بقراءة مبدئية للمشهد السياسى، يمكن استنباط أن ما هو مطلوب من الرئيس. المطلوب هو الانسحاب الآمن من المشهد له ولجماعته . الجموع البشرية الهادرة التى نزلت إلى شوارع وميادين مصر تأمركم بالانسحاب الفورى بلا تردد . لم تنزل هذه الجماهير عبثاً ولا لهواً . ولم تنزل الجماهير إلى الشوارع والميادين بتعليمات من أحد. لم يقبضوا ثمناً لهذا النزول ولا أجراً . لم تنزل الجماهير لأنها مغررً بها أو مضحوكاً عليها. لم تغسل لهذه الجماهير أدمغتها بأفكار إرهابية . لم تدفعها للنزول هلاوس سمعية وبصرية عن مؤامرات داخلية وخارجية ضد الإسلام والمشروع الإسلامى. لم تنزل هذه الجماهير إلى الشوارع لأنهم كفرة فجرة لا يبغون سوى الفساد فى الأرض. لم تنزل هذه الجماهير إلى الشوارع طلباً للقمة خبز، أو شربة ماء أو قطرة سولار أو بنزين، أو طلباً لوظيفة محروماً منها. لم تنزل جماهير الشعب إلى الشوارع لأنهم فلول النظام السابق لأن هذه الجماهير هى التى تحدد من الفلول. لم تنزل هذه الجماهير إلى الشوارع لأنهم بلطجية وأولاد شوارع. لقد نزلت الجماهير إلى الشوارع حتى تضع حداً لهذه المهزلة وتلك العبثية فى إدارة شئونها، ولن تعود إلى بيوتها حتى تنفذ إرادتها، وتستعيد عرش بلادها من مغتصبيه فى غفلة وتحت تهديد السلاح. وأيا كانت تصنيفات أهل الحكم لهذه الجماهير فإنها تمثل الإرادة الشعبية، وهى مصدر الشرعية لمن يجلس على عرش مصر، إن شاءت رفعته، وإن شاءت أنزلته . ولا شرعية لأى شخص أو لأى مؤسسة، أو لأى شىء فوق تلك الشرعية . والآن، الآن فقط أدركت أن خطاب الرئيس مرسى فى مثل هذا اليوم فى ميدان التحرير لم يكن موجهاً للشعب المصرى، وإنما كان موجهاً للجماعة، الأهل والعشيرة، وأدعو جماهير مصر إلى سماع هذا الخطاب كرة أخرى حتى يدركوا ما أقول. فالأفعال والأقوال اللاحقة لهذا الخطاب تنبئ بذلك بلا ريب. ولما كانت هذه الجماهير عبقرية، والوعى الجمعى لديها بحجم تاريخها الضارب بجذوره فى أطناب الأرض جعلت للكارت الأحمر دوراً فى التاريخ. الكارت الأحمر انتقل من الملاعب الرياضية إلى الملعب السياسى بنفس المعنى والمضمون، الكارت الأحمر يعنى الطرد من ساحة الملعب لمن ارتكب ما يستوجب طرده، تنطلق الصافرة لإيقاف اللعب، ويجرى إشهار الكارت الأحمر. الصافرة انطلق صفيرها فأوقفت اللعب، والكارت الأحمر تم إشهاره من قبل الملايين فى مواجهة حكامه. لا تصم أذنيك عن النداء الذى يملأ عنان السماء: ارحل .ارحل فعل أمر واجب النفاذ . ولا تغمض عينيك عن ذلك المشهد المهيب لجماهير مصر وهى تزحف متدفقة عبر الأزقة والشوارع والميادين معلنة غضبتها المزلزلة . إنكار الواقع بإغماض العيون وصك الآذان لا ينفيه. لقد سقطتم أخلاقياً فأصبح سقوطكم السياسى أمراً مقضياً، ولا حيلة لكم فى البقاء، لأن السقوط الأخلاقى هو المقدمة المنطقية للسقوط السياسى . لن تجدى مع الشعب ما تدعون إليه من حوارات قد عبثتم بقيمتها فأفقدتموها معانيها وقيمتها الأخلاقية والسياسية . ولن تثنى أطروحاتكم عن تغيير وزارى أو نائب عام أو تعديلات دستورية إرادة الشعب المصرى التى عقد عليها العزم، وخرج من أجل إنقاذها . ولن تخيف تهديدات أذيالكم بتحويل مصر إلى بحور من الدماء وأفغنتها وصوملتها طفل صغير يهتف وسط الجموع: "يسقط يسقط حكم المرشد" . لقد فات أوان المسكنات . لقد بلغت تباريح الألم مداها ولم يعد الشعب يحتمل، لا بديل عن التدخل الجراحى لاستئصال الورم السرطانى الآن وليس الغد .
الرئيس مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اميره صلاح
مقاله رائعه للغايه
هذا ما يجب ان يحدث ان يرحل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد رايد
مين يسمع
الى العقول النيرة
عدد الردود 0
بواسطة:
جوني
الاسكندرية
لو بتحب النبي ارحل
عدد الردود 0
بواسطة:
khalil
الأهل والعشيرة
سيدى الكاتب ... هل تعرف عدد الأهل والعشيرة ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
حنين
انت دائما متالق
اكثر من رائع استاذى الفاضل .الهام
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر
احسنة القول