فى إطار تدفق المساعدات العربية الهادفة لدعم الاقتصاد المصرى خلال تلك الفترة الحرجة من تاريخ الثورة، طرح السفير الليبى لدى القاهرة محمد فايز جبريل، حزمة من المشروعات العملاقة فى عدة مجالات تشمل التعليم والسياحة والصيد البحرى، وذلك استكمالا لما تم تقديمه بالفعل من مساعدات خلال الفترة الماضية.
وفيما يبدو تأكيدا للموقف الليبى الثابت الداعم لمصر الدولة، بغض النظر عن الظروف السياسية أو أيديولوجية النظام الحاكم، يقول السفير جبريل: إن بلاده تمضى بعزم شديد فى دعم الاستثمارات الموجودة أصلا فى مصر، والتى انتقلت تبعيتها للسلطة الليبية بعد ثورة 17 فبراير 2011، وتتراوح ما بين 10 – 12 مليار دولار.
وأضاف أن وجود جماعة الإخوان المسلمين فى سدة الحكم بمصر من عدمه فى ظل علاقاتهم مع إخوان ليبيا، ليس معيارا لمستوى التعاون بين البلدين، باعتبار أن أحد المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية منذ ثورة فبراير، هو ألا تبنى العلاقات مع أى دولة على أساس هوس الزعيم أو أى جماعة أو حزب، وإنما على أساس المصالح العليا للوطن.
وكانت ليبيا إبان حكم معمر القذافى لا تعبأ كثيرا بسلطة التاريخ والجغرافيا، وما ينتج عنهما من حقائق مؤثرة فى تأسيس منظومة العلاقات مع الدول الأخرى، وما يترتب عليهما من استحقاقات تجب مراعاتها، خاصة فى حالة مثل مصر.
وأوضح أن التيار الإسلامى بجميع تشكيلاته فى ليبيا تأثيره أقل على الحياة السياسية مقارنة بمصر، وأن الإخوان المسلمين هناك جزء من الحركة الديمقراطية، وأن الشعب الليبى واع باختياراته خاصة فى ظل الانتقال السلمى للسلطة الذى تم خلال الشهور الماضية، حيث كان هناك المجلس التنفيذى وسلم السلطة إلى المؤتمر الوطنى المنتخب، وتم تعيين رئيس وزراء للحكومة المؤقتة.
ونظرا لما تمثله مصر من أهمية قصوى لدولة ليبيا على كافة المستويات، كونها العمق الشرقى للأمن القومى الليبى، تنطلق حزمة المشروعات التى يطرحها السفير فايز جبريل من أساس أن سيادة أجواء الاستقرار فى مصر سوف ينعكس إيجابيا على ليبيا، وذلك على اعتبار أن تدفق رؤوس الأموال إلى مصر سوف يتيح مساحة أكبر من الاستفادة بالخبرات المصرية فى مختلف القطاعات.
وكما وفرت الثورة فى البلدين أبعادا للتقارب تضاف إلى الإمكانات والطاقات الهائلة لتحقيق الشراكة بينهما، فإن وجود استثمارات ليبية قوية داخل مصر يتيح التعرف عن قرب على ما تمتلكه العقلية المصرية من أفكار، يمكن أن تفيد الليبيين فى بناء دولتهم الجديدة، بعد عقود من التدمير الممنهج تسببت فيها فترة حكم القذافى.
ووفقا لتقديرات خبراء الاقتصاد فإن مصر سوف تحتاج تمويلا خارجيا يصل إلى حوالى 20 مليار دولار حتى يونيو 2014 لتغطية الديون المستحقة، وذلك بالإضافة إلى عجز فى تجارة السلع والخدمات يبلغ حوالى 5.5 مليار دولار، وهى التقديرات التى تفترض ألا يخرج من البلاد مزيد من رءوس الأموال، وهو ما قد يحدث إذا اتسعت دائرة العنف.
ويقول السفير جبريل، إن الاستثمار الليبى سوف يتوجه لدعم الاقتصاد المصرى، وإن توسيع رقعة الاستثمار داخل مصر تهدف بالإضافة إلى المردود الربحى قضايا التنمية والمشاركة المجتمعية، حيث يتيح هذا النمط أن تبدأ ليبيا من حيث انتهت مصر فى قطاعات الاستثمار المختلفة.
وبعيدا عن الشروط التى تفرضها الدول الأوروبية لتقديم المساعدات الاقتصادية لمصر، فإن ليبيا تسعى من خلال حزمة المشروعات إلى المساهمة فى حل مشكلات مصر الاقتصادية القائمة منذ ثورة يناير2011، مثل مشكلات تراجع سعر العملة وارتفاع العجز فى الموازنة والبطالة.
ويأتى مجال السياحة فى مقدمة المجالات التى تغطيها حزمة المشروعات الليبية فى مصر، من خلال التعاون فى تنظيم برامج سياحية مشتركة، عن طريق الشركة الليبية للاستثمارات السياحية، حيث يمتلك البلدان مقومات سياحية تاريخية وصحية يمكن من خلال التكامل بينهما أن تستحوذا على حصة كبيرة من حجم السياحة الدولية.
وفى هذا الإطار، أوضح السفير جبريل إن هناك تعاوناً كبيراً يجرى حالياً مع وزارة السياحة المصرية، لتنفيذ الاتفاقيات التى تم توقيعها مؤخرا بين الجانبين لرفع المستوى الفنى لقطاع السياحة الليبى، مؤكدا أن السياحة الليبية بحاجة لمساندة مصر من أجل انطلاقها عن طريق دعم القطاع السياحى المصرى، سواء فى مجال تدريب الكوادر العمالية أو فى التخطيط للاستثمارات السياحية.
ويبلغ حجم السياحة الليبية الوافدة لمصر 583 ألف سائح خلال العام الماضى، احتلت بها المركز الخامس ضمن قائمة أهم عشرة أسواق مصدرة للسياحة إلى مصر، فيما يعتبر معدل تكرارية توافد السائح الليبى على مصر مرتفعا، حيث يتجاوز 3 مرات سنوياً، وذلك نظراً لارتباطه الثقافى والتاريخى بالشعب المصرى، فضلا عن ارتباط الكثير منهم بأعمال خاصة فى المدن المصرية خلال السنوات الأخيرة.
أما فى مجال التعليم الذى تولى ليبيا اهتماما كبيرا بالاستفادة من الخبرات المصرية المتراكمة فيه، فتشمل حزمة المشروعات تعاونا متصاعدا مع الجامعات المصرية، وتأسيس تجربة جديدة فى نقل المدارس الليبية الموجودة فى مصر إلى مناطق ليبيا، حاملة ما تراكم لديها من خبرات وبرامج تعليمية.
كما تشمل حزمة المشروعات الليبية إنشاء صرح طبى عملاق فى مرسى مطروح المتاخمة للحدود، حيث يمكن الاستفادة من قرب المسافة وسيولة الحركة بين البلدين، فى تقديم خدمات طبية عالمية تمتلكها مصر، بالإضافة إلى نقل الخبرات الطبية المصرية إلى الليبيين.
وفى إطار الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية فإنه سيتم التنسيق مع رجال الأعمال حول الدور المصرى فى ليبيا والاستثمارات المشتركة فى مصر، بالإضافة إلى سبل رفع إمكانيات المؤسسات الوطنية التى تستطيع التعاون مع ليبيا.
ويقول السفير جبريل، إن شركة المقاولون العرب بما تمتلكه من خبرات عظيمة، سوف يكون لها دور هام مشروعات إعادة الإعمار، وذلك بالإضافة إلى دورها فى نقل الخبرات إلى الليبيين فى مجال البناء والتشييد.
كما تشمل حزمة المشروعات الليبية الداعمة للاقتصاد المصرى، تأسيس شركة عملاقة للصيد البحرى، حيث تمتلك البلدان شواطئ طولها أكثر من 3000 كم، وهو ما يسهم فى إنهاء مشاكل الصيد غير القانونى، التى يذهب ضحيتها عشرات المصريين سنويا بسبب دخولهم المياه الإقليمية الليبية بدون تراخيص.
ويؤكد السفير الليبى لدى القاهرة أن العمل على تطوير العلاقات المصرية الليبية، يأتى ضمن إطار أوسع لتطوير رؤية حول كيفية تفعيل التعاون بمختلف أشكاله بين دول الربيع العربى، وإكسابها وزنا سياسيا واقتصاديا أكبر فى إطار العمل العربى والإسلامى المشترك وفى المنطقة بشكل عام، وهو محور ممتد يستهدف بناء أطر التعاون والتكامل المستقرة والمستدامة لتحقيق شراكة استراتيجية على الصعيد السياسى والاقتصادى والأمنى وغير ذلك من المجالات.
حزمة مشروعات ليبية جديدة لإنعاش الاقتصاد المصرى
الأربعاء، 10 يوليو 2013 02:00 م
الرئيس الليبى الجديد نورى أبو سهمين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د حسين سعيد قري
وجه نظر.
عدد الردود 0
بواسطة:
abd u
ليبيا اولا