للمرة الأولى تغيب حكايات ألف ليلة وليلة عن شهر رمضان، حتى أن المسلسل الذى كان سيقدم عنها هذا العام تم تأجيله، ألف ليلة وليلة تركت أثرها الكبير على كل المبدعين الكبار فى مصر والعالم أثرت فيهم وفى إبداعهم، ورغم غيابها هذا العام ستظل حكاياتها حاضرة بعمق فى وجدان كل من يكتب أو يسعى لكتابة أدب جيد.
عن ألف ليلة وليلة يقول الكاتب الكبير جمال الغيطانى الذى أعاد طباعتها حينما كان مشرفا على سلسلة الذخائر فى الثقافة الجماهيرية فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أنه يعتبرها أعظم نص فى تاريخ الإنسانية من ناحية الكتابة، لأن فيها معظم أساليب الكتابة حتى ما يندرج تحت مفهوم الحداثة المعاصرة كفكرة أن يقع حادث واحد فى مكانين فى نفس التوقيت مثلا ففيها تجاوز للأزمنة وللخيال فالمبدع المجهول لها تمتع بحرية كبيرة فهذا القاص الشعبى المجهول دخل فى موضوعات كان مسكوتا عنها فى الأدب الرسمى وشيئا فشيئا تحولت ألف ليلة إلى كتاب محرم وهذا بسبب جرأتها على الدخول فى المسكوت عنه ولأنها كتاب ليس له صاحب، والعرب يهتمون جدا بمسألة نسب الكتب.
ويؤكد الغيطانى أن ألف ليلة وليلة كتاب محتشم بالنسبة لكتب أخرى كالأغانى لأبى فرج الأصفهانى، كما النص الذى يقدم رؤية للعالم والكون تجعلها النص الأول فى تاريخ الإنسانية فهى كتاب شامل له علاقة بالعمارة والفن والموسيقى ولا يوجد كاتب فى العالم لم يتأثر بها ما عدا العرب الذين ينظرون إليها باستعلاء رغم أن أصلها عربى فهى عمل قاهرى وليست بغدادى كما يرى البعض وتنتمى حسب الشواهد للعصر الفاطمى.
ويرى الغيطانى أن غيابها هذا العام طبيعى فى ظل حضور الإخوان وسيطرتهم التى ادت إلى غياب الأدب الكبير من المشهد فالفحش والتشدد الإخوانى أديا إلى اختفاء النصوص الأدبية الرفيعة، ويؤكد أنه يفتخر بها ويحملها مع نسخة من القرآن وديوان الحماسة لأبى تمام فى أسفاره ويقرأ فيها باستمرار ومنذ أن اكتشفها فى طفولته لا يكف عن القراءة فيها إلا فى فترات المرض والسجن فهى كما يقول كاللوحة التى يحب النظر إليها باستمرار.
ويعتبر القاص الكبير سعيد الكفراوى أن أغلب الكتاب الجيدين فى تاريخ الثقافة العربية شكلت ألف ليلة وليلة جزء كبير من وعيهم وخيالهم فهى كتاب ساحر أسهم فى الثقافة العالمية وفى خلق خيال جديد ورؤى سحرية جسدت الإبداع الراقى لدى أهم كتاب العالم، وأنه واحد من نبهتهم ألف ليلة منذ طفولته إلى معنى الأدب والفن والسحر، وقد تركت آثارها فى شاعر كبير مثل بورخيس وأديب عالمى مثل ثربانتس مبدع دون كيشوت وقرأها نجيب محفوظ صبيا وظلت ألف ليلة تجدد نفسها مع تغير الفنون وأسهمت فى السينما العالمية والأدب العالمى، وهى تكاد تكون كتاب مصرى بحكاياته ولغته العامية الصافية ومشهده الروائى كله أو أغلبه أبدع فى مصر، وألف ليلة ظلت لسنوات هى المشهد الفنى الذى تربت عليه أجيال مع صوت زوزو نبيل وموسيقى ريميسكى كورساكوف فى سمفونيته الشهيرة "شهرزاد" وكتاب ألف ليلة ملىء بحكمة العدل والسمو ويضم ما يعلم الإنسان ويسعى به نحو الحرية لذلك ظلت ألف ليلة وليلة ترفع شعار أنها كتاب الكتب.