تبدأ الاثنين فى نيويورك محاكمة الفرنسى فابريس تور الوسيط المالى السابق فى مصرف الأعمال جولدمان ساكس، فى استعادة للعوامل التى فجرت الأزمة المالية فى العام 2007.
وأصبح فابريس تور البالغ من العمر اليوم 34 عاما والمعروف بلقب "فاب" رمزا من رموز التجاوزات التى تسببت باندلاع الأزمة، مع برونو إيكسيل فى مصرف جى بى مورغان تشايس وجيروم كيرفيال فى مصرف سوسيتيه جنرال.
وفى حين صور كيرفيال وإيكسيل المجازفات المسرفة فى هذا القطاع بإقدامهما على رهانات هائلة تسببت فى خسائر طائلة لمصرفيهما، فإن فابريس تور مرتبط من جهته بالعمليات والمنتجات المالية المعقدة التى أثارت فورة الرهن العقارى العالى المخاطر، والتى انهارت فى صيف 2007.
وكان تور المتخصص فى الرياضيات والمتخرج من اثنتين من أرقى الجامعات هما "إيكول سنترال" الفرنسية وستانفورد الأمريكية، قد ابتكر لمصرف غولدمان ساكس فى مطلع 2007 أحد هذه المنتجات المالية، وهى أداة استثمارية معقدة لتوظيف الأموال فى القروض العقارية أطلق عليها اسم "اباكوس".
لكنه لم يتم إبلاغ المستثمرين أن صندوق التحوط "بولسون" أثر على مضمون أداة أباكوس، وكان يراهن فيها على تراجع السندات. ومن بين هؤلاء المستثمرين بنك إى كاى بى، أول مصرف المانى قضت عليه الأزمة منذ صيف 2007.
واللجنة الأمريكية للإشراف على الأوراق المالية والبورصات التى تلاحق فابريس تور بتهمة "الاحتيال" هى التى كشفت القضية فى منتصف أبريل 2010، وبعد أسبوعين رفض تور الاعتذار خلال جلسة استماع أمام الكونجرس حظيت بتغطية اعلامية واسعة، مثيرا سخط الصحافة الأميركية التى وصفته بأنه متعجرف ومعتد.
واستفاضت الصحف حول الحفلات الباذخة التى تقام فى شقته النيويوركية البالغ إيجارها أربعة آلاف دولار فى الشهر، والمليونى دولار التى قيل إنه جناها من العملية، وتناقلت رسائل إلكترونية خاصة نقلها لهم مصرف غولدمان ساكس.
وفى هذه الرسائل الإلكترونية التى تعكس خبثا بقدر ما تكشف عن قدرة على توقع الأزمة، يصف فابريس تور المنتجات التى كان يبتكرها بـ"فظاعات"، ويشبهها بـ"فرانكنشتاين" صغيرة، ويستهزئ بـ"المقترضين الصغار الفقراء العديمى الملاءة" الذين "لن يعمروا".
وركزت وسائل الإعلام الأضواء بصورة خاصة على رسالة وجهها فى يناير 2007 إلى صديقته، وكتب فيها "المبنى برمته يهدد بالانهيار فى أى لحظة.. ويبقى فاب الناجى الوحيد المحتمل، واقفا وسط كل هذه المعاملات المعقدة ذات مفعول الرافعة القوى التى ابتكرها بدون أن يدرك بالضرورة كل عواقب هذه المسوخ".
واعتبرت هذه الرسالة الإلكترونية رمزا لانعدام الأخلاق فى القطاع المالى، إلى حد أن محامى الدفاع سعوا هذا الأسبوع إلى سحبها من الأدلة ولكن بدون فائدة.
وتبدأ محاكمة فابريس تور الاثنين أمام محكمة فى مانهاتن برئاسة القاضية كاثرين فورست، ويتوقع أن تستمر أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وتخصص الجلسة الافتتاحية لاختيار أعضاء هيئة المحلفين قبل أن يبدأ محامو الدفاع والاتهام بعروضهم التمهيدية.
وقال محامو الوسيط باميلا شيبيغا وشون كوفى فى بيان تلقته وكالة فرانس برس، إن "فابريس تور لم يقم بأى عمل مضر. إنه مقتنع بأن هيئة المحلفين سترفض اتهامات لجنة الأوراق المالية والبورصات بعد الأخذ بكل الأدلة".
وفى حال إدانته، فإن العقوبات التى يواجهها تبقى بشكل أساسى مالية إذ تطالب اللجنة بإعادة تسديد الأرباح التى جناها بشكل غير مشروع مع دفع غرامة.
كما انه قد يمنع فى حال إدانته من ممارسة مهنته بعد الآن،وهو غادر بشكل نهائى مصرف غولدمان ساكس الذى يستمر فى دفع بدلات محاميه. وقد عاد اليوم إلى الدراسة فى جامعة شيكاغو، بعد أن عمل لبعض الوقت فى المجال الإنسانى فى رواندا.
محاكمة الفرنسى فابريس تور المتهم بالتسبب فى الأزمة المالية العالمية
السبت، 13 يوليو 2013 12:35 م