ولم تقتصر القضية على قيادات الوزارة – التى تنفرد اليوم السابع بنشر تفاصيلها بالمستندات - بل امتدت لعدد آخر من الجهات الخارجية، حيث دأبت جمارك الإسكندرية على صرف مكافآت شهرية لعدد من قيادات بنك الاستثمار القومى، ووزارة التنمية الاقتصادية سابقا "التخطيط والتعاون الدولى حاليا"، بإجمالى مبلغ 2 مليون و25 ألفا خلال هى مكافآت موجهة لعاملين بجهات خارجية خلال 3 سنوات مالية، وهو ما تمكنت اللجنة من حصره حتى الآن.
وتمكنت الوزارة من كشف هذه القضية من خلال قيام لجنة تضم ثلاثة من المراقبين الماليين هم محمد عبد السلام حسن، وهانى عبد العليم محمود، ومحمد جمعة السيد، وكان تشكيل اللجنة بهدف حصر كافة ما يتقاضاه العاملون بمكتب رئيس مصلحة الجمارك شهريا من حوافز ومكافآت، وذلك ضمن أعمال وحدة التفتيش المالى والقانونى التابعة لمكتب وزير المالية، والتى أنشأها الوزير السابق فياض عبد المنعم حديثا مطلع الشهر الجارى لضبط أى قضايا فساد بالوزارة.
وأثناء قيام المراقبين الماليين بالحصر المطلوب، كشفت اللجنة صرف مبالغ مالية شهريا بالخصم على موازنة مصلحة الجمارك، كمكافأة بواقع 3 أشهر تصل أحيانا إلى 6 أشهر فى الشهر الواحد لبعض قيادات وزارة المالية وبعض العاملين بها، وبجهات تابعة لها مثل مصلحة الضرائب المصرية، والهيئة العامة للخدمات الحكومية، ومصلحة صك العملة، وجهات أخرى مثل الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، والهيئة العامة للمطابع الأميرية.
نتيجة للمخالفات التى كشفتها اللجنة بالمصادفة البحتة، طلبت اللجنة من رئيس قطاع الأمن والخدمات المالية بجمارك الإسكندرية موافاتها بصورة من استمارات الصرف لبعض العاملين بجهات خارجية وموافقة السلطة المختصة على الصرف، وهو ما وافق عليه رئيس القطاع مؤشرا بالاستجابة لطلبات أعضاء اللجنة.
ورغم الموافقة السابقة من قبل مسئول الجمارك، إلا أن فوزى عمار رئيس الإدارة المركزية للخدمات المالية رفض إمداد اللجنة بالمستندات اللازمة، وهو ما حدا بتدخل وليد شرابى المستشار القانونى لوزير المالية السابق لتسيير أعمال اللجنة، على أن تستمر فى عملها داخل ديوان عام مصلحة الجمارك بالإسكندرية واستكمال الحصر، على أن يكون فى الفترة من العام المالى 2008/2009 حتى 2011/2012، ومن حق اللجنة ضبط أى مخالفات تظهر أثناء المأمورية.
وتم ضم اثنين من الباحثين القانونين بالإدارة المركزية للشئون القانونية بقطاع مكتب الوزير إلى اللجنة، هما أمل عبد الوهاب حسن، ومصطفى محمد خليفة لمعاونة اللجنة فى إتمام مهمتها.
وخلال أسبوعين عمل فقط، كشفت اللجنة تقاضى القيادات السابق الإشارة إليهم مكافآت شهرية تحت عنوان "مكافأة تشجيعية للمثلى وزارة المالية، وبنك الاستثمار"، وهو ما كشفته استمارات الصرف عن أعمال تدخل ضمن صميم عملهم الأصلى.
ونصت بعض استثمارات الصرف التى تم فحصها على "أن ممثلى وزارة المالية بقطاع الموازنة العامة للدولة وبنك الاستثمارات القومى يقومون بجهد واضح وملموس فى حل المشاكل والمعوقات من خلال تنفيذ الخطة والموازنة وإتاحة التمويل المطلوب للخطة الاستثمارية للمصلحة، الموافقة على تحفيزهم تقديرا لدورهم البارز، وتأشير رئيس المصلح بصرف مكافأة 3 شهور كل منهم طبقا للسوابق"، فضلا عن عدم كونهم ممثلى وزارة المالية بمصلحة الجمارك بحسب تقرير اللجنة.
ومن ضمن كبار قيادات وزارة المالية المتورطين بتقاضى مكافآت من الجمارك بالمخالفة للقانون، عاطف ملش رئيس قطاع الموازنة العامة للدولة، وكارم محمود رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية، وعبد الستار قطب رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية السابق، وحسن منير رئيس قطاع الموازنة العامة السابق، ومحمد الإبراشى رئيس قطاع الموازنة العامة الأسبق أيضا، ومحمود عبد الجواد رئيس الإدارة المركزية لموازنة الجهاز الإدارى للدولة، وعماد عبد الله مدير المديرية المالية لمحافظة القاهرة، وآخرين.
وأكد تقرير اللجنة على أن ما تم كشفه من مخالفات يقع ضمن جريمة التربح والتى تهدد النزاهة الوظيفية العامة لأنها تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها، وقال نصا: "المخالفات السابقة تنطوى على شبهة الإضرار العمدى بالمال العام وتسهيل الاستيلاء عليه بالاستغلال الوظيفى بغرض التربح لبعض العاملين بوزارة المالية وبجهات أخرى".
وأحال الوزير السابق الدكتور فياض عبد المنعم قبل ساعات من حلف الحكومة الجديدة لليمين الدستورية، القضية للنيابة الإدارية صباح الثلاثاء، على أن تستمر اللجنة القانونية فى أعمال الحصر، وفى رد فعل سريع منها طلبت النيابة فى اليوم التالى مباشرة من أعضاء لجنة المراقبين الماليين الحضور للنيابة لبدء مناقشة التقرير والاستماع لأقوالهم الاثنين المقبل.
وحاولت قيادات الوزارة المتورطة فى القضية إثناء الوزير السابق عن إحالة الملف للنيابة وطلب سحبه مرة أخرى، وهو ما رفضه الوزير السابق فى آخر أيام عمله بالوزارة، وهو ما حدا بهذه القيادات للاتفاق على محاولة إقناع الدكتور أحمد جلال وزير المالية الجديد على ضرورة إلغاء وحدة التفتيش المالى والقانونى المنشأ حديثا تحت إشراف المستشار القانونى للوزير السابق وليد شرابى باعتباره عضوا بجماعة الإخوان المسلمين، فى محاولة لوقف كشف اللجنة المزيد من المخالفات التى تدين عدد كبير من قيادات الوزارة الحاليين والسابقين.



