أعلنت لجنة التحقيق الدولية المكلفة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتقصى الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان فى سوريا وفى تقرير جديد لها يغطى الفترة من 15 يناير 2013 وحتى 15 مايو الماضى أن النزاع فى سوريا أصبح أكثر تعقيداً، لأن العنف بدأ يمتد إلى البلدان المجاورة وبما يهدد السلام والاستقرار فى المنطقة.
وأضاف التقرير، أن الأعمال العدائية فى سوريا انتشرت بشكل مضطرد فى الأشهر الأخيرة نحو مناطق جديدة وعلى نحو متزايد على طول الانقسام الطائفى، كما أدت التكتيكات الوحشية التى اعتمدت خلال العمليات العسكرية وبخاصة من قبل القوات الحكومية إلى مجازر متكررة والى دمار لم يسبق له مثيل.
وفى الوقت الذى شدد التقرير الدولى على انه هناك أسباب معقولة للاعتقاد بان مواد كيماوية قد استخدمت كأسلحة فى النزاع السورى فإن اللجنة أشارت فى تقريرها إلى أنه لا يمكن التعرف على ماهية هذه المواد أو نظم نشرها أو هوية الجناة.
وقال التقرير إن أطراف الصراع تستخدم خطاباً خطيراً يثير التوترات الطائفية ومن شأنه أن يحرض على العنف العشوائى والشامل، وأكد التقرير أن التحرك الدبلوماسى يظل هو السبيل الوحيد لتسوية سياسية وعلى أن تكون المفاوضات السياسية شاملة وأن تمثل جميع جوانب الفسيفساء الثقافية فى سوريا.
وفى حين ذكر تقرير اللجنة الدولية، أن الصراع فى سوريا قد بلغ مستويات جديدة من الوحشية، نوه إلى انه يوثق وللمرة الأولى الحصار المنهجى الذى يتم فرضه على المدنيين وكذلك استخدام المواد الكيميائية والتهجير القسرى إضافة إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسدية لحقوق الإنسان والتى لا تزال تجرى على قدم وساق.
وقال التقرير، الذى استند على 430 مقابلة أجرتها اللجنة إضافة إلى أدلة أخرى تم جمعها، إن القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها قامت بارتكاب القتل والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسرى والاختفاء القسرى وغيرها، كما قامت بارتكاب العديد من هذه الجرائم كجزء من هجمات واسعة النطاق أو منهجيه ضد السكان المدنيين، وبما يشكل جرائم ضد الإنسانية، كما ارتكبت قوات النظام جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما فى ذلك الإعدامات بإجراءات موجزة والاعتقال التعسفى والاحتجاز والنهب وتدمير الممتلكات، إضافة إلى التسبب فى مأساة أكثر من أربعة ملايين شخص فى سوريا من المشردين داخليا بسبب الأحداث الأخيرة التى تم فيها استهداف النازحين وتهجيرهم قسرا.
من جانب آخر، ذكر التقرير أن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة ارتكبت أيضا جرائم حرب بما فى ذلك القتل وإصدار الحكم وتنفيذه دون اتباع الإجراءات القانونية، وذلك بالإضافة إلى التعذيب وأخذ الرهائن والنهب.
وقال التقرير، إن الجماعات المعارضة المسلحة لا تزال تشكل خطراً على السكان المدنيين عن طريق وضع الأهداف العسكرية فى المناطق المدنية، لافتاً إلى إن الانتهاكات والتجاوزات التى ارتكبتها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة لم تصل رغم ذلك إلى كثافة وحجم تلك التى ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها.
اللجنة التى أكدت فى تقريرها أن عدم السماح لها بالوصول إلى سوريا مازال يقوض قدرتها على أداء مهامها أشارت إلى أن الاعتداءات العسكرية على السيادة السورية فتحت أبواب احتمال اندلاع أعمال عنف قد تدمر المنطقة خاصة بعد أن أكد الأمين العام لحزب الله وبشكل علنى تدخل مجموعته فى النزاع إلى جانب الحكومة السورية وكذلك دعوة بعض رجال الدين السنة للمتطوعين بالذهاب للقتال فى سوريا.
وبينما أعرب تقرير اللجنة عن القلق البالغ إزاء تلك التدخلات فقد أكد على أن الحرب فى سوريا باتت تؤثر بوضوح فى الديناميات السياسية المحلية للدول المجاورة لسوريا وكذلك على توتر العلاقات بين طوائفها المتعددة وبما يهدد استقرارها الداخلى الهش.
وقال التقرير إن المأزق السياسى الراهن والتصعيد العسكرى مثل نتاجا للمواجهة الإقليمية والدولية بين مؤيدى الحكومة السورية ومعارضيها وهو ما يترجم إلى شحنات الأسلحة والدعم السياسى لكلا الجانبين من قبل حلفاء كل منهما.
التقرير الذى شدد على أن الاقتراح الأمريكى الروسى بعقد مؤتمر دولى فى جنيف (جنيف 2) يمكنه كسر الجمود الدبلوماسى إذا قام بتوفير عملية سياسية شاملة لإنهاء العنف،أضاف انه وخلال الفترة المشمولة بالتقرير تم تسجيل 17 حادثا يمكن تسميته بالمجزرة وثبتت فيه نية القتل الجماعى العمد، كما أنه وفى بعض الحالات تأكدت هوية الجانى بينما ما تزال الحالات الأخرى قيد التحقيق.
وبينما تناول التقرير الدولى العديد من حالات تجنيد الأطفال فى الصراع السورى المستعر وكذلك المعاناة التى يواجهها أطفال سوريا جراء حصار القوات الحكومية للمدن والقرى إضافة إلى القصف الجوى المستمر، فقد لفت أيضا إلى معاناة اللاجئين الفلسطينيين فى سوريا وعمليات النزوح الجماعى لهؤلاء إلى البلدان المجاورة وبما يعقد من وضعه المعقد فى الأساس.
واستعرض التقرير الدولى ما تتعرض له المستشفيات والمرافق الصحية من هجمات تؤثر بشكل كبير على حقوق الإنسان السورى وأهمية وصوله إلى احتياجاته الطبية كما استعرض أيضا الادعاءات الخاصة باستخدام الأسلحة الكيماوية من قبل كلا طرفى الصراع وإن كان أغلبها (حسب التقرير) يتعلق باستخدام القوات الحكومية لها.
لجنة التحقيق الدولية: النزاع فى "سوريا" أصبح أكثر تعقيداً
الثلاثاء، 04 يونيو 2013 11:26 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة