وعندما اعترف بخطئه أعطى لنفسه أجر المجتهد !!
1- فى توصيف ما حدث وقعنا فى حفرة عميقة فتيار يمسك بسيف الشرعية، والآخر يمسك بسيف الثورة، واستعادة الوطن وكلاهما على صواب.
الرئيس المنتخب عبر الصندوق لا بد أن يذهب عبر الصندوق - هذا قول صائب، الرئيس الذى خرجت ضده الملايين أسقطت شرعيته والديمقراطية أكثر من صندوق ومن أعطاه الشرعية سحبها منه – كلام لا يوجد أصدق منه.
وبين الفريقين وقعنا فى الفخ لذا نرى أن نزيد هذا التوصيف عمقا ونسأل هل هو انقلاب عسكرى؟
الإجابة هى أنه إذا كان هناك انقلاب عسكرى فمتوقع أن يحكم العسكريون لكن فى حالتنا الذى حكم هو رئيس المحكمة الدستورية وكان هذا مطلبا شعبيا ورئيس الوزراء صاحب السلطة التنفيذية هو رجل اقتصادى ومفكر ومدنى من الدرجة الأولى ونسأل على السؤال بسؤال أين هم العسكريون؟
الإجابة ليس هناك انقلاب عسكرى وإنما تم نزع السلطة من رئيس منتخب، وتسليمها لرئيس مدنى مؤقت ودستورى بما يعنى أن المؤسسة العسكرية رأت خرابا يحل فى الأفق مع استمرار الرئيس المعزول، ورصدت انخفاض شعبيته وتلقت نداءات التدخل وبمسئوليتها التاريخية قررت عند نقطة ما أن تستجيب لـ33 مليون مواطن نزلوا الشوارع فى جميع أنحاء مصر وقررت وضع خارطة طريق لا تكون هى فى واجهتها وشددت على أنها خارج اللعبة السياسية.
السؤال الآخر من أين استمدت القوات المسلحة مشروعية التدخل على رئيس منتخب؟
الإجابة القوات المسلحة فى 25 يناير، استجابت لإرادة الشعب ورفضت الوقوف مع مبارك، مثلما أخذت زمام المبادرة فى 1952 مع خلاف المشهد وعند الأزمات تختار المؤسسة العسكرية إما أن تقف مع الرئيس أو تنحاز للمطالب الشعبية وفى 30 يونيو اختارت ألا تكون أداة قمع وفضلت أن تكون بعيدة عن اللعبة السياسية رغم النداءات هنا وهناك، ومع تحذيرات نشوب حرب أهلية بعد فشل أو إفشال – بحد تعبير أنصار الرئيس المعزول – السلطة الشرعية فى إدارة البلاد وتراجع المشهد الاقتصادى، وتفرغ الرئيس السابق إلى الحرب مع مؤسسات الدولة، التى يحكمها ! فضلا عن وضوح عدم الخبرة فى إدارة الأزمات الخارجية وهو مشهد مرتبك جدا انتهى بأزمة البنزين والسولار والانقطاع الدائم للكهرباء، وخطاب الوداع الذى ألقاه الرئيس مرتجلا، بين الأنصار فى مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات وفيه وضح أن الرئيس غير قادر على التصالح مع المجتمع فأظهر العداء لشخصيات بالاسم كفودة وغيره وعامل سكين الكهرباء ! والقاضى المزور والأصابع التى وعد بقطعها وكان واضحا جدا أنه مرتبك جدا من يوم 30 يونيو، فخرجت الملايين فى ربوع مصر وصورت الطائرات الحشود، وكانت هى الرسالة بأن المشروعية جاءت من الشعب بعد أن طالبت المؤسسة العسكرية مؤسسة الرئاسة بأن ترد على حركة جموع الشعب ومطالبه وهو ما قوبل بتجاهل غريب!
إذا يتضح لنا أنه لا يصح تغييب العنصر الشعبى عن مشهدنا والإيحاء بأن الجيش هو من أزاح الرئيس لأن ذلك سيجعلنا ندير ظهورنا عن فهم حقيقة الموقف.
2-الكل فى مصر كان يترقب 30 يونيو، والرئيس المعزول شعبيا كان قبل العامة يترقب ذلك اليوم، وأعد الأنصار أنفسهم بميدان رابعة، وكان الدكتور عصام العريان يقول بإنهم سيقضون يوما ظريفا وينصرفون وحتى تسعفنا الذاكرة لا بد من قول ما كانوا فى رابعة يقولونه وهذا مسجل فى شاشات التلفاز، حيث تم تهديد الشعب وتكفيره واتهامه بأنه فلولن حتى أحد القياديين فى أحد الأحزاب الإسلامية هدد بسحق من يعارضون الرئيس وقتها وفى الصلاة، كانوا يدعون على الشعب المصرى من المعارضين ومن سينزلون فى 30 يونيو، بأدعية من قبيل اللهم عليك بهم واللهم شتت شملهم، وأخذهم إليك أخذ عزيز مقتدر، فضلا عن تصوير الصراع وما زال حتى اليوم بأنه صراع بين العلمانية والإسلام وبين الكفر ومن يكرهون شريعة الله، وبين المسلمين بينما من كانوا على الجانب الآخر، لم نرقب فيهما عنفا أو تحفزا لقتال وكانت السلمية هى طريقهم فى التعبير عن آرائهم ومؤسسة الرئاسة لم تدرك حقيقة الموقف، وتخيلت أن ملايين الشعب وجموعه ستقف معها رغم أن استطلاعات الرأى، كانت تشير إلى انخفاض شعبيتها بشكل ملحوظ، وكان متوقعا أن يقيل الرئيس المعزول حكومة قنديل وتعيين حكومة ائتلاف وطنى كنوع من امتصاص الغضب، إلا أن كرسى الرئيس به فيروس العناد الذى أصاب مبارك ومن بعده مرسى !
3- يمتلك المعتصمون بميدان رابعة وبعض أنصار الرئيس، نوعا من الإصرار والثقة الغريبة بعودة مرسى مرة أخرى إلى القصر ومنذ الرؤية التى طلب النبى صلى الله عليه وسلم من الدكتور محمد مرسى أن يصلى إماما وتلتها رؤية أخرى بأن الشيخ الشعراوى قد زار ميدان رابعة كما رواها أحد الحضور هناك إلا ويدفعنا التساؤل على ماذا يراهنون؟!
القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد البلتاجى يدلى بتصريحات أن ما يحدث فى سيناء سببه رفض الانقلاب العسكرى وأن عودة مرسى ستعنى أن العمليات هناك ستتوقف فى ثانية واحدة ! وما يحلو لهم بأن يسمى مذبحة الساجدين مع الترويج الدولى باتهامهم الجيش المصرى بأنه قتل الأطفال والرجال، وهم يصلون الفجر ! فى تلك الحادثة المؤسفة مع بث فيديوهات ونشر صورا اتضح فيما بعد أن منها ما كان من الحوادث السورية ومع بث الجيش المصرى لفيديوهات أخرى تثبت لجوءهم للعنف ورمى الملوتوف والطوب والخرطوش على الحرس الجمهورى ومحاولتهم الترويج للسيناريو السورى ومحاولة استدرار التعاطف الشعبى معهم، لكن فيما يبدو أن محاولاتهم تبوء بالفشل إذ أن الكراهية قد سبقت لأن الشعب الذى تمت إهانته على أيديهم لن ينسى عبر الدم لأن المراد كراهيته هو المؤسسة العسكرية التى لها مكانة كبيرة فى قلب كل مصرى، لذا يبدو أن محاولاتهم تشبيه الجيش المصرى بجيش بشار ستذهب كما يذهب الريح بقصاصات الورق الصغيرة !
الرهان على الدم يحتاج إلى تفصيل فالسيناريو السورى يفترض أن هناك طاغية دمويا يقتل فى شعبه عبر جيشه مع ترويجهم بأن هناك بعض القادة ينشقون شيئا فشيئا، حتى تصبح البلاد مرتعا لأنهار دم يخوفون بها أبناء الشعب المصرى الذى أدرك منذ اللحظة الأولى أنه أمر جيشه ومؤسسته العسكرية قد سمعت الأمر ونفذت ومن ثم الجيش هنا وقف مع الشعب وليس ضده وبالتالى فأنهار الدم هنا قد تذهب بنا إلى السيناريو الجزائرى، ولا ننسى الآلاف الذين قتلوا على أيدى الجماعات المتشددة هناك، ونحن نعرف كمية الأسلحة التى تم تهريبها وزى الجيش الذى يصنع فى الخفاء، وهذا معلن حتى فى العام الذى كان فيه الرئيس مرسى رئيسا، وهذا التهديد بأنهم سيفجرون أنفسهم – فى مقابلة مع أحد المعتصمين فى رابعة العدوية – فى كل ميدان حتى يعود مرسى مرة أخرى وسنحاول أن نفهم ذلك على أنها انفعالات مؤيد لا أكثر لكن لنقرأ المشهد إجمالا.
هناك ضغط فى سيناء مع تواجد لجماعات إرهابية من أنصار الرئيس مرسى، كما صرح بذلك البلتاجى صراحة بأنهم غاضبون لإهدار الشرعية وهناك ترويج دولى بأنهم مضطهدون ويتم سفك دماؤهم، وهم يصلون وأيضا يتم الترويج لفكرة الشهادة فى سبيل الله، وعلى الجانب الآخر، يتم تفعيل خارطة الطريق، والتى من ضمنها المصالحة الوطنية فهل سيتم قبول فكرة الانخراط فى الصف الوطنى مرة أخرى، أم سيتم إكمال فكرة الرهان على دماء الشرعية؟!
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة