ذكر مقال رأى نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على موقعها اليوم، الأربعاء، أن تعليق المساعدات الأمريكية لمصر "حليف واشنطن المهم فى الشرق الأوسط" أو خفضها استجابة لدعوات التى انطلقت فى أعقاب عزل الرئيس محمد مرسى، ستكون خطوة تتسم بقصر النظر وتصويتا بعدم الثقة فى مصر، وليس فقط فى الحكومة المؤقتة للبلاد.
وأوضح المقال الذى كتبه كل من الجنرال برنت سكوكروفت الذى عمل مستشاراً للأمن القومى فى إدارتى الرئيسين جيرالد فورد وجورج بوش الأب ودى كيه ميلبى والخبير الاقتصادى، الذى كان مسئولا عن القضايا الاقتصادية بمجلس الأمن القومى، أن الجدل الدائر حول توصيف الأحداث الأخيرة فى مصر، يصرف النظر عن الهدف الحقيقى المهم، ألا وهو وضع إستراتيجية لدعم سبل استعادة الاستقرار السياسى والاقتصادى فى مصر.
وقال سكوكروفت وميلبى، إن دعوة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لإعادة تقييم المساعدات الأمريكية لمصر يجب أن تركز أساساً على كيف يمكننا مساعدة مصر، وليس على ما إذا كان يجب تقديم المساعدة".
وقارن المقال بين ما جرى فى مصر خلال الأيام الماضية، وبين الإطاحة بنظام الرئيس حسنى مبارك قبل حوالى عامين ونصف العام، حيث ذكر أن الجيش تحرك فى عام 2011 استجابة لمعارضة لمبارك، معظمها من الشباب، ونصب بدلا منه حليفه لفترة طويلة، وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوى، ولكن فى هذه المرة الأخيرة تحرك الجيش "بعدما نزل ما يقرب من ربع سكان البلاد، من مختلف الأعمار والأطياف السياسية، إلى الشوارع مطالبين بتغيير سياسى".
وأكد كاتبا المقال، أن المصريين "هم من سيقررون مصيرهم فى نهاية المطاف، ولكن حقيقى أيضا أنه من الممكن أن تكون المساعدات والنصح من الخارج أمرا مفيدا. وفى الوقت الذى ربما لم تعد فيه الولايات المتحدة القطب الأوحد فى عالم ما بعد الحرب الباردة، ما زالت هى الدولة الوحيدة القادرة على حشد تحرك دولى بالنسبة لمثل هذه القضايا الملحة، (وذلك رغم الانقسام الحاد فى الرأى فى مصر حاليا إزاء الولايات المتحدة).
وأوضح سكوكروفت وميلبى أن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر (حوالى 1.3مليار دولار سنويا) خصصت فى الأصل للحفاظ على معاهدة السلام التى أبرمتها مصر مع إسرائيل فى عام 1979، وهى تمثل حجر زاوية فى الأمن الإقليمى، وقد حافظت على مكانة متميزة للجيش المصرى حيث تحققت له مكاسب ليس لها علاقة كبيرة بالحفاظ على السلام مع الجيران.
وفقا للمقال، فإن التحدى الحقيقى الذى يواجه الجيش المصرى حاليا ليس ناجما عن تهديدات خارجية بقدر ما هو ناجم عن انهيار القانون والنظام فالشعور بالأمن الشخصى للمواطن، حيث يمكنه السير فى الشوارع بأمان، سيكون له مفعول السحر على الروح المعنوية للمصريين، حيث سيشجعهم على الذهاب لإعمالهم، ويعزز قطاع السياحة الحيوى ويبعث برسالة طمأنة للمستثمرين الأجانب".
ولذلك فإن الجيش، حسب المقال، يهتم اهتماما واضحا بالتأكد من أن يكون فى شوارع مصر رجال شرطة أكفاء ومدربين ويتسمون بالمهنية بدلا من القوات العسكرية، وهو ما يتطلب تغييرا فى العقلية وتحولا فى عملية تخصيص الموارد.
وقال مسئولا الأمن القومى الامريكى السابقان: "هذا ليس الوقت المناسب لقطع المعونات الأمريكية عن مصر ورغم أن الولايات المتحدة لم تعد المصدر الأكبر للمعونات حاليا، (حيث قدمت دول الخليج مساعدات مالية أكثر منذ عام 2011 ووعدت بتقديم مليارات أخرى فى الأسبوع الماضى)، يظل إسهامنا مهما. ومن خلال استغلال أكثر ذكاء للمساعدات يمكن لواشنطن تعزيز الشفافية وحكم القانون واحترام حقوق الأفراد (بما فى ذلك بصورة مهمة حقوق المرأة) والتشجيع على إيجاد هيكل سياسى تنافسي.