.. هل كانت الحقيقة غامضة لهذه الدرجة؟
فى الحقيقة لا، فقد كانت تحت عينى طول الوقت ولكنى لم أره، فالإنسان لا يرى ما لا يحب، فإذا رأى ممن يحبهم ما لا يحبه بحث لهم عن تبرير يستقيم مع حسن ظنه وتفسير أقرب لفكرته وعاطفته، والحقيقة أنك تستطيع رؤية الحقيقة إذا خرجت من مشاعرك (نعم هذه هى الحقيقة وهذه إجابة السؤال الأول.. متى تستطيع أن ترى الحقيقة وتتقبلها؟ الإجابة: إذا خرجت من مشاعرك).

فالمشاعر تصنع للأشياء التى نراها (رتوشاً) وألواناً مبهجة، بل المشاعر فى بعض الأحيان تغير الحقيقة تماما وتستبدل أشياء أخرى مكانها، لذلك ستظل الصورة المزيفة للأشياء التى نحبها ساكنة فى وجداننا لا نصدق عنها ما يغيرها أبداً، وقد نصل فى سبيل الدفاع عن الصورة المزيفة التى نحبها إلى درجة (رجم كل من يضع الصورة صادمة بلا رتوش أمام عيوننا) وقد نتمادى فنكذب عيوننا ونسفه أسماعنا عن سماع الحقيقة.

وعلى نفس المنوال أيضاً سيظل التصور الكريه للأشياء التى نكرهها قابضاً على قلوبنا، أقولها بصدق وعن تجربة شخصية لن تستطيع أن تحكم على الأشياء أبدا وأنت تحب وتكره، لن تستطيع أن تحكم بمشاعرك أبدا، فإذا جرٌدت نفسك (ما استطعت) من المشاعر حينها فقط ستتاح لك الفرصة لاقتراب من (الصورة الحقيقية).

وحينما كنت أعيش فى (المشاعر الناعمة الحالمة) لم أر إلا ما يحرك هذه المشاعر الجميلة، وكنت أضع غطاء وساتراً على الأشياء التى قد تزعج خاطرى وتقلقل مشاعرى وأى شيء يكون موجعاً ومزعجاً، وهكذا نحن جميعاً، فكل من انفعل بفكرته واندمج فيها ومشى بقلبه معها لا يمكن أن تطالبه برؤية محايدة، فالحياد ضد المشاعر (الحياد ضد المشاعر.. وكذلك الحقيقة ضد المشاعر) لا يمكن أن ترى الحقيقة إلا بعد أن تفصل نفسك عن مشاعرك.

ولذلك فإننى لم أتعرف على الحقيقة إلا بعد أن اقتربت من منطقة الحياد، وشيئاً فشيئاً رأيت الصورة الحقيقية بعد أن فصلت نفسى عن مشاعرى.








مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عصام الكحلوت

.

أكتب أكثر .. فالكتابة انتصار

عدد الردود 0

بواسطة:

سعيد هلال

فارس الكلمة

شكرا جدا استاذ عصام وتحياتى للمرورك الكريم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة