نبيل فهمى، وزير خارجية مصر، شخصية دبلوماسية مرموقة، كان ولازال أمل الكثيرين فى أن يكون أداة التوجيه الصحيحة للدبلوماسية المصرية بعد الثورة، خاصة أن الخارجية المصرية أصابها عطبا شديدا خلال العاميين الماضيين، لتأثرها بالأحداث الداخلية، وصعود تيارات سياسية كانت تحاول السيطرة عليها من خلال عديمى الخبرة الدبلوماسية.
ووسط الكم الهائل من التحديات التى تواجه الوزير الجديد، سواء كانت متعلقة بإعادة هيكلة الوزارة داخليا بعد العبث الذى لحق ببعض قطاعاتها مؤخرا، أو وضع استراتيجية جديدة لسياسات مصر الخارجية، وتحديدا فى علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا والأشقاء العرب، فإن أمام فهمى قضيتين يجب أن يولى لهما اهتماما شديدا كونهما يحظيان على الاهتمام المصرى حاليا، لارتباطهما بما تشهده مصر حاليا من تغيرات وفهم العالم لما حدث بعد ثورة تصحيح المسار.. الأولى هى البعد الأفريقى لمصر، وهى قضية غاية فى الخطورة، خاصة أن مصر المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية التى ما تحولت إلى الاتحاد الأفريقى، والداعمة بقوة لحركات التحرر الأفريقى، هى الآن معرضة لتعليق عضويتها بالاتحاد، بعد أن صدر قرار مؤخرا من مجلس السلم والأمن الأفريقى بتجميد أنشطة مصر داخل الاتحاد الأفريقى، بعد عزل الدكتور محمد مرسى شعبيا وتعليق العمل بالدستور.
لم يكن يتخيل أحد أن تصل مكانة مصر أفريقيا إلى هذه الحالة التى نصل فيها إلى وقوف دول القارة أمام ما تشهده من تغيرات ديمقراطية، وينسوا ما فعلته القاهرة من مجهود لكى تتحرر هذه الدول من براثن الاحتلال، لكن فى النهاية العيب ليس فى أفريقيا وإنما فينا نحن لإهمالنا الشديد عمقنا الأفريقى، لذلك فإن الوزير الجديد للخارجية المصرية عليه أولا أن يتعامل بدبلوماسية شديدة مع قرار السلم والأمن الأفريقى، وألا يكتفى بالمبعوثين الذين تم إرسالهم لدول القارة لتوضيح الصورة الحقيقة لهم، لكن عليه أن يدعو نظراءه الأفارقة لزيارة مصر لكى يروا على أرض الواقع ما حدث، على أن يقترن ذلك بوضع استراتيجية حقيقية وفعالة للتعامل المصرى مع أفريقيا، على إلا تكون هذه الاستراتيجية قاصرة على وزارة الخارجية فقط، وإنما تشمل كافة وزارات وهيئات الدولة ورجال الإعمال العاملين فى القارة حتى نحاول كى الجرح قبل أن يتفاقم.
أما القضية الثانية فإنها تتعلق بهذا الوقاحة والتدخل الفج والصريح من جانب المدعو رجب طيب أردوغان وحكومة تركيا فى الشأن الداخلى المصرى، وبثه السموم ليل نهار ضد إرادة الشعب الذى انتفض ضد حكم الإخوان المسلمين، وحلفاء أردوغان فى مصر، فكما قلت فى مقال سابق فإن الخارجية يجب أن يكون لها موقف حازم تجاه ما يصدر من تصريحات وأفعال من تركيا والتى تجاوزت كل الحدود، واعتقد أن مسألة الاحتجاج أو التصريحات التى تعبر عن الشجب والاستنكار لن تفيد فى هذه الحالة، فأردوغان وصل إلى درجة من الصلف لا تحتمل، ويجب التعامل معه بقوة لا تقل عن استدعاء سفيرنا من أنقرة للتشاور، وبحث وقف العلاقات الاقتصادية مع تركيا، حتى يكف هذا الأردوغان عن استخدام لغة الاستعلاء ولغة المحتل.
أعلم أن نبيل فهمى معجب بتجربة تركيا، لكنى أطالبه بألا يكون إعجابه هذا سببا فى خنوع مصر لأردوغان وأمثاله ممن تطاولوا على مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة