الأردن تسحب ملف المفاوضات "الفلسطينية - الإسرائيلية" من مصر بمباركة أمريكية.. وأبو مازن يرحب بعمان وسيطاً بعد حكم الإخوان لمصر.. ولقاء رباعى مرتقب فى الأردن يوليو المقبل لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات

الإثنين، 03 يونيو 2013 02:54 م
الأردن تسحب ملف المفاوضات "الفلسطينية - الإسرائيلية" من مصر بمباركة أمريكية.. وأبو مازن يرحب بعمان وسيطاً بعد حكم الإخوان لمصر.. ولقاء رباعى مرتقب فى الأردن يوليو المقبل لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تسفر اللقاءات المنفصلة التى أجراها وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى الأردن الأسبوع الماضى مع كل من الرئيس الفلسطينى محمود عباس والإسرائيلى شيمون بيريز، وبرعاية العاهل الأردنى الملك عبد الله، عن جديد فى تحريك ملف المفاوضات بين الطرفين، إلا مجرد وعود تنتظر التنفيذ على الأرض لكن الحقيقة الواحدة التى رسختها تلك اللقاءات، أن القاهرة أصبحت خارج ملف المفاوضات الفلسطينية، واستطاعت عمان أن تسحب البساط بمباركه وترحيب واشنطن بل قد يكون بتعليماتها.

التصريحات التى أعقبت لقاءات كيرى فى الأردن تدلل بقوة على أن ملف المفاوضات الذى تلعب فيه الولايات المتحدة دور الوسيط سيتم فتحه على الأراضى الأردنية، وأن عمان خرجت من مرحله التردد وتلعب سياسيا اليوم فى عمق معادلة المفاوضات بدعم أمريكى مباشر وقوى، حيث أكد العاهل الأردنى أن بلاده ستواصل جهودها لتقريب وجهات النظر الفلسطينية الإسرائيلية لإحياء مفاوضات السلام، وأنه سيواصل العمل حتى إحياء فعلى وحقيقى للمفاوضات التى تعالج مختلف قضايا الوضع النهائى، مطالبا الجانبين العربى والفلسطينى بعدم إضاعة هذه الفرصة .

وفى نفس الإطار كشف رئيس الديوان الملكى الأردنى الدكتور فايز الطراونة، النقاب عن جلسة تفاوضية مباشرة ستجرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين بترتيب من كيرى، وأن الجانبان الأردنى والأمريكى اتفقا على البقاء على اتصال وعقد جلسات تشاوريه بمشاركة فلسطينيين وإسرائيليين طوال الأسابيع الأربعة المقبلة، على أن تستضيفها عمان بهدف تقريب وجهات النظر ومعالجة نقاط التماس التى تحول دون الجلوس معاً فى إطار عملية تفاوض مباشرة.

ويعنى ذلك أن أى لقاءات قادمة سواء اللقاء الرباعى الذى تحدثت عنه مصادر عربية بين فلسطين وإسرائيل وللأردن وأمريكا، والذى يجرى الترتيب لعقده خلال شهر يوليو المقبل للاتفاق على جدول زمنى لإنجاز ملفات المفاوضات المتوقفة، أو حتى لقاءات منفردة ستتم على الأراضى الأردنية دون أدنى ذكر للقاهرة فى هذه الخطط المستقبلية.

ومن الملاحظ أن هناك نوع من عدم التركيز على إدراج القاهرة فى الزيارات المكوكية التى يقوم بها جون كيرى راعى ملف المفاوضات، هذا ما وصف به الموقف السفير هانى خلاف خبير العلاقات العربية، إلا أنه رفض الإقرار بأن عدم التركيز هذا دليلا على خروج مصر من ملف المفاوضات، مشيرا إلى أنه ربما يتم أخذ رأيها عبر الطرق الدبلوماسية.

ووضع هانى خلاف نقاط ثلاث تجعل الأردن له علاقة وثيقة بالمفاوضات وتسوية القضية الفلسطينية، أولها بعد أن تحملت الأردن مسئولية الإشراف على الأماكن المقدسة وأى تغيير فى الوضع القانونى أو الإدارى لتلك الأراضى خلال المفاوضات لابد بالرجوع فيها للأردن، لافتا إلى الموقف الأردنى الحازم الذى اتخذته الأردن من القانون الذى تعتزم إسرائيل إصداره بخصوص الصلاة فى المسجد الأقصى فى مقابل موقف متواضع من الجانب المصرى لم يتخطى الشجب والإدانة.

كما أن القضية الفلسطينية – كما يؤكد خلاف - تخص بشكل مباشر الأمن الأردنى بعد الحديث فى مرحله سابقة أن تستوعب الأردن الكيان الفلسطينى الجديد فى اطار مشروع "كونفدرالية"، فربما إدخالها له علاقه بهذا الأمر ومخاوفها من أن يثار فى المرحلة، مشددا على أن الجانب الفلسطينى لن يتغاضى عن أهمية الدور المصرى ولابد أن يعود له فى نقطه معينه من نقاط التفاوض.

ولكن يبدو أن القرار الأمريكى بتسليم الأردن ملف المفاوضات جاء بمباركة فلسطينية، حيث لم يخفى أبو مازن ترحيبه بذلك، معتبرا أن اللقاء مبادرة كريمة من الأردن من أجل دفع العملية السلمية إلى الأمام وتقريب وجهات النظر، مؤكدا أنه فى حال موافقة الحكومة الإسرائيلية على تجميد الاستيطان فهو جاهز للعودة فورا للمفاوضات.

وترحيب أبو مازن بذلك رغم رفضه فى الماضى القريب أن يكون هناك راعى للقضية الفلسطينية وحاضن لها سوى مصر له أسباب، خاصة بعد سقوط نظام حسنى مبارك ووصول الإخوان المسلمين للحكم فى مصر وعلاقتهم القوية بحركة حماس فى قطاع غزة، وإحساس القيادة الفلسطينية أن الأيديولوجية الدينية المشتركة بين حماس والإخوان ستجعل الأخير مدافعا عن الأول باحثا عن مصالحة، وأن القاهرة لم تعد الظهر الذى كانت تستند إليه القيادة الفلسطينية، لذلك راح أبو مازن يبحث عن ملجأ أمن له بعيدا عن التحالف الإخوانى الحمساوى فى القاهرة، وسحب الملف من القاهرة، التى ظلت ترعى القضية الفلسطينية عقود من الزمان وكان القرار باستئناف المفاوضات من عدمه يٌتخذ فى المطبخ السياسى المصرى.

ومن جانبه، يفضل الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أن يكون خط زيارته الثانية للشرق الأوسط فى مارس الماضى عقب فوزه هو إسرائيل والأراضى الفلسطينية والأردن، مما أثار كثيراً من التساؤلات حول أهدافها ونتائجها، والإستراتيجية التى صُمِّمت على أساسها، حيث اعتبرتها الأوساط السياسية رسالة أمريكية للقاهرة بأنها لم تعد الحليف السابق وأن هناك بدائل أخرى بدأت الولايات المتحدة تبحث عنها.

وخلال هذه الزيارة رسخ أوباما لحقيقة أن الأردن طرفا فاعلا فى المفاوضات الفلسطينية، واتفق مع هذا الرأى الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة، حيث أكد أن هناك شواهد حقيقية على أن الأردن أصبحت فى الفترة الأخيرة محط أنظار أمريكا ومن خلفها اللجنة الرباعية، موضحا أن الولايات المتحدة تدشن لمرحلة جديدة فى إدارتها للشرق الأوسط وعلاقتها مع الأردن، على عكس الرسالة التى وجهها كيرى خلال الزيارة الوحيدة التى قام بها للقاهرة - ضمن أربع جولات كانت الأردن محطة رئيسية فيها - عندما اجتمع مع الرئيس محمد مرسى وتحدث معه عن الأوضاع الداخلية ولم يأت بذكر المفاوضات مما يعد رسالة غير مباشرة بأن القاهرة خارج هذا الملف.

وأكد فهمى، أن هناك مهام جديدة أصبحت توكل إلى عمان، لافتا إلى أنه لا يمكن تجاهل أن الضربة الإسرائيلية التى وجهتها إسرائيل إلى سوريا تم فيها استخدام المجال الجوى الأردنى وهذا يدلل على وجود تعاون وتنسيق أمنى واستخباراتى على مستوى عال، وهذا سينعكس على دور مباشر للأردن، كما لفت إلى توقيع اتفاقية الأماكن المقدسة فى 31 مارس الماضى بين الملك عبدالله الثانى والمؤسسات السياسية الفلسطينية الثلاث (دولة فلسطين، منظمة التحرير، السلطة الفلسطينية)، التى بموجبها تم نقل ملف القدس والمسجد الأقصى إلى ملك الأردن كمسئولية قانونية وحصرية، وإعفاء المفاوض الفلسطينى من هذا العبء الثقيل، المعيق عن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.

هذه الاتفاقية مثلت النواة لفكره جعل الأردن دولة مضيفة للمفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى، فإسرائيل ترفض بأى شكل من الأشكال أى دور فلسطينى فى القدس سواء فيما يتعلق بالدور الدينى المتعلق بالأشراف على المقدسات، أو الدور السياسى المتعلق بكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، فالاتفاقية تزيل عقبة أمام المفاوضات من خلال إسناد أمر الأماكن المقدسة وكما جاء فى الفقرة "د" من المادة الأولى أن العاهل الأردنى هو الذى سيقوم بمتابعة مصالح الأماكن المقدسة وقضاياها فى المحافل الدولية ولدى المنظمات الدولية، وهو الأمر الذى سيمنح الأردن دورا أساسيا فى المفاوضات القادمة.

ويعد إخراج الأماكن المقدسة فى القدس من تحت إشراف الفلسطينيين ومنظمة التحرير والرئيس أبو مازن قد يسهل على الرئيس التعامل مع قضية القدس دون أن يثير على نفسه تحفظات وانتقادات ذات طبيعة دينية، ما دامت الأردن هى الوصية على هذه الأماكن وهى التى ستتفاوض بشأنها.

خطة كيرى لاستئناف المفاوضات تقوم على ثلاثة أسس سياسية يقودها كيرى نفسه وتركز على الحدود والأمن من أجل تحديد حدود الدولة الفلسطينية فى إطار حل الدولتين، واقتصادية يقودها رجل الأعمال الأمريكى تيم كولينز ومبعوث اللجنة الرباعية تونى بلير وهناك وعود بجذب استثمارات بقيمة 4 مليار دولار للضفه الغربية والتسهيلات المتوجب القيام بها لدفع عجلة الاقتصاد فى الأراضى الفلسطينية بما يشمل إزالة حواجز ورفع قيود على حركة التصدير والاستيراد والسماح بتنفيذ مشاريع تقع فى المنطقة"ج" فى الضفة الغربية، وثالثة أمنية يقودها الجنرال جون الان وضع الصورة الشاملة للآمن لدى قيام الدولة الفلسطينية وذلك من خلال لقاءات مع مسؤولين من الأمن الفلسطينى والأمن الإسرائيلي.

ولكن المعضله فى خطة كيرى هو الشريك الفلسطينى الغائب وهى حركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة، حيث أكد فهمى أن هذه هى النقطة التى ربما تجبر الأمريكان والأردنيون للجوء إلى مصر لحلها بسبب علاقة النظام الإخوانى فى مصر بحركة حماس، مشيرا إلى أن مصر لن يكون لها دور فى عمليه السلام إلا من خلال حماس مؤكدا على أن القاهرة ستكون حاضرة وبقوه فى هذه النقطه بسبب علاقة النظام بحماس.

ملف المصالحة الفلسطينية كما يقول خلاف الذى مازال فى قبضه مصر حتى الآن سيعيد الملف مره أخرى فى مرحله ما الى القاهرة، قائلا "عند الحديث عن السيادة الفلسطينية ستكون لمن أم ستكون مشتركة مابين الضفة الغربية وقطاع غزة فسيتم التباحث مع الجانب المصرى بشأنها"، مضيفا "أتخيل أن الأمريكان سيدخرون مصر لهذه النقطة لتمارس ضغوطها على حركة حماس التى من الممكن أن تعطل أشياء كثيرة فى الاتفاق الفلسطينى الإسرائيلى"، معربا عن أمله فى أن يكون هناك بصيص أمل لعوده مصر لملف المفاوضات بهوية الإخوان المسلمين.

وبعد أن كانت القاهرة ممسكه بملف القضية الفلسطينية والملجأ الوحيد لاتخاذ أى قرار بشأنها تم سحب البساط من تحتها ولم يعد لها أى نقاط قوة إلا فى إطار علاقة نظام الإخوان المسلمين بحركة حماس والتى ربما تتغلب عليها الأردن بعد أن أبدت بعض الانفتاح مؤخرا بقيادات حركة حماس فى تمهيد ربما لإسناد الملفان لجهة واحدة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة