يقول ساسة مصريون ودبلوماسيون غربيون إن الرئيس المصرى المعزول محمد مرسى ربما أمكنه البقاء فى منصبه حتى يومنا هذا لو أنه استغل صفقة سياسية مع أحزاب المعارضة، توسط فيها الاتحاد الأوروبى فى إبريل الماضى.
ورفض مرسى وجماعة الإخوان المسلمين عرضا بتضييق هوة الخلافات العميقة لاقتناعهم بأن نصرهم الانتخابى يمنحهم شرعية كافية للحكم، لكن بعد أقل من ثلاثة أشهر عزله الجيش عقب احتجاجات شعبية حاشدة، وبموجب حل وسط توصل إليه مبعوث الاتحاد برناردينو ليون بعد أشهر من الدبلوماسية المكوكية كانت ستة أحزاب معارضة ستعترف بشرعية مرسى، وستشارك فى الانتخابات البرلمانية التى هددت بمقاطعتها.
فى المقابل كان مرسى سيوافق على تعيين رئيس جديد للوزراء بدلا من هشام قنديل، وتغيير خمسة وزراء رئيسيين لتشكيل حكومة وحدة وطنية من التكنوقراط، ويقيل النائب العام، ويعدل قانون الانتخابات إرضاء للمحكمة الدستورية.
والفشل فى التوصل إلى اتفاق يلقى الضوء على التحدى الذى يواجه الاتحاد الأوروبى، وهو يسعى لتعزيز دوره بالمنطقة التى كانت الولايات المتحدة هى الوسيط السياسى الوحيد بها، ونظرا لنفور جانبى الصراع السياسى بمصر من واشنطن، فإن الاتحاد قد يكون "الوسيط الأمين" الوحيد.. وهو لم يفقد الأمل.
وقال أشخاص مطلعون على المحادثات إن سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، ساعد فى التفاوض على الاتفاق، لكنه لم يستطع أن يقنع به مرسى وقياديين آخرين بالجماعة.
وقال حمدين صباحى، زعيم التيار الشعبى، لـ "رويترز" إن المعارضة بذلت قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق، واقتربت جدا من هذا، لكن فى النهاية لم يتغير موقف مرسى، وأضاف أن الرئيس المعزول طالب بحوار بلا شروط أو طلبات مسبقة أو جدول أعمال أو أهداف.
وقال إن المعارضة تعهدت بالاعتراف الكامل بشرعية مرسى، وخوض الانتخابات البرلمانية، لو كان الرئيس وافق على إجراءات بناء الثقة هذه.
وكان الاتفاق الإطارى الذى اطلعت رويترز على مسودته سيؤيد حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولى قيمته 4.8 مليار دولار تعثرت المفاوضات بشأنه، وكان هذا سيفتح الباب أمام استثمارات ومساعدات اقتصادية أوسع.
وفى آخر خطاب له، وبعد أن وجه وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسى دعوة فى 23 يونيه، للوصول إلى توافق سياسى، اتهم مرسى معارضيه برفض عدة عروض قدمها لهم.
وقال دبلوماسيون إن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى اتصل هاتفيا بمرسى فى مارس، وأبلغه بدعمه الجهود الأوروبية، ورافقت السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون المبعوث الأوروبى إلى اجتماع مع مرسى بعد ذلك ببضعة ايام، مما يؤكد تأييد واشنطن للمبادرة، وقال مشاركون فى المحادثات إن مرسى لم يرفض مقترح الاتحاد الأوروبى بشكل تام، ولكنه إما كان شديد العناد أو لم يستطع التوصل إلى توافق داخل قيادة جماعة الإخوان لصالح المبادرة قبل أن تخرجها الأحداث عن مسارها.
وقال أحد المشاركين "كان هناك اقتراح مفصل وموصف جيدا قبلته جميع عناصر جبهة الإنقاذ الوطنى وتم إرساله لمرسى.. لم يصلنا رد قط"، وكان الاقتراح محور زيارة قامت بها آشتون للقاهرة فى السابع من إبريل، وعقدت خلالها اجتماعات مع مرسى ومع زعماء المعارضة الرئيسيين. وخلال الزيارة وقعت أعمال عنف طائفى أمام الكاتدرائية القبطية بالقاهرة مما أضعف ثقة المعارضة فى مرسى وجماعة الإخوان أكثر.
خلال هذه الزيارة التقت آشتون أيضا بالسيسى الذى قاد التدخل العسكرى لعزل مرسى، وقال مشاركون إن السيسى أيد أيضا المبادرة الأوروبية، وقال إن الجيش لا يريد التدخل فى السياسة، وسيرحب بتوافق وطنى أوسع.
وقال أحد المشاركين فى المحادثات "بذل الجيش -على النقيض مما تقوله جماعة الإخوان الآن- كل ما فى وسعه ليستمر مرسى فى منصبه".
وقام مرسى بلفتات تنم عن حسن النوايا تجاه المعارضة، لكن هذه اللفتات لم تكن كافية لإنهاء جمود الموقف، وحين رفضت المحكمة الدستورية قانون الانتخابات الذى أقره مجلس الشورى الذى كان يغلب عليه الإسلاميون، وافق مرسى على تأجيل الانتخابات البرلمانية من إبريل إلى أواخر العام.
كما لمح إلى استعداده لتغيير النائب العام الذى وجهت له انتقادات شديدة، واتهم بالانحياز للإسلاميين، لكنه لم يقدم على هذه الخطوة، وتضافرت وقائع أخرى لتعمق انعدام الثقة بين مرسى والمعارضة، مما جعل التوصل لاتفاق أمرا بعيد المنال.
وقال دبلوماسى أوروبى "كانت المشكلة الرئيسية انعدام الثقة التام بينهم جميعا"، ونشرت جريدة الحرية والعدالة لسان حال جماعة الاخوان مقالا اتهمت فيه السياسى الليبرالى البارز محمد البرادعى بتلقى تمويل ضخم من الإمارات العربية المتحدة، ووصف بيان لجبهة الإنقاذ الوطنى مرسى بأنه "فاشى".
ويتولى البرادعى الآن منصب نائب الرئيس للعلاقات الدولية فى الحكومة الانتقالية، ودعم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، مشروع قانون وضعه حزب إسلامى آخر لإزاحة ثلاثة آلاف قاض من خلال خفض سن تقاعدهم من 70 إلى 60 عاما، واعتبر حزب الحرية والعدالة أن القضاء ملىء بأنصار الرئيس السابق حسنى مبارك الذين يسعون جاهدين إلى عرقلة سياسات الحزب.
ونددت المعارضة بسيطرة الإخوان على السلطة، وحين أجرى مرسى تعديلا وزاريا فى نهاية المطاف، احتفظ بقنديل الذى وجهت له انتقادات واسعة، كما لم يفسح مجالا للمعارضة.
وتم تعيين ليون الدبلوماسى الأسبانى السابق الذى عمل بالاتحاد الأوروبى، والمتوغل فى عملية السلام العربية الإسرائيلية، مبعوثا خاصا للاتحاد إلى جنوب البحر المتوسط عام 2011، بعد انتفاضات الربيع العربى فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.
"ليون" الذى لم يكن مدعوما بالمساعدات المالية الكبيرة ولا بالقوة العسكرية ولا بالعلاقات بين المؤسستين العسكريتين المصرية والأمريكية التى تدعم دبلوماسية الولايات المتحدة، كانت ميزته التى اعترف بها مسئولون بجماعة الإخوان أن جميع الأطراف كانت تراه وسيطا أمينا، لكنه لم يستطع قط "توصيل" الإخوان إلى اتفاق لم تكن قياداتهم واثقة من رغبتها فى إتمامه.
رويترز: مرسى أضاع فرصة للبقاء أتاحتها مبادرة أوروبية.. ووساطة غربية بين الرئاسة والمعارضة لتشكيل حكومة إنقاذ و"الإخوان" يماطلون.. وصباحى: الرئيس المعزول طالب بحوار بلا شروط أو طلبات مسبقة
الأربعاء، 17 يوليو 2013 02:59 م
الرئيس المعزول مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ماهر البنا
الرئيس محمد مرسى هو الرئيس الشرعى لجمهورية مصر العربيه بموجب الدستور والقانون