غادة عطا تكتب: الثورة ما بين حلم التغيير وظلال المؤامرة "10"

الأحد، 09 يونيو 2013 04:04 م
غادة عطا تكتب: الثورة ما بين حلم التغيير وظلال المؤامرة "10"    صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كنا قد تحدثنا فى حلقات سابقة عن أخطاء النخب والتيارات السياسية، وكذلك الثوار فقد آن الأوان للحديث عن إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للفترة الانتقالية، فقد شهدت المرحلة الانتقالية الكثير من التخبط والعشوائية التى لا يتحملها طرف واحد دون الأطراف الأخرى بل هى مسئولية مشتركة للجميع.

نستطيع أن نقول بوضوح أن انحياز الجيش للشعب فى الثورة ومساندته لمطالب الشعب كان نجاحا كبيرا للثورة ومن دونه لم تكن هناك ثورة أو تغيير نظام، ولقد رأينا فى البلاد من حولنا عندما وقفت الجيوش مساندة للأنظمة حدثت حروب أهلية وضجت الشوارع بالدماء الزكية وتهدمت البنى التحتية لتلك الدول، لكننا لا نستطيع إنكار أن أخطاء المجلس العسكرى عصفت بالدولة والثورة فى آن واحد لأنها صدرت عن قادة جيش مصر.
وسنحاول أن نستعرض بعض تلك الأخطاء :
_ أول ملامح الأخطاء الاستراتيجية التى وقع فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة هى عدم وضع خطة بالأولويات والمهام أوخريطة تحدد ملامح المرحلة الانتقالية التى يلتزم بها .
_ مع نزول الجيش للميادين كانت لدى قوات تأمين الميدان الكثير من المعلومات عن أحداث الثورة إلا أنها لم تفصح عنها صيانة للدولة وحرصا على علاقات طيبة بالجميع ومن هنا بدأ خلط الأوراق وطمس الحقائق وتزييفها فالجيش لم يواجه الشعب بحقيقة القناصة فوق الأسطح والعمارات، كما لم يتح إعلاميا كل الحقائق عن كيفية حرق الأقسام وفتح السجون بشكل كامل حتى تكونت قناعة أن الفاعلين هم النظام السابق دون غيره دون تدقيق أو تحقيقات معلنة ومعلومات موثقة تكشف الحقيقة أيا كانت وأيا كان الفاعلون فهذه هى حقوق أبناء هذا الشعب الذين سالت دماؤهم من أجل هذا الوطن وللأسف رضخ أعضاء المجلس العسكرى لمن يحاولون التعتيم على أى شىء يظهر ويشككون فى كل من يتيح معلومة عن حقائق مروعة و قبولوا بالابتزاز السياسى ممن اعتدوا على الأمن القومى للدولة وقتلوا وحرقوا ونهبوا و لو عرف الثوار بنقائهم وحبهم لوطنهم الحقائق لم يكونوا ليسمحوا لكائن من كان بالعبث بأمن الدولة أو إفساد الوطن لكن الدلائل لم تكن متاحة لهم.
_ اللجوء للإعلانات الدستورية كحل لتعطيل الدستور، وهو ما دخل بنا للكثير من البنود المختلف عليها وكان الأولى عدم إصدار أية إعلانات دستورية واستدعاء دستور 71 من التعطيل بما يحفظ مكانة مصر إقليميا واستراتيجيا ويحمى مواقفها فى كافة القضايا العالمية حتى مع تغيير النظام ووجود فترة انتقالية، كما يجعل جميع القوى تستوعب أن جميع القرارات والقوانين لابد أن تكون فى إطار دستورى ولا يخرج علينا كل واحد بأفكار ومطالب خارجة عن الدستورية وسيادة القانون وهو ما يحمى الاستثمارات والاقتصاد عندما يطمئن كل مستثمر على أمواله وعلى قوة القانون وأمان استثماراته فى مصر.

_ كان الأسوأ هو الانزلاق بالبلاد إلى معركة تغيير الدستور وجر البلاد لكل تلك الانقسامات والمهاترات السياسية والوقفات الاحتجاجية والخسائر الاقتصادية فى حين أن الحاجة الملحة والأولوية كانت لتغيير مواد الحكم بما يضمن التداول السلمى للسلطة فى إطار دستور مؤقت يغنينا عن إصدار إعلانات دستورية قد يتفق أو يختلف عليها الناس وتكون محل للجدال والمشكلات وتأجيل عمل دستور جديد لحين استقرار الأوضاع السياسية واندماج الأحزاب والمؤسسات والأفراد بشكل أكثر نضجا فى الحياة السياسية لإفراز صورة جديدة للمجتمع المصرى حينها يكون الدستور بحق معبرعن تطلعات الشعب فى دولة على طريق النمو والتنمية، كان الأمر يحتاج لوجود رؤية وصراحة ومكاشفة مع الشعب وتسويق جيد إعلاميا وسياسيا يحمى الدولة ويحفظ أمنها ويحدد أولوياتها. .
_وضع مستقبل الدولة رهن الضغوط اتجاهات سياسية تصل الاختلافات فيما بينها إلى حد التضاد وتصل الطلبات إلى حد التناقض فيما بينها، مما دخل بنا إلى الكثير من القرارات غير القانونية والتشريعات غير الدستورية، وهو ما أظهر جليا عدم وضوح الرؤية والانتظار لضغوط الميدان لاتخاذ القرارات فى حين أن القرارات الحاسمة كانت كافية لزرع الطمأنينة فى النفوس ووأد الفتن فى بداياتها.
_التصدى للكثير من الأمور التى كان ينبغى عليهم تجنبها وتركها للرئيس القادم المنتخب استجابة للضغوط السياسية فى حين كان الأجدى تصدير كافة الحقائق وشرح المواقف للشعب وتأجيل الأمور المتأزمة لحين انتخاب رئيس يمتلك شرعية.

وكذلك الدخول فى معترك محاكمات النظام السابق واسترداد الأموال فى حين كان ينبغى ترك ذلك كله لرئيس منتخب مع التركيز على مهام المرحلة الانتقالية قصيرة الأجل والأهداف المرحلية الآنية وجمع شمل أبناء الوطن وكان كافيا التعامل مع رموز النظام السابق وفق القانون فمن تقدم ضده قضايا حقيقية هو من يحاكم بمقتضى القانون. .
_الرضوخ لضغوط الأحزاب المدنية التى كانت تطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتأجيل الانتخابات لحين تكوين أحزاب قوية تستطيع مواجهة الأحزاب الإسلامية، وبالفعل تحت الضغوط والمليونيات والمفاوضات الجانبية تم تأخير الانتخابات التشريعية ومن بعدها الرئاسية ولو التزم المجلس بالستة أشهر ووضع أولويات محددة لا يحيد عنها لانجاز مهمة تسليم السلطة ما كنا واجهنا كل ما وجهناه من نفس القوى التى انقلبت على طلباتها السابقة وهاجمت الجيش بأكمله فضلا عن المجلس العسكرى، مما ملأ قلوب ضباط الجيش بالغصة والمرارة وكسر الرباط القوى نحو الجيش فى قلوب الشعب.
_التفريط والتهاون فى هيبة القوات المسلحة بغرض استيعاب الشارع السياسى وضغوطه حتى شعر الجنود والضباط بالحزن والغصة والظلم وهم يجدون أنفسهم فى مواجهة غضب الجماهير دون ذنب اقترفوه وهم جيش مصر وفخرها.
_عدم وجود شفافية كاملة والكشف عن تفاصيل إدارة المرحلة الانتقالية بحثا عن التوازن وعدم التصعيد بينما الحقائق أيا كانت ومهما كانت صادمة حتى لو أدانت المجلس العسكرى نفسه أو أى فصيل سياسى أو جهات خارجية ستجعل الجميع مشاركين ومدركين للصورة الكاملة وقادرين على اتخاذ مواقف أفضل كما سيحمى مؤسسات الدولة من لغة عدم الثقة التى كانت السمة الأكثر وضوحا فى المرحلة الانتقالية، فضلا عن عدم وجود بيانات إعلامية دورية تشرح يوما بيوم بالأرقام والمعلومات الموثقة عن كل ما يتم وما تحقق وما أخفق فيه وخاصة كل ما يتعلق بالوضع الأمنى والاقتصادى وأرقام عجز الموازنة والمشاكل الاقتصادية بشكل لا يقبل التشكيك فيه فى ظل الهجوم المتواصل على كل ما يصدر عن المجلس العسكرى فالتواصل المعلوماتى لم يكن مستمرا ومحددا بأرقام وتواريخ تستطيع أن تواجه سيل المواجهات السياسية والإعلامية، بل إن إذاعة كل اللقاءات التى أجراها المجلس العسكرى بشكل مباشر سواء مع الشباب أو مع الأحزاب والقوى السياسية كان كفيلا بكشف الكثير من الحقائق والمواقف والرؤى لدى الجميع.

_عدم إصدار تشريعات قانونية دستورية لمواجهة البلطجة فلا تحتاج الدولة لمحاكمتهم محاكمات عسكرية يثور الجميع ضدها حماية لحقوق الإنسان وحفظا لآدميته فوضع قانون يحمى المجتمع ويردع البلطجية وهو ما ينزع الفتيل المشتعل على الدوام ويهدىء الوضع السياسى والأمنى. .
_محاباة بعض الفصائل السياسية نظرا لقوتها على الأرض والتراجع عن تطبيق قوانين خشية من الهجوم الإعلامى والرضوخ لها فى اختيارات الحكومة والمسئولين، مما جعل القرارات تبدو مبتورة ومشوشة وكثيرا ما تم التراجع عن قرارات سيادية رضوخا لتلك القوى، وهو ما أثار أطيافا واسعة وقطاعات عريضة من الشعب .
وللحديث بقية ان شاء الله .













مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

نهاد

الحقيقة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية

فشل الثورة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة