نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية اليوم السبت مقالا للكاتب مشارى الذايدى تحت عنوان "مرسى.. حائط المبكى الإخوانى".
وفيما يلى نص المقال..
ذكرت هنا قبل أيام، أنه من الأرجح أن الآلة الدعائية الإخوانية ستحول الرئيس المعزول عن عرش مصر محمد مرسى إلى «حائط مبكى» إخوانى.
ويبدو أن الأمر جرى بسرعة وتدفق، متجاوزا المحيط المصرى إلى الفضاء العربى بل والإسلامى. فقد رفعت صور مرسى فى أزقة أفغانستان المتعبة أصلا بفقرها وحروبها وطالبانها وفسادها.
مرسى هو «الرمز» كما يقول أحد مشاهير الإخوان فى الكويت، وهو القائد وهو «الخليفة» وهو الشرعية وهو الشريعة، حاميا وممثلا لها، هو عثمان آخر، هو حسن البنا آخر، هو مشروع سيد قطب آخر.
أمس قرأت فى موقع إخبارى فلسطينى اسمه «دنيا الوطن» عن مفاجأة لجموع المصلين الذين توافدوا إلى مدينة القدس، لأداء صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان، بوجود جدارية كبيرة معلقة على جدران المسجد الأقصى، تحمل صورة الرئيس المصرى المعزول محمد مرسى. كتب عليها: القدس مع الشرعية ضد الانقلاب، وقد شاهدت الصورة.
المعنى واضح وهو استثمار شعاع القداسة فى سوق السياسة، لدينا هنا القدس والمسجد الأقصى، وصلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان، وكلها، كما يراد لنا أن نفهم، فى صف محمد مرسى!
خرجنا هنا من الخلاف السياسى بل قل الصراع السياسى. إلى التكفير والصراع الصفرى؛ إما أنا وإما أنت، قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار، الله مولانا ولا مولى لكم، الجنرال السيسى هنا لا يصبح مجرد خصم للإخوان، بل هو «كافر» كما قال أحد «الدعاة» فى مصر، هذه بالضبط خطورة منهج الجماعات الدينية السياسية.
هل كان يمكن لأحمد شفيق أن «يكفر» خصومه؟ أو للبرادعى أو لعمرو موسى؟ بعيدا عن الملاحظات السلبية ضدهم، سواء فى خطابهم السياسى أو تاريخهم.
بل بلغت الفجاجة فى توظيف كل شىء مقدس وغيبى أن يتم تسييس الأحلام والرؤى والبشارات النبوية فى الرؤى لصالح مرسى.
نذكر أثناء الجولة النهائية من الانتخابات الرئاسية بين مرسى وشفيق، كيف خرج أحد هؤلاء المشعوذين ليقول لنا إن مرسى هو الاختيار النبوى حسب رؤية رجل صالح نام وحلم وهو فى المدينة المنورة، رأى 8 حمامات خضراء ترمز لـ8 سنوات كاملة سيمكثها مرسى فى الرئاسة. ثم عاد سدنة الأحلام من منصة رابعة العدوية ليقولوا لنا عن رؤيا مقدسة جديدة لصالح مرسى. هذه المرة بعد عزله.
هى رغبات ومصالح، تكسى بثوب القداسة، ويصدقها كثير من المغفلين، أو المتغافلين، فى حفلة زار وحرق بخور جماعية.
المأساة، هى فى هذا العطب العميق، وليست فى فوز شخص أو حزب ما بالسلطة وخسارة آخر.
قديما قال شاعر حاد الملاحظة عن أمثال هؤلاء:
أرى عينى ما لم تبصراه.. كلانا عالم بالترهات!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة