"الولادة من الخاصرة - منبر الموتى"، هو العنوان الأكثر صدمة بين مسلسلات هذا العام الرمضانية، إذ لم يكتف المسلسل الذى تعرضه قناة أبوظبى الأولى يومياً، بجزأين من كشف المأساة التى يعيشها المستضعفون فى المجتمع السورى ومعاناتهم مع الفساد والفاسدين، بل كان كاتبه سامر رضوان بعيد النظر شديد القراءة للمستقبل وكأن ما خطته يداه فى العامين الماضيين كان النبوءة العجيبة بما يحدث فى سوريا حالياً من أزمة فرقت بين أطياف المجتمع، وزادت من معدلات العنف وأحدثت معاناة إنسانية غير مسبوقة.
ومنذ شارة البداية للعمل نفى عن نفسه صفة توثيق الحدث السورى أو التأريخ له، بل كان هدف صنّاعه هو محاولة فهم الواقع وما يجرى على الأرض، لذلك كثرت التحليلات قبل عرض المسلسل إن كان مضمونه يؤيد هذه الفئة أو يقف مع تلك، لكن ما ظهر حتى الآن من حلقات يؤكد أن "منبر الموتى" يحاول التعاطى مع الواقع دون الإصغاء لما يطفو على السطح من مبالغات الإعلام، وانحاز كاتبه إلى الفئة الفقيرة والمسحوقة التى تشكل سواد المجتمع السورى وهى عملياً الأكثر تضرراً من الأزمة الحاصلة.
على صعيد الدراما يبدو التشويق هو غاية صناع العمل، فالمشهد الأول يبدأ بانفجار والهدف المسؤول الكبير أبو إياد، ومن ثم العودة إلى الوراء بضع ساعات ليربط المسلسل المشاهد بأحداث الجزء الثانى "ساعات الجمر"، فنرى أبو الزين خارجاً من عند الوزير مزهواً بأن مشكلته مع رجال الأمن قد حُلت، لكنه يتوجه إلى الحارة مع جيرانه فيعرفون أن عناصر المخابرات تنتظرهم للقبض عليهم، أما المقدم رؤوف فنرى أنه احتجز سوزان لإجبارها على الحمل منه وإنجاب الولد الذى يريد، لكنها تتملص منه بحجة أنها ترغب بزواج شرعى وحين يذهب لإحضار الشيخ ليعقد عليها إذ بها تتوارى عن الأنظار. الشخصية الثالثة محور الحدث جابر سيكون وحيداً فى المنزل يعانى من آثار الطلق النارى الذى أصابه نهاية الجزء الثانى، لكنه يحاول استغلال علاقته بأبو إياد لإنقاذ أهل الحارة من براثن عناصر الأمن بمن فيهم والدته.
من الواضح أن خطوط المسلسل ستصبح أكثر تعقيداً مع مرور الزمن لا شك أننا أمام عنصر مفاجأة فى كل حلقة، فتمرد عنصر الأمن (عزام) على رءوف الذى أعطاه أبو إياد الصلاحيات الكاملة ليتصرف فى مصير البلاد والعباد كما يشآء دون أن تردعه سلطة أى قانون، سيكون نقطة تحوّل مفصلية فى العمل، ومحاولات أبونبال المستمرة للانتقام من أبو إياد وجعله يعيش فى دائرة الخوف فى كل لحظة ستبقى المشاهد مشدوداً إلى الحلقات ليتابع تطورات ما سيحصل.
ما يحسب لمنبر الموتى سوى نصه الرائع، هو ذاك الأداء المذهل للممثلين، شخصية المقدم رءوف تبدو الأبرز هنا وقد حافظ عابد فهد على أدائه الساحر منذ الجزء الأول دون أن يشعِر المشاهد ولو للحظة أنه فقد امتلاك هذه الشخصية التى تتطلب ممثلًا ذا إمكانات كبيرة.
وبدوره كان باسم ياخور مقنعاً جداً بدور شيخ الوادى وما تحمله هذه الشخصية من قسوة وجبروت، وجاءت شخصية جابر لتبرهن على أن قصى خولى فنان من طينة الكبار عايش تبدلات الدور الذى كتبه سامر رضوان وأحسن تأدية المراحل المختلفة التى مرت بها شخصية جابر.
سيكون المشاهد إذاً على موعد مع حلقات أكثر تشويقاً من "الولادة من الخاصرة" على مدى الأيام المتبقية من شهر رمضان، علماً أن المسلسل يحقق نسب مشاهدة عالية منذ اليوم الأول لعرضه على قناة أبوظبى الأولى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة