هؤلاء خارج التاريخ والجغرافيا وكل قواعد السياسة والمناورة فى الدنيا.. نقصد جماعة الإخوان فى السلطة، التى غرقت فى فشل تام، لم تستوعب دروس التاريخ ولا ضرورات الجغرافيا، وكما قلنا فإنهم تصوروا أن نظرية ميكافيلى عن الغاية التى تبرر الوسيلة تنفع وحدها على الريق، وفشلوا فى تفهمها أو استيعابها. فغرقت الجماعة ببديعها وشاطرها، وأغرقت معها الدكتور مرسى الذى أضاع نفسه وجماعته، عندما سمح لأكثر من رئيس أن يحكم المركب. المثل يقول إن المركب التى لها رئيسان تغرق، أما التى لها رؤساء فهى تروح إلى داهية.
ونظام الحكم الفاشل لا تنفع معه نظريات ولا اعتذاريات، والحاكم الفاشل لا مناص له. والنظام إذا كان فاشلا سوف يسقط من دون حروب ويهزم نفسه ويصنع أعداء وخصوما، ويشنقه الغرور.
فى عالم السياسة تواريخ وتجارب لزعماء وقادة، ودور الفرد فى التاريخ مهم وفاعل، وإذا كنا نتحدث عن ميكافيلى، فقد نصح الأمير أن يقضى على خصومه، أو يتحالف معهم، إما يقضى عليهم أو يبقى عليهم ضمن تحالفات ودوائر. ومن بديهيات الحكم والسياسة أن الحاكم الطبيعى لا يخوض أكثر من معركة فى وقت واحد. أما الأحمق تحت غرور السلطة يتصور أنه يمكن أن يقضى على خصومه بضربة واحدة، والنتيجة أنه يقضى على نفسه.
وهو أمر رأيناه تماما فى حكم الجماعة التى حاصرت الدكتور مرسى أو هو تصور أنه يحكم بها، وانقلب على كل حلفائه، وأبقى فقط على جماعته ومكتب إرشاده وبعض الملحقات، وصنع عداءات وخصومات متعددة الأشكال.
لم يستوعب تجارب عادية، وحتى فى عالم فتوات الأحياء الشعبية قبل أن يحارب الفتوة، يعقد معاهدات مع الفتوات الآخرين لضمان ألا يتعرض لضربات مفاجئة، لكن الجماعة والدكتور مرسى لم يفكروا قراءة التاريخ أو حتى تاريخ الفتوات. وقطعوا كل الشعرات بينهم وبين غيرهم، فقد كان معاوية ابن أبوسفيان صاحب نظرية يقول «بينى وبين الناس شعرة إن أرخوها شددتها، وإن شدوها أرخيتها»، كان يلخص السياسة مع الشعب ومع الآخرين.
ولا يبدو أن جماعة الإخوان استوعبت نظرية معاوية ولا ميكافيلى ولا الفتوات، ولهذا فشلوا وخلال فترة بسيطة فى السلطة دخلوا فى معارك مع كل الفئات والجهات، ومهما كانت تبريراتهم وادعاءاتهم عن مؤامرات وشماعات، لا يمكنهم الإجابة عن سؤال كيف جعلوا كل هؤلاء أعداءهم من مسلمين ومسيحيين وبحرى وصعيد فضلا عن معارك مع كافة المؤسسات مثل القضاء والإعلام والشرطة والجيش بادعاءات التطهير بينما الهدف هو السيطرة وإحلال رجالهم مكان السابقين كل هذا فى وقت واحد بل إنهم كانوا يتسامحون مع رجال نظام مبارك بشرط الولاء الأمر الذى يكذب فكرة التطهير ناهيك عن اعتماد أهل الثقة وأبناء الجماعة وهو أمر خلق شرخا مع الأغلبية، لقد صنعوا خصومات وعداوات فى كل الاتجاهات ولم يستوعبوا ولا غاية ميكافيلى ولا شعرة معاوية ولهذا فشلوا. بتطبيق نظرية الذهاب فى داهية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة