على حسن السعدنى يكتب: التوحش الشعبى

الجمعة، 07 يونيو 2013 05:38 م
على حسن السعدنى يكتب: التوحش الشعبى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من تنامى نزعات التعصب والطائفية قبل الثورة، ووجود أحداث مؤسفة تتصل بهذا الأمر، إلا أنه فى أثناء الثورة وفى ميدان التحرير على وجه الخصوص ذابت هذه العصبيات والنزعات الطائفية ورأى الجميع هذه الحالة من التآلف بين التيارات المتصارعة، وظهر كيان وطنى موحد ومتوجه نحو الهدف الأسمى، وهو تخليص مصر من النظام الفاسد وإعادة بنائها بشكل صحيح.

ولكن للأسف لم تستمر هذه الحالة الرومانسية لوقت طويل بعد سقوط رأس النظام، وإنما ظهرت بعض الأحداث الطائفية التى هددت الثورة، وظهرت الدعوات الدينية من تيارات مختلفة، مما كرس الكثير من المخاوف من عودة الانقسامات الفكرية والدينية والطائفية بدرجة تهدد استقرار الوطن وتهدد مكاسب الثورة، خاصة أنه حتى الآن لم تتشكل المنظومات السياسية التى تستوعب الاختلافات الطبيعية فى البشر بشكل آمن.

ربما بعد نجاح الثورة فى زحزحة الديكتاتور وبعض أركان حكمه، إلا أن الناس شعروا بأن أشياء كثيرة ما زالت تستحق التغيير، ولكن السلطة القائمة لا تحقق طموحات الناس فى هذا التغيير ولا تواكب الإيقاع الثورى السريع.

وتتسم السياسة الحالية بعد الثورة بالاكتفاء بردود الأفعال المتأخرة، وهذا ما يجعل الناس يشعرون بالحاجة إلى الضغط المستمر والاستنفار الدائم للحفاظ على الثورة ولتحقيق أهدافها بشكل بطئ، إضافة إلى ذلك فإن هذه هى أول ثورة تقوم بهذا الحجم ولا تحكم بنفسها وإنما تحكم من خلال وكيل عنها، وعلى الرغم من الموقف العظيم للجيش المصرى فى الثورة، وأنه حماها بكل معنى الكلمة، إلا أن توقعات الناس تتجاوز كثيرا ما يقدمه المجلس الأعلى لهم، وهذه من طبيعة الثورات والتى تختلف عن طبيعة القائد العسكرى الذى يعمل ألف حساب لحركته.

وإذا استمرت حالة اليأس هذه فإنها قد تؤدى إلى سلوكيات سيئة لا حصر لها تنتهى إلى درجة من درجات اليأس التى تزرع من جديد فى نفوس الناس.

ولهذا يجب أن نفرق بين أولئك الذين كانوا فى ميدان التحرير والمظاهرات من جانب وبين أولئك الذين ظلوا فى بيوتهم من جانب آخر.

واليأس يتطور لدى بعض قطاعات الشعب فى صورة حالة من الحزن والأسى، ويتطور لدى البعض الآخر فى صورة غضب واحتجاج، وهو يظهر كرد فعل للقمع الطويل السابق للثورة، وللمزاج الثورى الفائر، وللتوقعات العالية فى مجالات كثيرة وللإحباطات المتراكمة قبل وبعد الثورة.

وهذه الحالة من التوحش تظهر فى صورة احتجاجات فئوية صاخبة ومتجاوزة للحدود أحيانا، أو فى صورة قطع الطرق وتهديد الناس أو فى صورة أعمال عنف وبلطجة أو فى صورة اعتداء على مسئولين أو فى أحداث شغب طائفية أو فى استعراض القوة لبعض التيارات والفئات والأشخاص.

وهذه الحالة من التوحش الشعبى يخشى فى حالة استمرارها أن تؤدى إلى فوضى هائلة نتيجة سقوط كل معايير القانون والأدب والاحترام، وتحطيم كل الثوابت الاجتماعية بدعوى الثورة والتغيير.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة