أرجع انتشار تلك الموجة التى أطلق عليها "إسلاموية" إلى ما أسماه نفوذ "البترودولار" القادم من المملكة السعودية، هو نصر حامد أبو زيد، والذى يمر علينا اليوم ذكرى ميلاده السبعين إذ يقول: ذهب الكثير من العرب إلى دول الخليج لأسباب اقتصادية ثم عادوا متأثرين بالمذهب الوهابى.
يقول أبو زيد فى تحليله للوضع فى مصر "المساجد ممتلئة، بدأت النساء يتحجبن، مؤسسات الدولة أصبحت أكثر إسلاماً، لكن كل كذلك لا يعدو كونه تديناً يفتقر إلى البعد الروحى، خال من أى روح".
ورأى أن السلطات الحاكمة الاستبدادية تقدم الدعم للخطاب الدينى لإحكام السيطرة على العقل البشرى وتكبيله وحرمانه من التحرر، الذى يقتل بلا شك سلطة هذه الأنظمة، وأوضح أن "رجال الدين يستمدون سلطتهم من تأويلهم هم أنفسهم للنصوص الدينية وبالتالى فهم يخشون أى تأويل مغاير يزيح الستار عن قدسية هذه التأويلات"، وهو يقول أن "القرآن إلهياً تنزيلاً بشرياً تأويلاً"، وبالتالى يحتمل هذا التأويل الخطأ والصواب.
ويضيف "فى نفس الفترة استشرى الفساد، يذهب الناس إلى المساجد، لكنهم عندما يغادرونها إلى الشوارع يكذبون ويغشون"، ودخلت السلطة والمعارضة فى تنافس حامى الوطيس لإثبات أى منهما أكثر تدينا "إسلاماً"، وهو ما ساعد على تفشى ظاهرة تكفير الآخر حتى باتت تلك التهم تظهر بشكل يومى.
عانى أبو زيد من ظلم واضطهاد وجهل دعاة الظلام والإرهاب الذين يريدون باسم الدين الوصول للسلطة وباسم الدين قمع الرأى الآخر وباسم الدين تفكيك الدولة وباسم الدين زرع الفتن الطائفية والأحقاد بين أبناء الشعب الواحد والأمة الواحدة التى قوتها فى تعدد ثقافتها ومعتقداتها.