السيادة بالمعنى البسيط هى بناء الشخصية على أسس ووضع حدود لها، ويكون لها رأى مستقل ودون ضغظ من أحد، فإذا كان هذا تعريف للسيادة فليس من الطبيعى إسقاطه على السيادة المصرية.
فى البداية، عندما تصبح السيادة عبارة عن حدود على الخريطة أو حبر على ورق فكأنها أمر افتراضى، لأن الواقع غير ذلك، لأنها وباختصار تصبح حدود وهمية ليس لها علاقة باتخاذ القرار، وأى تحدُث عن السيادة فى مصر هو نوع من السذاجة.
الشواهد كثيرة على ذلك، فخطف الجنود داخل حدودنا وانتظار قرار السلطة لأمر من إسرائيل بالسماح لها بدخول منطقة (داخل حدودنا)، فهذا يسمى بـ"السيادة الناقصة"؛ إذاً فسيادة الدول واستقلالها كان ولا زال وسيظل مرتبطا ارتباطا وثيقا بالطرف الآخر من المعادلة الدولية، فلا أحد يتحدث من المسئولين عن سيادة البلد والحدود المرسومة لأنه وبلا شك (وهم)، ومن يقرأ لدراسات خارجية يعلم بأن منطقة سيناء هى من البؤر السوداء فى العالم، وإنها منطقه نزاع، وهذه هى حقيقة ما يصدر إلينا من نغمة سيادة الدولة.
أما عن استقلال القرار فى مصر، فهو يتأثر بمعونات مادية واتفاقات دولية جاءت على حساب سيادة الدولة واستقلال القرار بها، وانطلاقا من نفس القوانين التى أعطتها تلك السيادة والاستقلالية مقيدة فيما يتعلق بكثير من نشاطاتها وتصرفاتها وتعاملاتها، وحتى آراءها وأفكارها الداخلية والخارجية، فكم من البلدان والدول التى تدعى بأنها مستقلة والعكس هو الصحيح، فهى إما مخترقة أمنيا أو دول تابعة بحكم الاتفاقيات إلى دول أخرى ذات سيادة تطغى على قرار هذه الدول.
والأهم من ذلك أن تكرار جملة (سيادة الدولة) هو ما يؤكد أنها ذات سيادة ناقصة، وأن تكرارها ما هو إلا تصدير لمواطنيها لتتحول من وهم السيادة إلى سيادة الوهم.
وكأن المسئولين فى مصر لم يفهموا بعد أن ثورة التكنولوجيا والمعلومات غيرت مفهوم العالم، وأن المواطن أصبح هو من يقرر إلى من يستمع، ومن أين يأخذ المعلومة، وإلى من يتحدث، فإذا كان المسئولون هم فى حكم التبعية لدولة أخرى، فليس بالشرط تبعية المواطنين لمسئوليها.
محمد أبو بكر يوسف يكتب: وهم السيادة وسيادة الوهم
السبت، 08 يونيو 2013 08:10 م