استعرضت الحلقة الأولى من البرنامج الحوارى "آمنت بالله" فى موسمه الثالث حديثا حول فكرة "الثنائيات"، ونوه خيرى رمضان إلى أنها مستقاة من مقال للحبيب على الجفرى نشر سابقا بعنوان: "الأسئلة العشرة إلى فلاسفتنا ومثقفينا"، وطرح تساؤلاً: لماذا عشرة أسئلة؟ وهل مشكلات حياتنا تكمن فى هذه العشرة؟ فيجيبه: أنه ليس المقصود العدد وإنما طرح عدد من الأسئلة التى تبلورت نتاج تراكمات من التجربة الذاتية ومن القراءة بالكتب وللواقع الذى نعيشه، والجامع بينها هو الاحتباس على الثنائيات فى أمور حياتنا، مما أدى إلى تعطيل التفكير والإبداع وتخلفنا عن الشراكة الإنسانية، وأن يكون لنا حق فى صياغة مستقبل الأرض.
ويواصل الحبيب الجفرى حديثه حول الفكرة والتفاعل مع مقال الأسئلة العشرة، بأن المتوقع أن يكون قراء المقال من طبقة محددة إلا أنه تفاجأ بأن قراءات المقال تجاوزت ضعف أكثر مقالاته قراءة، ربما لأن هذه الأسئلة بالرغم من كونها تنظيرية أو فلسفية، إلا أنها تمس كثيرا من جوانب واقعنا ويومياتنا، وتلامس كثيرا من أسئلة الشباب.
وسأل خيرى رمضان، الجفرى، كيف وصل ورصد هذه الأسئلة فى أى محيط ودائرة؟ وأجاب أنه وصل إليها بـ"نقد الذات"، والأغرب من ذلك أن هذا النقد الذاتى شمل مستويات أربعة: الشخصى، بيت الخطاب الإسلامى، الأمة العربية والإسلامية، الإنسانية، واقتبس من حديثه عن نقد المستوى الشخصى قوله: "أمر شنيع أن تعيش متصوراً أنك تعمل على تقريب الناس إلى الله ثم تكتشف أن فى بعض ما تقول أو تفعل ما يمكن أن يكون سبباً فى صد الناس عن الله عز وجل"، وحين انتقل إلى نقد بيت الخطاب الإسلامى قال: "لدينا تراكمات فى بيت الخطاب الإسلامى تتعلق بما يترتب على إهمال التجديد ونقد السلوكيات من الخلط بين ما هو خدمة للدين وما هو حظ النفس"، وهكذا ينتقل الجفرى إلى دائرة أوسع تشمل محيط الوطن والعروبة والإسلام، فيقول: "كفانا استدعاء للأمجاد دون أن يكون هذا الاستدعاء مصحوباً بالفهم والتفكر فيما هو الخطأ؟ وما الذى جعلنا نتخلف بعد التقدم والأمجاد التى كنا عليها؟"، ويختم بالإنسانية، وهى المستوى الرابع فى نقده لذاته: "بينى وبين من يحيا على كوكب الأرض أخوة إنسانية أياً كانت دياناتهم، مسلم أو مسيحى أو يهودى أو ملحد أو أياً كان مع تحول العالم إلى قرية صغيرة".
ويختم الجفرى الحلقة بإجابة على سؤال خيرى رمضان بأن أغلب الأفكار المطروحة مستوردة من الخارج، وهم نجحوا فى تطبيقها ونحن فشلنا! ونحن فى هذه الحلقات نبحث عن منهج وفكرة ثالثة ورابعة بعيدا عن الثنائيات، فكيف نصل إلى فكرتنا ومشروعنا؟ فيقول الحبيب: تأخرنا لأننا لم نخدم نموذجنا ولم نعمل على تطبيقه برؤى واضحة وروجنا أن لدينا مشروعاً إسلامياً، وأن اختلافنا مع الآخر يعنى أن نرفض كل ما جاء منهم، واختلافنا عن النموذج المعرفى (البارادايم) لمرحلة ما بعد الحداثة لا يعنى ألا أستفيد من الجوانب المشرقة فى نتاج وجزئيات النموذج من منطلق الشراكة، كما أن اختلاف الأفكار والنماذج المعرفية لا يلزم منه التصادم ولا عدم الاستفادة، بل من الممكن أن يؤدى إلى ارتقاء البشرية والمقصود من طرح الأسئلة أن "نفكر" جدياً: لماذا نحتبس على الثنائية؟ إما دكتاتورية أو ديمقراطية؟ لماذا لا نفكر فى مرحلة بعد الديمقراطية؟ لماذا لا نفكر فى نموذج ثالث؟!