بعد ممارسة سياسية متعاقبة لرؤساء مصر منذ تأسيس الجمهورية الاولى عقب ثورة يوليو 1952 وحتى يومنا هذا فى ظل النظام الرئاسى الذى أوصلنا إلى كثير من المآسى والكوارث السياسية فقد آن الأوان أن نعيد التفكير فى هذا النظام، الذى يصنع من الرئيس قدسية سياسية ترتقى إلى تأليه الحاكم وعبادة القادة.
أثبتت التجربة أن ثقافة الشعب المصرى تنجرف نحو الحاكم لتجعل منه ديكتاتورا برغبته أو رغما عنه باعتبار أن بيده مقاليد الحكم فينشغل الحاكم بذاته عن مصالح الشعب وإدارة شئون الحكم، لذلك فإن النظام الرئاسى لا يتلاءم مع الواقع الحالى، فهذا النظام يكون أكثر انسجاما مع الدول التى قطعت شوطا بعيدا فى الممارسة الديموقراطية مستندة إلى درجة عالية من الوعى السياسى لكافة التيارات السياسية والحزبية والقطاعات الشعبية وهذا لم نصل إليه بعد.
لقد آن الأوان لأن نتحول إلى نظام برلمانى يتقلص فيه منصب رئيس الجمهورية إلى أدنى صلاحيات ممكنة تنحصر فى تمثيل الدولة تجاه العالم الخارجى بالإضافة إلى الحفاظ على الاستقلال والتكامل بين سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وينتهى الصراع المحموم والاقتتال المكلوم على كرسى الرئاسة ونتجنب بذلك بألا نقع بين تقديس الرئيس تارة وجعله فوق النقد أو انتقاصا من قدره تارة أخرى وجعله عرضه للامتهان والتسفيه بما يؤثر على هيبة الدولة فى مواجهة العالم الخارحى، كذلك نتفادى ألا ينحاز الرئيس سياسيا لحزب أو جماعه مما يسبب صراعا سياسيا غير محمود العواقب
آن الأوان أن نتحول إلى نظام برلمانى تكون فيه الوزارة مركز السلطة التنفيذية، حيث يقع على عاتقها تحديد السياسة العامة للدولة، وهى بذلك تكون مسئولة سياسياً أمام البرلمان والمسئولية قد تكون تضامنية جماعية، أو قد تكون مسئولية فردية لوزير معين، لذلك يملك البرلمان سحب ثقته من الوزارة بكاملها، أو من وزير معين، ويترتب على ذلك ضرورة استقالة الوزارة أو الوزير فى هذه الحالة.
إن النظام البرلمانى يقوم على أساس الفصل المرن والمتعاون بين السلطات وخاصة السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهذا يستتبع وجود نوع من التوازن بين هاتين السلطتين يسمح لكل سلطة بإمكانية الحد من تمادى أو تغول سلطة على أخرى.
إن نهضة مصر وتقدمها لن تبنى على فرد فكرا أو عملا (شخص الرئيس) وإنما تبنى على فريق وزارى يقوده رئيس وزارة قوى يتم اختياره وتكليفه ومحاسبته من خلال البرلمان الممثل للشعب، وبذلك يعطى فرصة نسبية للاستقرار السياسى والاقتصادى فى مرحلتنا الراهنة.
أخيرا نقول إن الخلل ليس فى نظام بعينه وإنما يكمن الخلل فى التطبيق والممارسة العملية.
القصر الرئاسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة