«حقق ما عجزت ثورة يوليو عن تحقيقه، وكان دائما بطل الحرب والسلام، واستعاد لمصر دورها الرائد فى العالم العربى، وحقق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وحرص على استرجاع الأراضى العربية المحتلة، وعلى رأسها القدس العربى والجولان السورى، وإقامة الدولة الفلسطينية، علاوة على اهتمامه بالطبقات الفقيرة، وتوسعه فى تقديم الرعاية الاجتماعية للمحتاجين، وحرصه على زيادة الإنفاق على دعم السلع والخدمات لمحدودى الدخل».
بعد قراءة هذه الفقرة أجب عن الأسئلة الآتية:
من البطل العظيم الذى تتحدث عنه الفقرة السابقة؟
فى أى كتاب دراسى جاءت هذه الفقرة؟
من الذى وضع هذه الفقرة فى المنهج؟
اذكر اسم وزير التربية والتعليم الذى تمت إضافة هذه الفقرة فى عهده؟
هل تتصور أن هذه الفقرة تتحدث عن الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وأن النص من كتاب التاريخ المقرر على الثانوية العامة قبل تغييره، وأن واضع هذه الفقرة فى الكتاب هو اللواء جمال حماد أحد الضباط الأحرار، وأن وزير التعليم الذى تم فى عهده وضع هذه الفقرة هو حسين كامل بهاء الدين، ولم يستطع أى وزير جاء بعده حذف هذا الجزء من المنهج إلا بعد قيام ثورة يناير.
فقد قامت وزارة التعليم التى تسير بناء على توجيهات السيد الرئيس بحذف صورة الرئيس المخلوع مبارك من على أغلفة الكتب، وتم الحديث عنه باعتباره مزوِّر الانتخابات وراعى الفساد الذى فشل فى تحقيق أى إنجاز طوال ثلاثين عاما.
هذه الواقعة تُلخص، وتكشف، وتفضح حال التعليم فى مصر!
لكن تلك الواقعة ما كانت لتحدث لولا سيطرة الداخلية على التعليم، ولولا رغبة النظام الحاكم فى تمرير ما يشاء من أفكار عن طريق التلاميذ الذين يحفظون دون أن يمرروا هذا الكلام على عقولهم، فالقيمة الوحيدة التى سعت نُظم الحكم المتتالية على ترسيخها هى قيمة النتيجة أيا كانت الوسيلة!
وقد حرصت هذه الأنظمة رغم اختلاف توجهاتها على أن تكون مناهج التعليم خالية من الإبداع وتخدم توجهاتها، لذلك بدلا من أن تسهم المناهج فى ارتفاع نسب الذكاء وتنمية القدرات والمهارات لدى الطلاب أسهمت فى انخفاض معدلات الذكاء، ونشر الخرافات بين خريجى المدارس والجامعات.
إذن.. لا أبالغ إذا قلت إن التعليم أسهم فى التجهيل بعد أن أكدت الإحصائيات الرسمية لوزارة التربية والتعليم أن %30 من تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية لا يجيدون القراءة والكتابة، وحتى من حصلوا على شهادات جامعية أغلبهم لا يدركون ما يجرى حولهم، ولا يقرؤون أكثر من الكتب المقررة - إن قرؤوها - وبالتالى فبدلا من تنمية الخيال تمت صناعة الغباء.
فالتعليم فى مصر فى خدمة النظام، على طريقة المثل القائل «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»، لذلك هو الآن فى خدمة الإخوان، تجد أعضاء الجماعة فى كل شىء فى وزارة التربية والتعليم، وداخل مراكز توزيع الأسئلة، وفى لجان الامتحانات، وأمام اللجان، وفى مراكز الدروس الخصوصية، وفى عملية نقل أوراق الأسئلة، وفى الكتب الدراسية!
فجأة حل حزب الحرية والعدالة محل الحزب الوطنى، وما كان يفعله المُنحل صارت تفعله المحظورة، وتم حذف اسم مبارك، وجاء ذكر محمد مرسى مكانه، ودخل مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا كتب التاريخ، والتربية الوطنية، وأزيحت سوزان مبارك وتهانى الجبالى، وفرخندة حسن، وجاءت أم أيمن، إنها نفس التفاصيل، والأفكار، والمبادئ، والرؤى لكن باختلاف الأشخاص، نفس الجرائم مع اختلاف «الفاعل»، لكن ظل «المفعول به» دائما كما هو الشعب المصرى!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
توت عنخ امون
مين هو