تفخر إسرائيل كثيرا بقواتها المسلحة، حيث يؤدى معظم الشبان والشابات فى البلاد الخدمة العسكرية الإلزامية دون اعتراض.
ولكن هناك من لا يستطيعون التوفيق بين استخدام السلاح وضمائرهم، أو قناعتهم السياسية، وبالتالى فهم يرفضون أداء الخدمة العسكرية. يدفع هؤلاء ثمنا باهظا، وهو السجن، وفى كثير من الأحيان يحرمون من ميزات فى حياتهم المهنية. وناتان بلان واحد من هؤلاء المستنكفين ضميريا.
ويعرف المستنكف الضميرى بأنه الشخص الذى يدعى الحق فى رفض أداء الخدمة العسكرية تحت زعم حرية الفكر أو حرية الضمير أو الدين.
ومنذ نوفمبر الماضى، اعتقل بلان 10 مرات، لفترات تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، وقد وضع فى السجن العسكرى رقم 6 فى عتليت بحيفا، حتى تم إعلان عدم صلاحيته لأداء الخدمة العسكرية وأطلق سراحه الثلاثاء الماضى.
ولا تسمح إسرائيل بالاستنكاف الضميرى- حيث يعاقب عليه القانون، ولكن لا يزال السبب غير واضح وراء اعتقال المستنكف البالغ من العمر 20 عاما لفترة أطول من غيره.
وفى معظم الحالات، يتم إرسال المستنكفين إلى منازلهم بعد وضعهم فى السجن لفترة قصيرة، إلا أن، معاملة بلان بطريقة أكثر قسوة عن غيره لفتت انتباه وسائل الإعلام الإسرائيلية لقضيته.
وتظاهر أصدقاء عائلته وعدد قليل من النشطاء السياسيين خارج قواعد عسكرية، ونالت قضيته دعم اثنين من المستنكفين ضميريا فى مصر. وعلق بلان على ذلك بقوله "نحن جزء من نفس حركة السلام ".
وأوضح بلان أن السبب الرئيسى وراء موقفه هو احتلال بلاده للضفة الغربية.
وقال لصحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية إن "السلوك غير الديمقراطى" لإسرائيل وعدم المساواة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو السبب الأساسى الذى يقوم عليه اعتراضه على أداء الخدمة العسكرية.
وبرر بلان قراره بعدم الخدمة فى الجيش بقوله: "لدينا شعبان فى بلد واحد، ولكن شعب واحد فقط له الحق فى التصويت".
وأوضح بلان أنه تبين أن التصريحات المتكررة بأن الوضع مؤقت وبقرب توصل الجانبين إلى تسوية قائمة على أساس دولتين، كاذبة.
وأوضح أنه لم يلجأ إلى حيل حتى يخرج من السجن.
وفى حديثه مع "هاآرتس"، قال بلان "إن خيار رؤية ضابط الصحة النفسية للحصول على براءة ذمة، بسبب صعوبة الوضع بالنسبة لى داخل السجن، أو لسبب نفسى، ليس ذا صلة.. أعتقد أن الناس الذين يسلكون هذا المسلك يرتكبون خطأ ".
ويشكل بلان وآخرون مثله معضلة بالنسبة للجيش الإسرائيلى. فالسؤل المطروح هو: "كيف سيتصرفون إذا رفض المجندون العسكريون إخلاء مستوطنات يهودية فى الضفة الغربية؟".
ويراقب أعضاء التيار السياسى اليمينى المتطرف قضية بلان عن كثب، حيث يمكن أن يستدعوا للخدمة فى المستقبل، ضد رغبتهم.
ربما ليس لديهم نفس الدوافع السياسية التى لدى بلان، ولكن تصميمه فى الدفاع عن قضيته أكسبه احترامهم.
وقالت شاهاف فيسبين /21 عاما/، وهى ناشطة مناوئة لـ "عسكرة المجتمع الإسرائيلى": "لا يريد الجيش مشاغبين… عادة ما يتم تسريح من هم مثله بصورة سريعة وهادئة".
وبدلا من المشاركة فى الخدمة العسكرية- ثلاث سنوات للرجال وسنتان للسيدات- أدت فيسبين الخدمة المدنية. ويأمل بلان أن يحذو حذوها، لكن جيش الدفاع الإسرائيلى غالبا ما يسمح للشابات فقط بهذا الخيار.
ووفقا لمجموعة "نيو بروفايل" التى تنتمى إليها فيسبين، يتمكن العديد من الشباب الإسرائيلى من الخروج من الخدمة العسكرية سنويا، وبينهم شديدو التدين، ومن يعانون من إعاقة جسدية أو نفسية.
كان من الممكن أن يفضل بلان أحد هذه الخيارات، ولكنه قال للصحيفة: "لم أكن أريد أن أكذب".
وهناك عدد قليل فقط من الذين يستدعوا للخدمة، يرفضون أداءها لأسباب أيديولوجية، مع علمهم أنهم يواجهون السجن والرفض المحتمل فى جميع مجالات الحياة، من العمل إلى التعليم والحصول على منزل.
