«مجتمع متحضر، اقتصاد مزدهر، شرطة آدمية، حقوق إنسان، أمن داخلى، مكانة مرموقة بين الدول»، كانت هذه أبرز وعود الدكتور محمد مرسى الرئيس المعزول قبل توليه الحكم والذى أتى إلينا بمشروع جماعة الإخوان المسلمين لحكم مصر ممثلا فيما أطلق عليه وقتها «برنامج النهضة».
عام مضى على تولى مرسى الحكم، لم ينجح فى تحقيق أى من الأهداف التى تحدث عنها أو الوعود التى أطلقها، عامًا واحدًا فقط كان كفيلا بإسقاط أسطورة مشروع التيار الإسلامى التى بنيت على أن لديه قدرة كبيرة على الحشد والمقاومة وحل مشاكل المجتمع كافة، عاما واحدا فقط نجح فى إظهار أن كل الوعود لا تتخطى حدود الدعاية الانتخابية للوصول للحكم، ومحاولة إظهار تيار الإسلام السياسى بأنه لا يقهر.
«اليوم السابع» رصدت الأكاذيب التى صدرها لنا نظام الرئيس محمد مرسى وجماعته خلال عام، والتى أدت فى النهاية إلى تظاهرات ضده أدت إلى تدخل عسكرى قام بعزله سياسيا.
مشروع النهضة حبر على ورق
يوضح مشروع النهضة التناقض فيما تقوله جماعة الإخوان وما تنفذه على أرض الواقع، فالمشروع الذى كان واحدا من أهم الوسائل التى استخدمها النظام فى كسب الأصوات فى الانتخابات، لم ينجح فى تحقيق أهدافه التى بدت بعيدة تماما عن أرض الواقع، وتشمل هذه الأهداف 8 نقاط تنوعت بين ترسيخ قيم الشورى والديمقراطية، واختيار معظم المناصب القيادية فى المحافظات والمحليات والنقابات والاتحادات ومؤسسات الدولة، وإطلاق الحريات السياسية ودعم حرية التعبير عن الرأى وتشكيل الأحزاب السياسية، وإنهاء المحاكمات الاستثنائية، واستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية والنظام السياسى بما يضمن نزاهته وقدرته على تحقيق العدالة لكل المواطنين باختلاف انتماءتهم، وتطوير المنظومة الأمنية لتقوم بدورها فى تأمين أرواح وممتلكات المصريين مع استقلالها عن النظام السياسى وإعادة تقييم مخصصات منتسبيها.
تقنين أوضاع الاقتصاد الموازى وإدماجه تدريجيا فى الاقتصاد الرسمى مما يضمن حقوق العاملين فيه، ويتيح فرص الحصول على رأس المال والدعم المطلوب.
هذه النقاط التى تضع حلولا لأغلب المشاكل التى نمر بها لم تنفذ على مدار عام كامل، وظهر هذا جليا فى ترسيخ قيم الشورى والديمقراطية فتم الانفراد بالقرارات السياسية، دون الالتفات لآراء المعارضة، كما وضح فى الدستور الذى انفردت الجماعة وحلفاؤها بوضعه، وضربت عرض الحائط بالاعتراضات على اللجنة المشكلة له أو المواد التى يرفضها المواطنون.
«قوتنا فى وحدتنا» الشعار الذى تحول الى فتنة
«قوتنا فى وحدتنا» الشعار الرئيسى لحملة الجماعة ومحمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، والذى رسموا لنا فيه حلم الوحدة بين كل صفوف وأطياف الشعب
هذا الشعار الوهمى كان أحد الأكاذيب التى سقطت بمرور فترة قصيرة من حكم الاخوان، فمع وصول الرئيس مرسى إلى الحكم اختلف الوضع كثيرا، فلم نعد نسمع عن الوحدة، وانتشرت فتاوى تكفير الخروج على الحاكم، وأصبح كل من يشارك فى مظاهرات معارضة هم النصارى المسيحيون الذين يحاربون الحكم الإسلامى.
وفى عهد مرسى حدثت فتنة كنيسة الخصوص، ولأول مرة يتم الهجوم على الكاتدرائية التى راح ضحيتها عدد من الأقباط، أثناء تشييع جنازة ذويهم إضافة إلى عدم حل مشاكل الأقباط المتمثلة فى وضع قوانين خاصة ببناء الكنائس.
لم يقتصر الأمر على المسيحيين فقط، وإنما امتد للمسلمين أنفسهم، حينما ذهب بنا البعض إلى تكفير الشيعة والتحذير من خطرهم والدعاء عليهم. وهو ما حدث فى حضرة الرئس محمد مرسى شخصيا خلال مؤتمر دعم سوريا الذى حذر فيه الشيوخ من خطر الشيعة، والذى انتهى بنا إلى مشهد مأساوى بغيض فى أحداث أبو النمرس التى تم سحل وقتل الشيعة فيها.
لينتهى شعار قوتنا فى وحدتنا إلى فتنة طائفية ومذهبية لم نكن نعلم إلى أى مدى ستمتد.
أكذوبة الحشد.. الجماعة الأكثر تنظيمًا
الإخوان الفصيل الأكثر تنظيما والأكثر قدرة على الحشد، أحد الأوهام التى ساقتها لنا جماعة الإخوان قبل وصولها إلى الحكم، وهو ما ثبت عدم صحته إلى حد كبير خاصة مع زيادة السخط الشعبى عليهم، فى البداية اغترت الجماعة بقدرتها على الحشد فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما أكده الدكتور سعد الكتاتنى فى حوار سابق له مع وكالة «رويترز» قال فيه حزب الحرية والعدالة لا يزال يعتمد على الجماعة فى حشد أعداد كبيرة أثناء الانتخابات.
وأضاف أن الإخوان المسلمين يمكنهم حشد أعداد ضخمة فى أماكن عامة فى غضون ساعة واحدة، لكن حزب الحرية والعدالة لا يمكنه أن يفعل ذلك حتى الآن، مشيرا إلى أن الحزب يريد دعم الإخوان المسلمين له لكن دون التدخل فى اتخاذ قراراته وهذا ممكن.
فيما بعد وخلال المليونيات التى دعا إليها الإخوان، وضح اعتمادهم بشكل أساسى على التيار السلفى لحشد أعداد ضخمة، بالإضافة إلى الاعتماد على استقدام أعضاء الجماعة من كل المحافظات، وهو ما ظهر فى مليونية الشرعية والشريعة التى تم تنظيمها فى ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة.
فيما بعد تراجعت قدرة الجماعة على الحشد بشكل واضح، بعد خسارتهم لقطاع كبير من الشعب المصرى.
هذا التراجع فى قدرة الجماعة على الحشد ظهر بوضوح فى المؤتمر الذى نظمه الحزب وحضره الرئيس فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة، وأعلن من خلاله قطع العلاقات مع سوريا، حيث لا تستوعب القاعة أكثر من 16 ألف شخص.
وتأكد سقوط وهم القدرة على الحشد مع الدعوة لتنظيم المظاهرات المؤيدة للرئيس فى ميدان رابعة العدوية فى مليونية الشرعية، التى تم تنظيمها قبل يومين من تنظيم مظاهرات 30 يونيو التى خرج فيها ما يتجاوز 22 مليون مواطن للمطالبة بإسقاط النظام، بعدها دعت الجماعة إلى النزول فى ميادين النهضة الذى لم يتجاوز العدد فيه بضعة آلاف، وتركزت قوتهم فى رابعة العدوية والتى لا تسع مساحته وفقا لتقديرات الخبراء لأكثر من 400 ألف شخص حشدتهم الجماعة من محافظات مصر كافة.
اقتصاد حر يحقق العدالة الاجتماعية
أوسعونا حديثًا عن تطبيق برنامج إصلاح اقتصادى حر، يضمن العدالة الاجتماعية للمواطنين، وتعهد الرئيس فى برنامجه برفع متوسط نسبة النمو الاقتصادى إلى %7 بحيث ينتقل الناتج المحلى الإجمالى من 220 مليار دولار فى 2011 إلى 478 مليار دولار فى 2023، ومضاعفة معدل نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى من 2550 دولارا فى 2011 إلى 4900 دولار فى 2023.
وخفض معدل التضخم الحالى الذى يتجاوز حاليا %11، بحيث يصبح أقل من نصف معدل النمو السنوى، وهو ما يدعم القدرة الشرائية للجنيه المصرى ويخفض كلفة الحصول على السلع والخدمات
وفى ملف ديون مصر، قال الرئيس المنتخب إنه يسعى لخفض حجمها سواء الداخلية منها أو الخارجية بمعدل %10 سنويا
إلا أنه خلال عام من حكم الرئيس تدهور الوضع الاقتصادى بشكل واضح خاصة فى الآليات التى اتجه إليها الرئيس لدعم الاقتصاد ومن ضمنها مشروع الصكوك الإسلامية الذى ووجه بهجوم قوى من كثير من خبراء الاقتصاد، إلا أن الحكومة أصرت عليه، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة حيث اعتبره البعض رهنا لأصول الدولة.
وتدهور التصنيف الائتمانى لمصر على المستوى الدولى ليصل إلى مستوى أقل من التصنيف الحالى للدول المتعثرة مثل اليونان. وفقد الجنيه المصرى رسمياً نحو %15 من قيمته مقابل الدولار الأمريكى، وأكثر من %20 من قيمته فى السوق السوداء. وصاحب ذلك ارتفاع التضخم بنفس النسبة تقريبا خاصة فى أسعار المواد الأساسية. وتعثرت المفاوضات مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، رغم حاجة مصر الملحة لذلك القرض من أجل استعادة ثقة الأسواق المالية بالاقتصاد المصرى.
ذلك فضلا عن أن الاستثمارات الأجنبية عموما المباشرة وغير المباشرة تأثرت بشكل كبير جدا، وانخفضت إلى 100 مليون دولار فقط فى العام الماضى مما يعنى أنها لم تصل حتى لربع مليار.
وحجم إيرادات السياحة تراجع بشكل واضح حيث بلغ 7 مليارات فقط مما يعنى أننا خسرنا نصف الإيرادات وخلال العام الحالى 2013 متوقع أن تصل إلى 9 مليارات وبالتالى فإننا فقدنا فى الاستثمارات الأجنبية والسياحة ما يصل حوالى 27 مليار جنيه من مصادر أساسية للدخل فى مصر.
جماعة دعوية لا علاقة لها بالعنف
إحدى الجمل التى كررها قادة الإخوان على مسامعنا طوال الفترة الماضية والتى أصروا عليها حتى بعد إسقاط الرئيس مرسى، الذى أكد أنه سيدافع عن شرعيته حتى آخر قطرة فى دمه، وهو ما اتبعه أحداث عنف فى معظم المحافظات.
الإخوان جماعة دعوية لا علاقة لها بالعنف، هذه هى الجملة أيضا التى قالها المهندس خيرت الشاطر فى بداية التحقيق معه، نافيا علمه بوجود سلاح بمقر الإرشاد الذى قتل أمامه 6 أشخاص على الأقل بالرصاص الحى فى يوم 30 يونيو.
تحايل الجماعة أيضا ظهر بوضوح فى التفريق بينها كجماعة دعوية، وبين حزبها الحرية والعدالة الذى يمارس السياسة، وهو المأزق الذى وقعت فيه الجماعة، وحينما طالب عدد من القوى السياسية بإشهار جمعية الإخوان المسلمين، وتقنين أوضاعها بعد إنشاء حزب الحرية والعدالة، تراجعوا عن هذا، ولم ينشئوها ثم قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بإشهارها كجمعية أهلية، قبل يوم واحد من حكم المحكمة.
وبحسب نص القانون يحظر على الجمعيات تكوين السرايا أو التشكيلات العسكرية أو ذات الطابع العسكرى، وتهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام العام أو الآداب أو الدعوة إلى التمييز بين المواطنين بسبب الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، كما يحظر «أى نشاط سياسى تقتصر ممارسته على الأحزاب السياسية، وفقا لقانون الأحزاب، وأى نشاط نقابى تقتصر ممارسته على النقابات وفقا لقوانين النقابات».
وبإعلان إشهار الجماعة كجمعية أهلية، حدث خلط بين كون الجماعة دعوية من عدمه، خاصة إنه تردد أن الجماعة تملك أسلحة، وظهر هذا فى المواجهات التى اتهمت جمعية الإخوان المسلمين إنها تشارك بها، وإنها استخدمت بها أسلحة، وظهر فى المواجهات بين مؤيدى ومعارضى الرئيس فى الإسكندرية، إضافة إلى الأسلحة التى ظهرت فى مواجهات جامعة القاهرة والمواجهات أمام الحرس الجمهورى.
الأمن غائب ولا عزاء للانضباط
خطة المائة يوم الأولى للرئيس مرسى تعهد فيها بإعادة الانضباط للشارع المصرى، وإعداد قانون جديد للشرطة، وإعادة هيكلة الداخلية، وهى واحدة من أهم الوعود التى تحولت لأكاذيب، وحدث العكس من اضطرابات وأعمال بلطجة فى الشارع واستمرت أزمة الانفلات الأمنى، حيث أشار تقرير قطاع مصلحة الأمن العام عام 2012، إلى أن حوادث الجنايات بلغت 5814، وارتفعت حوادث الجنح من 20695 عام 2011 إلى 40222 عام 2012، كما ارتفع معدل جرائم القتل العمد %130، وارتفعت معدلات السرقة بالإكراه إلى %350، ووصل عدد حوادث سرقة السيارات إلى 20375.
علاقات الدول العربية سيطرت عليها قطر
بعض الإيجابيات التى سعت الجماعة إلى نشرها عن نفسها خلال فترة الانتخابات الرئاسية، هو علاقتها المتشعبة بأنظمة ودول، وربما ارتكزت الجامعة فى ذلك على وصول التيار الإسلامى للحكم فى أكثر من دولة عربية.
إلا أنه بعد تولى الرئيس مرسى، لم يكن ملف العلاقات الخارجية متوازنا، وأصبح التركيز الأساسى على قطر، فيما شهدت علاقة مصر توترا واضحا مع بعض الدول مثل السعودية.
وظهر هذا بمجرد سقوطه بدعم المملكة لمصر بخمسة مليارات دولار منها ملياران هدية للشعب المصرى.
الإمارات أيضا كانت إحدى الدول التى نالت نصيب الأسد من هذا التوتر، خاصة بعد أن شن الدكتور عصام العريان القيادى الإخوانى البارز هجوما عنيفا عليها فى تصريحات على خلفية أزمة المعتقلين الإخوان هناك وقال فيها.. مخاطبا السفير الإماراتى، «يا سيادة السفير، قول لهم إيران النووية قادمة، وأن تسونامى قادم من إيران وليس من مصر، والفرس قادمون، وهتصبحوا عبيدا عند الفرس». وهى التصريحات التى تسببت فى تفاقم الأزمة ما بين مصر والإمارات والتى تبرأ منها حزب الحرية والعدالة مؤكدا أنها لا تعبر عنه. اللطمة الأقوى التى تلقتها مصر فى ملف العلاقات الخارجية فى عهد الرئيس مرسى كانت سد النهضة الإثيوبى، الذى اتخذت الحكومة الإثيوبية قرارا بعد زيارة قام بها الرئيس مرسى إلى إثيوبيا، وبمجرد انتهاء الزيارة، كان الرد أن أعلنت تغيير مجرى النيل، واتخاذ إجراءات جدية نحو بناء سد النهضة دون تراجع.
أشهر 6 أكاذيب فى عهد الإخوان.. مشروع النهضة حبر على ورق.. و«قوتنا فى وحدتنا» تحول لفتنة فى الخصوص ..الأمن والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى وعود فى الهواء.. و"التقدم الاقتصادى" زاد معدل الفقر
الثلاثاء، 16 يوليو 2013 01:27 م