لاشك أن جماعة الإخوان المسلمين التى نشأت فى أوائل القرن الماضى كان هدفهم الأساسى هو الوصول إلى سدة الحكم بأى طريقة ممكنة، فاتخذت من الدين وسيلة باعتباره الطريق الأسرع للوصول إلى أكبر قاعدة من الشعب، فإذا قلت الدين قال الناس سمعنا وأطعنا، لا يفكر الإنسان البسيط فى ماهية هذه الفكرة إنما يكفى أن تقول لهم نحن إسلاميين وفى المقابل من يعارضنا فى الرأى هو ضد الإسلام.
فليس كل عامة الشعب ممن لديه القدرة على التفرقة بين الدين كعقيدة والدين كسياسة، فوجد الإخوان صعوبة فى الوصول إلى طبقة المثقفين والعلماء ووجدوا غايتهم المنشودة فى الطبقة الفقيرة والتى ثمثل عامة الشعب.
وساعدهم فى ذلك السلفيين بصفتهم أكثر تواصلا مع الطبقة الكادحة. وكطبيعة الثورات فى العالم والتى يرويها التاريخ أن الثورات تقوم عندما تنعدم الطبقة الوسطى أو يختفى دورها وهى طبقة المثقفين والعلماء فتنقلب طبقة الفقراء على الطبقة الحاكمة .
فى تلك الآونة جرب الإخوان المسلمون كافة الطرق المشروعة منها وغير المشروعة فحملوا السلاح الذى دمر طموحهم ولم يجدى حمل السلاح نفعا بل ألقى بهم إلى غياهب السجون والمعتقلات.
ولما كان الحاكم كل ما يهمه هو الحفاظ على بقائه فى الحكم فأتخذ من قطاع الشرطة أداة ضد المواطن وكل من تسول له نفسه معارضة نظام الحكم فساعد ذلك كثيرا الإخوان فى توسيع قاعدة المناهضين للحكم، فأصبح المواطن تحت تأثير الدين من جهة وتأثير النظام القمعى للشرطة من جهة أخرى فأصبح المواطن مشبعا بالكراهية للنظام.
وذلك فى غياب تام لدور المثقفين والعلماء سواء كان ذلك عن عمد أم إجبار أم إهمال فالنتيجة واحدة. فأصبح المواطن البسيط يرى أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة مقهورة من قاهرهم فاشترك المواطن والإخوانى فى القهر.
عندما قامت ثورة 25 يناير نزلت الملايين المقهورة من المواطنين وشاركهم فى الأيام التالية جماعة الإخوان.
وحتى لا نطيل عندما سقطت الشرطة سقط النظام ووصل الإخوان إلى مبتغاهم بعد ثمانين عاما من العناء ففرح بهم المواطن، وقال ها أنذا قد وجدت بغيتى، لم يدم الفرح طويلا فالإخوان الذين الذين استمروا ثمانين عاما يفكرون كيف يصلون إلى الحكم لم يفكروا فى كيفية الحكم فسقطوا فى سنة أولى حكم.
عندما قامت ثورة 30 يناير تصالح المواطن مع الشرطة ونزلت طبقة المثقفين إلى الشارع فقد الإخوان القاعدة الشعبية التى كانت مصدر قوتهم .
فعاد الإخوان إلى فكرة الترويع وحمل السلاح ورغم أن تلك الطريقة لم تثبت جدواها طيلة ثمانية عقود، إلا أن التخبط الفكرى سول لهم أنهم يستطيعون بها الرجوع إلى الحكم.
الفرصة الذهبية الآن مطروحة أمام الإخوان المسلمين لو تركوا الميادين وعادوا لترويج فكرة الجماعة المقهورة التى سُلب منها الحكم بالقوة واكتسبوا تعاطف المواطن مرة أخرى، وهناك انتخابات رئاسية قادمة يستطيعون حشد أصوات فى تلك الفترة لكان أجدى وأنفع، وقد جربوها قبل ذلك وكانت لها نتيجتها.
إن استمرارهم فى الشوارع والميادين وترويع الآمنين والتهديد بالسلاح سوف يقضى على البقية الباقية ممن تعاطفوا معهم واعتصموا معهم بالميادين. الفرصة ما زالت سانحة لكم والأمر إليكم فانظروا ماذا تفعلون.
مظاهرات رابعة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة