قال المستشار حمدى ياسين عكاشة، نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس نادى قضاة المجلس، فى مقال كتبه لـ"اليوم السابع": "أبداً لم يكن حديثاً للتهدئة أو لنبذ العنف، لم يكن حديثاً يُنسى القضاء والقُضاة الإعلانات الدستورية، التى نالت من استقلال القضاء وجردته من ثياب المشروعية، بل كان حديث التجرؤ على حرمة القضاء واستقلاله، وإهدار قواعد الدستور والقانون، فيه أهين القضاء كله على مسامع العالم، حديث النيل من هيبة ومكانة السلطة القضائية، والتعرض للقضاة بالنقد والتجريح، وإصابة الأوساط القضائية والرأى العام القضائى، وكل المخلصين لهذا الوطن بالصدمة والفجيعة، لم يكن حديث تهيئة المناخ الملائم لأداء القُضاة لرسالتهم السامية بكل حيدة واستقلال، وعدم إرهابهم أو التأثير عليهم بأى شكل من الأشكال".
وأضاف: "من أشار على رئيس الدولة بأن يعرض فى خطابه اتهاماً غير مسبوق لأحد قًضاة مصر، بغير حكم قضائى وبغير دليل من القانون أو الواقع، بوصفه بأنه "قاض مزور"، إذا لم يكن هذا هو التدخل فى شئون العدالة، والذى يمثل جريمة لا تسقط بالتقادم وفقاً لحكم المادة (168) من الدستور، فأين التدخل؟!، فإذا كان القاضى الجليل، الذى تم اتهامه على الهواء وعلى أوسع نطاق من البث المباشر بالتزوير دون حكم قضائى أو اتهام رسمى، هو عضو ضمن دائرة تنظر اتهاماً لأحد خصوم الرئيس، فإن فى ذلك تدخلاً آخر فى شئون العدالة يمكن أن يؤثر بشكل أو بآخر على تشكيل المحكمة أو ردها، وهو ما لا يجوز لأحد أن يخوض فيه!.، ويأتى التدخل الثالث فى شئون العدالة ما لم يتصور أحد أن يصل إليه حد التجريح والنيل من سمعة وطهارة وشرف ومكانة القضاء المصرى الشامخ، والذى يتبوأ مكاناً علياً ومنزلة مرموقة عالمياً، فيعرض للمادة (28) من الإعلان الدستورى، وأنها تمنع اللجنة العليا من نظر الطعون على انتخابات الرئاسة، فيؤدى بذلك إلى تنحى اللجنة العليا عن نظر الطعن المقام أمامها بسبب ما تضمنه الحديث، وهو ما يعتبر ضمن التدخل فى شئون القضاء".
وتابع :" كذلك ما يخرج عن حدود النقد المباح، والذى قالت عنه محكمة النقضأن " النقد المباح هو أبداء الرأى فى أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة سب أو إهانة أو قذف حسب الأحوال " وهو ما كنا نربأ أن يتضمنه حديثاً لرئيس الدولة".
وأشار إلى أن "السلطة القضائية باعتبارها إحدى سلطات الدولة الثلاث، لها احترامها وقدسيتها، ولا نريد سوى احترام الشرعية واستقلال القضاء، وشعبنا فى مصر يعرف قيمة قضاته وقدرهم ومن ثم لن يقبل أبدا أن يهان قاض واحد فى مصر لأن المساس بالقاضى والتأثير على استقلاله وحيدته هو مساس بالعدالة وجريمة تمس أمنه وأمانه بل تمس أمن الوطن وأمن الحاكم الذى واجبه الوحيد تحقيق العدل بين الشعب والحفاظ على سلامة أراضى هذا الوطن".
لذلك فكل ما يرتكب ضد القضاة اليوم هى جرائم تمس أمن الدولة والمواطن وأمانهما، وهى لا شك ظاهرة للشعب فاحذروا، فإنها مثل القنابل الموقوتة ولا يعرف موعد انفجارها أحد. فارفعوا أيديكم عن القضاة".
واختمم المقال قائلا: "ولا يبقى سوى التذكرة بأن قانون العقوبات المصرى يُعاقب بالمواد من (184) إلى (188) منه كل من أهان أو سب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أى من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة (المادة 184) عقوبات. وكل من سب موظفاً عاماً أو شخصا ذا صفة نيابية عامة أو مكلفا بخدمة عامة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة (المادة 85) عقوبات، وكل من أخل بطريقة من الطرق المتقدم ذكرها بمقام قاض أو هيبته أو سلطته فى صدد دعوى(المادة (186) عقوبات.
كما يعاقب بنفس العقوبات كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أموراً من شانها التأثير فى القضاة الذين يناط بهم الفصل فى دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء فى البلاد أو فى رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بالتحقيق (المادة 187) عقوبات.
وأخيراً "فللسلطة القضائية شعب يحميها، وستظل مصر العزيزة شامخة بشعبها وبقُضاتها".
رئيس نادى قضاة مجلس الدولة يكتب لـ"اليوم السابع": مهازل استمرار الاعتداء على القضاء.. لماذا؟ ولمصلحة من؟
السبت، 29 يونيو 2013 10:30 م