كنا أربعة أبناء - أنا أصغرهم - فى سن المراهقة المتفجرة بمشاعر اﻷوهام والتوهم وكراهية اﻷوامر والسلطة وحب المخاطرة ومتسلحين بفتوة الشباب وطاقاته غير المحدودة والإيمان، بأن تلك السواعد الفتية تستطيع أن تلمس النجوم بل و تغير مساراتها.
يجمعنا بيت قديم على النيل محط أطماع القاصى والدانى نتلقى عروض يوميا لشرائه، بينما لا تسمح شروط الميراث لنا ببيعه.. اجتمعنا ذات يوم فى حديقته الخلفية وقررنا التخلص من سلطة اﻷب الخانقة واخترنا ساعة الصفر يوم عوده أبى من رحلته الشهرية لكارفور، لتموين المنزل باحتياجاته، فلما أفرغنا السيارة وامتلأت مخازن البيت بما يؤمن وجودنا لفترة كافية، أغلقنا باب الحديقة ومنعنا دخوله وتولى أخى اﻷكبر المسئولية وسعدنا ورقصنا ومارسنا حريتنا، كما لم نحلم أبدا وبعد أيام فوجئنا فى الصباح بانقطاع الكهرباء لعدم دفع الفاتورة، وخرج أخى اﻷكبر ليبحث عن مخرج للأزمة فلم يعد و تولى أخى الثانى المسئولية بعد أن تعودنا الظلام ورقصنا وأكلنا وبعد أيام انقطع التليفون واﻷنترنت بما يمثله من عصب لحياة شباب اليوم، وخرج أخى الثانى ليبحث عن حل و لم يعد و تولى أخى الثالث، فأكلنا و لم نرقص وقضينا ليلتنا نتابع النجوم البعيدة فى السماء ونتمنى الا تتحرك كى لا تظلم ليلتنا الظلماء، وفى الصباح اكتشفنا انتهاء مخزون كارفور من المنزل وخرج أخى الثالث وهو يعرف أنه لن يعود فخرجت خلفه أبحث عن أبى.
... فهل رأى أى منكم أبى؟
صورة أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
