محمد توفيق

دفاعا عن الخروف!

الإثنين، 03 يونيو 2013 08:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشعب المصرى بطبعه يحب الخروف! فهو طيب ومطيع، ولا يخالف القطيع، وينفذ أوامر قائده حتى لو قام بذبحه، لذلك له مكانة خاصة فى قلوب الجميع، ومن الصعب أن تجد مصريا لديه موقف مسبق من الخروف إلا إذا كان لا يحب لحم الضائن.

لكن فجأة أصبح ذكر كلمة خروف بمثابة إهانة كبيرة لا يمكن التجاوز عنها، وصار رمزا للغباء ومضربا للأمثال سواء فى أحاديث الناس، وفى وسائل الإعلام، وحل محل الحمار. الخروف كان يعيش بيننا دون أن توجه إليه أى إساءة، فالجميع كانوا يدافعون عنه، ويقفون فى صفه، ويرون فى طاعته لقائده حكمة، لكنه صار مثارا للسخرية بعد أن رأى الناس وجهه الآخر حين تسلل لعالم السياسة، فمجرد سؤال فى امتحان كلية الفنون الجميلة جامعة المنيا قامت الدنيا ولم تقعد على واضع الامتحان، وتم اعتبار السؤال إهانة كبيرة رغم أنه فى صميم المنهج!
أظن أنه من حق الأستاذ الجامعى أن يضع أسئلة الامتحان كيفما يشاء دون رقيب سوى ضميره، طالما أنه ملتزم بالمنهج وبالكتاب المقرر، فمن حقه أن يسأل طلابه «كيف ترسم خروفا يقود قطيعا؟» أو يسألهم «كيف تلون خروفا»؟ أو يقول لهم: «اذكر الخصائص المميزة للخرفان؟» و«ما السر فى التعثر الدائم للخروف؟» و«لماذا تُصر الخرفان على السير كقطعان متلازمين؟» و«ما هى الصفات التى تميز الخرفان عن سائر الحيوانات؟» و«ما أوجه الشبه بين الخروف والحمار؟» و«ما الفرق بين الخروف الصغير والكبير؟!».

الدكتور تهامى محمود تهامى واضع هذا الامتحان الذى أثار الرأى العام كان له وجهة نظر علمية فى وضع الخروف فى المنهج، وجعله سؤالا إجباريا فى الامتحان؛ لأن الخروف ينفرد من بين الحيوانات بصفات عامة لكل أفراد القطيع وصفة وحيدة لقائد القطيع، ومن أهم الصفات العامة للخرفان أن الخروف يستطيع الرؤية بعينيه بزاوية تقترب من 270 درجة إلى 320 درجة مئوية، أى أنه يستطيع أن يرى ما خلفه دون أن يلتفت، ومع ذلك فهو لا يستطيع رؤية الحفر والانخفاضات فى الأرض لسوء إدراكه للعمق والظلال، وهذا يؤدى إلى تعثره الدائم ووقوعه فى الانخفاضات.

الدكتور تهامى كان ذكيا فى اختياره للخروف ليس لما يرمز له فى الفترة الحالية، ولكن لأنه أراد من خلال المنهج والدراسة العلمية أن ينمى ذكاء الطلاب ويجعلهم أكثر قدرة على النظر بصورة مغايرة لما يبدو أنه ثابت، فهو يوضح لطلابه أنه من الصفات العامة للخرفان أن ليس لديها انتماء لمكان إقامة أو وطن معين، فهى دائمة التنقل من مرعى لآخر وهى لا تدافع عن الأرض التى تعيش فيها، المدهش أن جامعة الينوى بشيكاغو قامت بعمل دراسة عن الخرفان فتوصلت إلى أنها أقل فى معدل الذكاء من الخنازير ومتساوية مع الماشية.

ما يحدث يجعلنا نخشى أن يتم استبعاده من قصص الأطفال التى تحكيها الأمهات، خوفا من أن يتعاطف أحد الأبناء مع الخروف، فنجد جيلا من الصغار يكره الخرفان، ويذبحها فى عيد الأضحى ليس لأنها مظهر دينى، وأحد أجمل رموز العيد، ولكن باعتبارها تستحق الذبح.
المشكلة التى نعانى منها الآن أن الناس من كثرة كراهيتها للخروف صار بعضها يرى أن الذئب كان على حق!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة