سد النهضة هو ذلك السد الذى بدأت دولة إثيوبيا فى بنائه على النيل الأزرق، المصدر الرئيسى لمياه النيل المصرى، وسد الحنك هو ذلك السد من الطعام الذى يصل إلى باطن أعلى الفم من الداخل فيتعذر على الإنسان الكلام.
فسد النهضة يحول دون مرور احتياجات مصر من المياه، وسد الحنك يحول دون تلبية حاجة الإنسان إلى الكلام، سد النهضة تبنيه إثيوبيا لأسباب تنموية وسياسية ترسخ مكانتها أفريقياً ودولياً، وسد الحنك تبنيه الجماعة لأسباب تمكينية وسياسية ترسخ لهيمنة الإخوان من أجل إقامة الخلافة الإسلامية.
ويرجع تفكير إثيوبيا فى مسألة السدود إلى أوائل ستينيات القرن الماضى، وكان ذلك بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية كرد فعل سياسى على تفكير عبد الناصر فى إنشاء السد العالى، إلا أن مكانة مصر الأفريقية فى ذلك الوقت من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية حالت دون الحاق الضرر بمصر.
فمصر عبد الناصر ساندت قوى التحرر الوطنى فى هذه البلدان، وساعدتها فى مجالات التنمية الاقتصادية، وفى مجالات التعليم، واستغلت مصر كل قواها الناعمة فى هذا الإطار، ثم انسحبت مصر من أفريقيا مع بداية عهد الرئيس السادات تدريجياً، وظلت مصر تحتفظ بمكانتها الأفريقية طوال عهده بفضل ذكرى عبد الناصر لدى شعوب وقادة هذه الدول، ثم فقدت مصر مكانتها بالكلية فى عهد الرئيس السابق، بل ووقفت مصر موقفا عدائيا بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها.
أما سد الحنك فيرجع إلى أواخر عشرينيات القرن الماضى، وكان ذلك بإيعاز من قوى الاستعمار التى تبنت الجماعة وساعدتها وفتحت لها الأبواب بقصد شق الصف الإسلامى على نحو ما جاء بكتاب الدعوة والداعية لمؤسس هذه الجماعة.
وقد تبدى الانحراف فى فكر هذه الجماعة من الوهلة الأولى باعتبارها قد جاءت لتحيى الإسلام بعد موت، وتعيد المسلمين إليه بعد ضلالهم وتفرقهم، ثم احتكرت الحديث باسم الدين باعتباره جماعة المسلمين، ولا شك أن هناك قواسم مشتركة بين سد النهضة وسد الحنك، فسد النهضة يتخطى حدود توليد الكهرباء التى تحتاجها إثيوبيا إلى استخدامه فى الزراعة ومد الدول المجاورة بالكهرباء ومد النفوذ الإثيوبى إلى الدول المجاورة وإيجاد موضع قدم لها فى هذه الدول باعتبارها الدولة الراعية، والدولة الأعلى، ومحاولة النفاذ إلى موانئ تقضى على عزلتها الجغرافية، ولا يتأتى كل ذلك سوى بالانتقاص من قدر مصر وقدرتها وما تبقى لها من مكانة تاريخية.
أما سد الحنك فيستهدف إصابة كافة الألسنة بالخرس حتى يتسنى أخونة الدولة والتمكين للإخوان حتى ينطلق طائر النهضة محققاً حلم الخلافة، فليخرس القضاء، وليخرس الإعلام، ولتخرس الثقافة، ولا صوت يعلو فوق صوت الإخوان، ويلتقى السدان معاً على أرض مصر فى تصريحات التنييم التى تمارسها إثيوبيا بشأن الأضرار التى تلحق بمصر باعتبارها أضراراً غير واقعية والكلام حولها مفتعل، وتصريحات الإخوان على مختلف مواقعهم فى الدولة بشأن عدم وجود أية أضرار تلحق بمصر جراء بناء سد النهضة "الحنك".
وانا أطلب من المسئولين المصريين أكل سد الحنك حتى يكفوا قليلاً عن الكلام، فلا يصح زعم وزير الرى ومن يدور فى فلك تصريحاته عن عدم وجود أضرار، أو فى استبعاد الخيار العسكرى أو استدعائه الآنى.
كما لا يصح قول المعارضة باستخدام قناة السويس كممر مائى دولى كورقة ضغط على ممولى سد النهضة لأننا لا نستطيع تنفيذه، والعالم يعرف ذلك، وأطلب منهم الكف عن العبث فى سفاسف الأمور الداخلية، والالتفات إلى الكارثة والتحرك عليها دبلوماسياً على نحو احترافى مدعوماً بخلفية إمكانية التدخل العسكرى للحسم دون التصريح بذلك، ولا يصح أن يجتمع سد النهضة مع سد الحنك على أرض مصر.
