تهديدات الرئيس مرسى إلى الإعلاميين فى خطابه الأخير بدأت تخرج من نطاق الكلمات المرسلة إلى التهديد الفعلى، حيث فوجئت القنوات الفضائية الخاصة والعديد من الإعلاميين بخطابات تهديد وجهتها هيئة الاستثمار والمنطقة الإعلامية الحرة إلى بعض القنوات بالإغلاق بحجة عدم التزامها بالحيادية ومهاجمة النظام الحالى.
وأصدرت شبكة تليفزيون النهار ومجموعة قنوات On T.V ومجموعة قنوات CBC ومجموعة قنوات الحياة وقنوات القاهرة والناس ومجموعة قنوات دريم، بيانا قالت فيه: إنها ترفض تلك التهديدات، حيث قال البيان: «ترفض القنوات الفضائية المصرية الخاصة.. خطابات التهديد التى وردت إليها من هيئة الاستثمار والمنطقة الإعلامية الحرة، وهو ما تعتبره القنوات الخاصة انتكاسة للحريات التى نالها الشعب بفضل دماء وتضحيات شباب مصر خلال ثورة يناير المجيدة، التى أسقطت نظاما اعتاد حصار الحريات والتضييق عليها بمثل تلك الإنذارات، وتؤكد القنوات الفضائية للحكومة ووزارة الاستثمار أنها لن تقبل التنازل عن المكتسبات التى منحها لها الشعب». وتطمئن القنوات المستقلة الشعب المصرى بأنه لن يرهبها تهديد.. مضيفة: لن نتراجع قيد أنملة عن الدفاع عن حق المواطن فى المعرفة، والدستور المصرى الأخير يحظر فى مادتيه 45 و48 غلق القنوات أو مصادرة الصحف إلا بحكم قضائى.. وهو ما يستوجب اتخاذ كل الإجراءات القانونية التى تحفظ للإعلام المستقل حريته وللمواطن حقه فى المعرفة.
وإضافة إلى البيان حرصت عدة قنوات فضائية على وضع شريط أسفل الشاشة توضح فيه أن تلك التهديدات غير دستورية وتتعارض مع الدستور المصرى الذى وضعه النظام الحالى، بينما لجأت قنوات أخرى إلى التنبيه على جمهورها بأن إرسالها ربما يتعرض للتشويش فى الفترة المقبلة، وإذا حدث ذلك فهناك وسائل أخرى لمشاهدتها عبر شبكة الإنترنت.
وأثارت تلك التهديدات غضب واستياء عدد كبير من الإعلاميين ووصفوها بالمهزلة الإعلامية والانتكاسة الواضحة للحريات فى زمن من المفترض أنه زمن الديمقراطية، ويأتى فى مقدمتهم الإعلامى عمرو الكحكى رئيس شبكة قنوات النهار، الذى رفض خلال تصريحاته لـ«اليوم السابع» مثل هذه الإنذارات والتهديدات، موضحا أن قناة النهار منذ افتتاحها تحارب العنف فى أى مكان وتكشف مستخدميه، مهما كانت ميولهم واتجاهاتهم السياسية، موضحا أن القناة عرضت فى حلقات سابقة تعرض مقر حزب الحرية والعدالة بالإسكندرية للاعتداء من قبل مجهولين، وهو نفس الوضع بالنسبة لمقراتهم بمحافظة الدقهلية، وقامت النهار بعمل تحقيق إعلامى يتناول هذا، وحاولت الكشف عن هوية المتورطين، فلماذا يوافقون على ما فى صالحهم، ويرفضون من ينتقدهم.
وأضاف الكحكى أنه طوال فترة عمله بقناة الجزيرة وقبل افتتاح قناة النهار، يسير على نهج معين وهو الكشف عن الفساد أيا كان، وهو ما حدث بالفعل من مهاجمته لنظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، عند تقييده لحرية الإخوان والقبض على رموزهم مثل خيرت الشاطر وحسن مالك، وهناك فيديوهات مسجلة تثبت ذلك.
وأشار الكحكى إلى أن وزير الاستثمار الحالى يسير فى طريق غير مفهوم، خاصة أن قناة النهار تلتزم الحيادية الإعلامية منذ افتتاحها وحتى الآن، متسائلا: ماذا يريد هذا الوزير والنظام التابع له من القناة، هل تقدم ما يريدونه فقط؟ أم تعمل على إظهار الحقائق، بصرف النظر عن أصحابها؟ مضيفا أن قنوات النهار تضع منذ فترة على شاشاتها حملة «لا للعنف»، لأن القناة تخشى على الدم المصرى بمشاعر صادقة وأمينة، وليست مفتعلة.
ووصف الإعلامى الكبير مفيد فوزى هذا الحدث بالخوف والجبن والرعب من قبل الإخوان من الأوضاع الحالية والمسيرات الهائلة المطالبة برحيلهم، موضحا أن الإخوان سيظلون فى حالة رعب شديدة من الكلمة الناقدة، لأنها تكشف حقيقتهم وتريهم صورتهم القبيحة فى المرآة، وهذه المرايا التى يرى فيها الإخوان أنفسهم مطلوب تكسيرها حتى لا يروا أنفسهم ولا يراهم الناس، ومن هنا تأتى الإنذارات التى وصفها بالكيدية، وأضاف فوزى قائلاً: أعتقد أن رئيس الدولة محمد مرسى يفهم تماما سر خطورة تلقى الناس فى مصر معلومة تكشف حقيقة الجماعة المنتمى إليها، مشيرا إلى أن الخطورة الكبيرة التى يراها الإخوان من وراء الإعلام أنه كاشف للحقائق وغير مجامل لأحد، وهم لا يمتلكون الدهاء السياسى الذى يتيح لهم الاستمرار فى الكذب، معلقا: ما يفعله الإخوان حاليا يدعو للرثاء.
ووجه فوزى رسالة لوزير الاسثتمار قائلا: لقد حاول الكثيرون من قبلك أن يسلكوا مثل هذه الطرق إرضاء ً للأنظمة التى كانوا يعملون بها، ولكن أسقطهم التاريخ من حساباته.
وأعرب الإعلامى وائل الإبراشى عن استيائه الشديد من القرارات الفاشلة التى يتخذها النظام الحالى، موضحا أن هذه الإنذارات استكمال لكبت الحريات التى بدأها النظام منذ توليه السلطة، والتضييق الواضح على الصحفيين والإعلاميين والذى بدأه بإغلاق قنوات دريم بحجة أنها تبث من الخارج، وأوضح الإبراشى أن النظام الحالى يعتبر من يعارضه أو ينتقد سياساته الفاشلة غير القادرة على إدارة البلاد، بأنه خائن وعميل ولابد من القضاء عليه، وتحجيم دوره، وأضاف الإبراشى: إن أخطاء الحرية تعالج بمزيد من الحرية، ولا تعالج أبداً بإلغاء رخصة القنوات الفضائية أو بتهديدها بالعقوبات المختلفة، كما أنه كان واجبا على الحكومة الحالية أن تهتم فى المقابل بقانون لتداول المعلومات، يعطى للإعلاميين الحق فى الحصول على المعلومات ويلزم الوزراء والمسؤولين بإعطائهم المعلومات بدلاً من التفكير وإغلاق القنوات الفضائية.
وقالت الإعلامية القديرة درية شرف الدين، إن إرسال وزارة الاستثمار للفضائيات المختلفة مثل هذه الإنذارات هو استكمال للقرارات الخاطئة التى يتخذها النظام الحالى فى مواجهة غضب الشعب ضده، مشيرة إلى أن الرئيس مرسى وجماعته قاموا بمعاداة القضاء والنخبة السياسية والمثقفين والمبدعين بل والشعب المصرى بأكمله، وكان الإعلام هو الشىء المتبقى لهم لعداوتهم، لافتة إلى أن هذه الإنذارات لم تصبها بالدهشة لأنها كانت متوقعة من قبل نظام سياسى غير مدرك لطبيعة الأمور من حوله، وقراراته كلها غير مدروسة مما تعود عليهم بأثر سلبى، وأضافت درية شرف الدين أن النظام الإخوانى الحالى، لم يتخذ عبرة من النظام السابق عندما قطع الإنترنت على جميع الثوار لمنع تواصلهم، الأمر الذى ضاعف أعدادهم فى الميادين.
وأشارت شرف الدين إلى أنه فى حالة استمرار التضييق على الفضائيات أو إغلاقها بالفعل من الممكن أن تبث هذه القنوات من أقمار أخرى وهم كثر فى المنطقة العربية، وتبتعد عن النايل سات وهذا سيعرض الدولة لخسارات فادحة.