تفرد مجلة الثقافة الجديدة فى عددها 273/يونيو2013 صفحاتها للسخرية والضحك وفنون اللطش الشعبية، ليكون هذا العدد ذخراً لكل من يحب التعرف على سخرية المصريين.
يفتتح العدد د. جمال العسكري بمدخل مهم يركز على تاريخية السخرية والضحك عند المصريين وأهمية استخدامه كوسيلة تستطيع أن يعبر من خلالها عن مشاعره، وينتقد بها الأوضاع الاجتماعية والسياسية المختلفة، ويشهر ويقرع بها كل صاحب سلطة وجاه، وهى فى كل حالاتها مادة للترويح عن النفس توفر الخروج الآمن السهل من الألم إلى السعادة والمرح.
فيقول "عسكر" فى العدد: "السَّخَر على هذا ينمى فى العقل المصرى دائماً دقة اللمحة، وذكاء الخاطر، ورهافة الحس، والقدرة الفطرية على التدسس بين سطور المكتوب وعبارات المنطوق وخيالات الحكايات.. وإدراك المرامى البعيدة خلق هذا كله مهما غارت فيه أعماق الزيف والمراوغة والخبث، هذه هى سخرية الشعب العظيم، تلك التى كانت دائماً أداته الأولى التى يستعين بها للابتسام الهادئ أمام أقداره العظام التى واجهها ومازال يواجهها، وهى الأداة نفسها التى يستطيع من خلالها عبور معوقات الكذب البراقة المنبعجة لفرط خفتها وخوائها، والاستواء على الطريق السديدة مركزاً جهده وطاقته على الفعل الخلاق مهما أهمله المهملون وغفل عنه الغافلون".
يضم هذا العدد من المجلة أيضا ملف الأدب الحديث عن السخرية فى مختلف تجلياتها، فكتب الدكتورشاكر عبد الحميد "السخرية بين الجاحظ وباختين"، و يكتب الدكتور إيهاب المقرانى "بلاغة السخرية فى التراث العربى"، ويكتب محمد إبراهيم عبد العال "استراتيجيات السخرية فى النص السردى الحديث".
ومن السرد إلى الشعر، حيث يقدم عبد العزيز جمال الدين فى دراسته " الشعر المصري والمقاومة" مبرزاً دور الشعر التحريضي، ومركزاً علي تعدد أشكال المقاومة لاستبداد الحكام والسلطة فى مصر، حيث كانت السخرية شكلاً مهماً من الأشكال التي اعتمد عليها الشعراء فى المقاومة قديماً وحديثاً. يقدم كاتباً ساخراً هو الكاتب التركي عزيز نسين ومختارات من قصصه.
أما ملف العدد فهو بعنوان "أمراء الضحك" ويضم مقالات عن أشهر الكتاب الساخرين فى مصر يتحدث عن حياتهم وأعمالهم، وما قدموه من بسمة ومتعة للقارئ وكيف كانت السخرية أداة فنية سحرية فى أيديهم، وما يميز كل واحد فيهم، فكتب السيد الخميسى "محمود السعدنى.. الكاتب الساخر"، وكتبت ناهد صلاح "نجيب الريحاني.. ضحكة مصر المخطوفة"، كما كتب محمد إبراهيم طه "بلال فضل.. كاتب جاد يتخفي خلف كاتب ساخر"، وأيضاً زياد فايد كتب "محمد عفيفى.. سحر لا يقاوم"، وكذلك حمدي البطران يكتب "شوفى أبو ناجى.. عبقرية لم تجد من يقدرها".
هذا إلي جانب أبواب المجلة الثابتة التي تضم كثيراً من المختارات الأدبية فى الشعر والقصة والترجمة. ويختتم العدد بكلمة للأديب حمدي أبو جليل تعتبر مخرجاً مناسباً لهذه الباقة المزدهرة، حيث تحدث عن رواية "كلبى الهرم كلبى الحبيب" لأسامة الدناصوري والتى اعتبرها الرواية النموذج فى باب السخرية و"النقلة فى تاريخ السخرية المصفاة، سخرية الإنسان الذي عجن الحياة وخبزها وتجرعها مرارات حتي تصفى تماماً وبلغ تلك المرتبة الرفيعة التى لا ترى الخير خيراً ولا الشر شراً وإنما فعلاً إنسانياً جديراً بالفهم والتأمل والضحك".