تمر الذكرى الـ407 لميلاد أحد ركائز الفن التشكيلى الأوروبى، فى القرن السابع عشر، وهو رامبرانت فان راين، حيث تميز بغزارة إنتاجه إذ ينسب إليه نحو 600 لوحة، وهو يعد من أكثر الرسامين الذين اهتموا بتصوير أنفسهم حيث بلغ عدد صوره الشخصية حوالى المائة لوحة.
وقد كان السائد فى عصره "المدرسة الفلامنكية" رسم البورتريهات الجماعية كرسم رجال القضاء، ولكن رامبرانت لم يفعل ذلك لأنه عندما دخل عالم الاحتراف بأمستردام، دخل بفكر مختلف تماماً بلوحته الشهيرة" درس التشريح"، فرامبرانت لا يهمه التصوير التسجيلى للأشياء وإنما يستخدم الأشياء لتخدم مفهومه الخاص، لذلك لم يقبل عليه الناس كثيراً لرسمهم لأنه فيلسوف البورتريه والناس يريدون صورا ظريفة يعلقونها على حوائطهم، ولذلك كانت حياته متفاوتة بين الغنى والفقر المدقع، حتى فى لحظات ثرائه كان شديد التبذير من وجهة نظر من حوله بشراء إكسسوارات وملابس تاريخية لترتديها موديلاته أثناء رسمه لهن وكذلك كان يشترى لوحات لرسامين آخرين، وذلك يعنى أنه كان مفلسا حتى وهو غنى والأحداث التى مرت بحياته من موت زوجاته وموت ابنه كانت قاسية وجعلت منه شخصية حزينة لكن بها شىء من المرح والكثير من الفلسفة.
ومن الأحداث الطريفة رسمه للوحته الشهيرة" حراس الليل" -التى هى الآن مفخرة هولندا لدرجة استخدامها فى الدعاية السياحية، حيث إن الهولنديين يضعونها فى الإعلان وبجوارها" زورا هولندا لتشاهدوا حراس الليل"، فقد طلب من بعض الأشخاص وبالتقريب كان عددهم حوالى سبعة عشر أو ثمانية عشر شخص دفع كل واحد منهم مبلغا من المال له وكانوا ينتظرون لوحة تخلد صورهم مثل صور القضاة والتى نال شهرة كبيرة حينها كرسام بورتريه، ولكنه عندما رأوا اللوحة بعدما اكتملت فوجئوا وثارت ثائرتهم وهددوه بالقتل.
الموديلات تريد مبالغ وإكسسوارات، وهذا ما لم يستطع رامبرانت توفيره بسبب فقره، فلجأ لرسم بورتريهات لأسرته، وبدأ يرسم زوجته وابنه، ولكن بعد وفاتهم وجد ضالته فى صورته الشخصية، حتى بلغ عدد البورتريهات الكاملة التى رسمها لنفسه أكثر من ثلاثة وأربعين" صورة شخصية"، وبجمع كل الاسكتشات والمخططات المبدئية والليثوغراف بلغت حوالى التسعين بورتريه.
كان رامبرانت رسام يمتلك مفهوما عن الحياة وله رؤية خاصة كالبصمة وسواء اختلفت أو اتفقت مع هذه الرؤية، فهذا لن يغير من أنه يمتلك العالم الخاص به وله أسلوب فى التنفيذ خاص به جدا وإن كان متأثراً لحد كبير برسام إيطالى يدعى كرافادچو إلا أنه استطاع عمل شخصية متفردة، وهو بكل هذا عندما يشرع فى رسم بورتريه أو طبيعة صامتة أو منظر خلوى فلن يستطيع تجاهل فرض شخصيته ومفهومه على ما يفعل.
من بين أعماله الفنية المشهورة والمحفوظة فى متحف ريكسموزيوم فى أمستردام: والدة رامبرانت 1660، جولة فى الليل 1662، القديس بطرس 1660، وكلاء الجواخون 1662، الخطيبة اليهودية 1665، ومن أعماله المحفوظة فى متحف اللوفر: على طريق عماوس، هندريكيه شتوفلس "ح. 1562"، بيتشبع أو بيت سبع 1654، الثور المُشَرحْ 1655، صورة شخصية ذاتية 1660، وكذلك تونى وأنا الصغير , صورتى , فقع عين سامسون , عودة الابن الضال , عشاء عند آموس , دورية الليل.
الجدير بالذكر أن رامبرانت هرمنسزون فان راين هو رسام هولندى، ولد يوم ١٥ يوليوعام ١٦٠٦، بمدينة ليدن بهولندا، تلقى تعليمه بجامعة ليدن، واستقر فى مدينة أمستردام منذ سنة 1631 م، حتى وتوفى فى٤ أكتوبر عام ١٦٦٩ بـ" أمستردام".