أكد د. عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، أن الإخوان ضحوا تضحية كبيرة جداً فى تحمّل المسئولية فى ظروف محلية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد والصعوبة، وجازفوا مجازفة ضخمة بتاريخهم، بثقة الناس فيهم، وبتوظيف إمكاناتهم.
وتابع العريان، فى حوار له مع "الحياة اللندنية": "بعد الثورات، دائماً تكون طموحات الناس كبيرة جداً جداً، وإمكانات الدول لتحقيق ما تريده قليلة جداً، وفى الوقت نفسه، أن تتولى دولة بحجم دول، وإنت لم تكن فى ماكينتها، لا موظفون، لا وزراء سابقون، لا خبراء يعلمون تفاصيل، لا تمتلك أجهزة الأمن ولا أجهزة المعلومات، ولا تمتلك شيئا، فهذه مجازفة كبيرة حين ناقشنا كلنا أمر الثورة فى البداية، كنت من المتحمسين للمشاركة فيها من بدايتها إلى نهايتها، وكان قرارنا المشاركة من دون أن نفصح عن هويتنا أو نعلى رايتنا أو نقول شعاراتنا.
وجاء نص الحوار كالتالى..
◄ هل تعتقد أن «الإخوان» ارتكبوا خطأ حين تولوا مسئولية مصر فى مرحلة حرجة؟
- أعتقد أن «الإخوان» ضحوا تضحية كبيرة جداً فى تحمّل المسئولية فى ظروف محلية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد والصعوبة، وجازفوا مجازفة ضخمة بتاريخهم، وبثقة الناس فيهم، وبتوظيف إمكاناتهم، فبعد الثورات، دائماً تكون طموحات الناس كبيرة جداً جداً، وإمكانات الدول لتحقيق ما تريده قليلة جداً. وفى الوقت نفسه، أن تتولى دولة بحجم دول، وإنت لم تكن فى ماكينتها، لا موظفين، لا وزراء سابقين، لا خبراء يعلمون تفاصيل، لا تمتلك أجهزة الأمن ولا أجهزة المعلومات، لا تمتلك شيئاً.. فهذه مجازفة كبيرة، ولا أخفيك سراً حين ناقشنا كلنا أمر الثورة فى البداية، كنت من المتحمسين للمشاركة فيها من بدايتها إلى نهايتها، وكان قرارنا المشاركة من دون أن نفصح عن هويتنا أو نعلى رايتنا أو نقول شعاراتنا.
◄حين اندلعت الثورة كنتَ عضواً فى مكتب الإرشاد، لماذا يُقال إن «الإخوان» نزلوا فى 28 يناير، بعد انكسار الشرطة؟
- هذا غير صحيح.. هذا يُقال لأن الجميع الآن يعتبر أن الحدث الثورى رصيد سياسى لمن شارك، وبالتالى كأن الناس تشارك فى الثورات وتنتظر جوائز، بينما الذين شاركوا فى الثورة وصنعوها وضحّوا فى سبيلها هم الذين لا ينتظرون جوائز، لأنهم ببساطة أصبحوا فى عداد الشهداء.. هؤلاء الشهداء هم مَنْ صنع الحدث، وليس المتظاهرون الذين ذهبوا إلى منازلهم.. لم نكن خلال تلك الفترة ننتظر جوائز، يوم 25 يناير كان قرارنا المشاركة المعقولة من دون طغيان على الحدث، وهذه سياستنا طوال السنين العشر الأخيرة مع حركة «كفاية» وباقى الحركات.. كنا نقول إذا نزلتم 500 شخص سننزل بـ 500 شخص، لأننا لا نريد أن يظهر الحدث إخوانياً، بل شعبياً يضم الفئات كلها.. فى 25 يناير كانت لنا مشاركتان أو ثلاث، إحداها أمام دار القضاء العالى، لرموز إخوانية واضحة ولأعضاء مجلس الشعب السابقين بموجب قرار للجمعية الوطنية للتغيير، من 50 إلى 100 شخصية، بينهم محمد البلتاجى وجمال حشمت، والمشاركة الثانية كانت فى ميدان التحرير بشبابنا، وكان قرارنا ألاّ نأمر وألاّ نمنع، بل نترك الشباب يتفاعل مع الحدث.. الشباب كانوا يأتون إلينا فى مكتب الإرشاد، ويقولون، هناك حركة شبابية تستعد ليوم 25 يناير، نشارك أم لا؟ طابع «الإخوان» التنظيمى أنه إذا لم تأتِهِ تعليمات بالمشاركة، يكون الدافع الشخصى هو الأساس.. وهذه حركة داخل «الإخوان» قديمة، أن يتحرك كل منهم بدافع شخصى، لأنه تربى على الانضباط التنظيمى، فشاركت أعداد نقدرها بمئات أو آلاف قليلة، لأن جميع الذين كانوا فى ميدان التحرير يوم 25 يناير لا أظن أنهم يزيدون على 5 آلاف.. أما المشاركة الثالثة فكانت وقفة أمام نقابة الأطباء، شارك فيها كثيرون من رموزنا آنذاك، ولم يكن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح فُصِل من «الإخوان»، وفى 26 يناير انعقد مكتب الإرشاد.
◄ متى اُعتقلت؟
فجر الجمعة 28 يناير، أنا والرئيس الدكتور محمد مرسى والدكتور سعد الكتاتنى، كنا 34 قيادياً بينهم نصف أعضاء مكتب الإرشاد، 7 أو 8 أعضاء، لذلك، تقديرات الأمن وتقديرات السيد عمر سليمان، رحمه الله، كما سمعت من كثيرين أن الثورة صنعها «الإخوان» المسلمين، النظام القديم يتهمهم بأنهم نفذوا الثورة.
◄فى اجتماع مكتب الإرشاد الأربعاء، كان هناك اتجاهان؟
- لا، اتجاه واحد، كما قلت بعد الانتخابات كان قرار مكتب الإرشاد النزول إلى الشوارع.
◄هل تستطيع القول إن «الإخوان» شاركوا فى الثورة منذ اللحظة الأولى؟
- طبعاً، بل أقول إننا شاركنا فى 9 و10 ديسمبر كتمهيد، مهّدنا لها، احتجاجاً على تزوير الانتخابات، والثورة قامت لأسباب موضوعية جوهرية، السبب الرئيسى يوم 25 يناير كان الغضب من الشرطة وممارساتها، ولكن فى خلفية الأحداث، تزوير الانتخابات كان القشة التى قصمت ظهر البعير.
◄ هل كان الدكتور عصام العريان يتوقع مثلاً قبل الثورة، أن تأتى لحظة يسقط فيها نظام مبارك، ثم يصبح مبارك فى السجن، والدكتور محمد مرسى فى قصر الاتحادية.. هل كان يوجد هذا الحلم؟
- أجزم بأن هذا الحلم لم يكن يخطر على بال أى مصرى.. يكذب عليك أى مصرى يقول لك إنه كان يتوقع نجاح الثورة أو سقوط حسنى مبارك أو أن يصبح محمد مرسى رئيساً.. لولا أن عصر المعجزات انتهى، لقلت لك إننا نعيش هذا العصر.. هل هناك رئيس جمهورية ينجح فى حملة انتخابية مدتها 28 يوماً، أى بلد نجح رئيسه فى 28 يوماً؟ بدأنا حملة استقصاءات رأى، ولدينا جهاز قوى لاستطلاع الرأى.. فى الأيام الأربعة الأولى لم تكن شعبية الدكتور مرسى تتجاوز 3 - 4%.
◄دخلتم السجن فى 28 يناير، متى خرجتم؟
- خرجتُ من السجن أنا والدكتور الكتاتنى وذهبنا مباشرة إلى ميدان التحرير ظهر الأحد 30 يناير... دخلنا معسكر قوات الأمن فى مدينة الشيخ زايد فجر الجمعة، وبقينا منتظرين، فى اليوم نفسه، ونحن فى السجن أرسلنا نطلب طعاماً، قالوا لا يوجد فى الحجز، قلنا نشترى من الخارج، لم يمانعوا وكان معنا مال، فأرسلنا جنوداً ليشتروا طعاماً، عادوا قبل العصر وقالوا إن البلد «خربانة»، «هايبر مول»، متجر كبير على الطريق الصحراوى، مدمر.. سألناهم، لماذا لم يُحضِروا منه أى طعام، ما دام مخرَّباً؟ قالوا: كنا خائفين.. ظللنا نضرب أخماساً فى أسداس، لا نعرف ماذا سيحدث، ولم يقل لنا أحد سبب توقيفنا وهل سنحال إلى النيابة؟.. قررنا يوم السبت أن نتمرد، وفعلاً بدأ الاحتجاج ورفضنا دخول الزنازين، بعد الصلاة.. جاءنا السيد مساعد وزير الداخلية اللواء عمر الفرماوى، وهو صديق قديم لى، يُحاكَم الآن، وتفاوض معنا.. قال، أتعهد لكم ألا تبيتوا ليلة أخرى، لا بد من نقلكم إلى مكان آخر، لأننا خائفون على حياتكم، لا يوجد طعام ولا ماء ولا حراسة، وفى البلد إضراب واسع، ومَنْ يقتحم المكان سيقتلنا.. قلنا له انقلنا إلى سجن عمومى أو اعرضنا على النيابة، فتعهد وقال، "بيتوا الليلة وإن شاء الله غداً قبل العصر، سيحسم أمركم".. صلّى معنا الظهر يوم السبت وقال جهزوا أشياءكم، ستذهبون".. يوم السبت 29 يناير، أخذنا متعلقاتنا وذهبنا، ونحن فى الطريق نتلمسه، لم يقل لنا أحد إلى أين أنتم ذاهبون، وليست معنا بطاقات هوية.. فقلنا لو اتجه (السائق) إلى مصر الجديدة على المحور سنذهب إلى النيابة، ولو ذهب فى اتجاه الإسكندرية نكون فى طريقنا إلى السجن معتقلين.. ونحن فى الطريق بدا كل شىء صامتاً، ووجدنا سيارة نصف نقل محمّلة خضراوات، وشخصاً ممن كانوا معنا، الدكتور أحمد دياب، أستاذ الأدب واللغة الصينية، وكان عضواً فى مجلس الشعب السابق.. السائق تعرّف عليه، فكتب ورقة صغيرة وألقاها له، تفيد بأننا إما فى سجن وادى النطرون وإما فى سجن إسكندرية الغربى فى برج العرب.. وقلنا له "سر وراءنا لتعرف أين سنذهب"، وسار على أمل إبلاغ أهلنا، ولم يبلّغوا، ودخلنا السجن.
قلت للمأمور ولمدير المباحث أين المستند الذى يثبت أننا هنا، أين أمر النيابة أو أمر الاعتقال، فأقسم أنه لم يتلقَّ أى ورقة، بل تعليمات شفوية.. قلنا له، لا يجوز أن ندخل السجن من دون أى مستند، فاحتدم السجال بينه وبين الأستاذ صبحى صالح، فتدخلتُ قائلاً إننا منذ يومين لم نأكل أو نشرب.. على الأقل نريد طعاماً.. دخلنا سجن وادى النطرون 2 القريب من مدينة السادات، وقدموا لكلٍّ منا بعض الأرز وربع دجاجة.
شاء الله أن يكون شابان من «الإخوان» معتقلين فى العنبر نفسه، كانا طالبين فى جامعة الأزهر، يعرفان السجن.. تم توزيع الأكل، وصلّينا المغرب والعشاء ونمنا.. استيقظت كعادتى بعد 3 - 4 ساعات لأصلّى، فوجدت فى الثانية أو الثالثة فجراً دخاناً، كانت بوابات الزنازين مفتوحة وباب العنبر الرئيسى مغلقاً، ووجدت المسئول عن العنبر يصرخ: «أخرجونى سأموت معهم».. واكتشفنا أن السجن شهد تمرداً طوال الليل، وكان بدأ قبل مجيئنا بليلة.. بدأ الجمعة وتصاعد السبت، فشكلنا لجنة من أعضاء مكتب الإرشاد السبعة (أنا والدكتور مرسى والدكتور محيى حامد والدكتور الكتاتنى والدكتور محمود أبو زيد والدكتور سعد الحسينى وعضو سابع) من بين الـ34 سجيناً، لنتدبر أمرنا.. خرج الحارس وأصبحنا وحدنا، صلّينا الفجر والأحوال فى الخارج تتطور حتى سمعنا إطلاق نار، وكان معنا راديو، فسمعنا نشرة الأخبار، وخبر اغتيال مأمور سجن القطة اللواء محمد البطران.. سمعنا الخبر مرتين، فقلت إن بثه عبر الإذاعة الحكومية يوحى لجميع الموقوفين فى السجون المصرية بأن يتمردوا.. هذا متعمّد، ومحمود وجدى وزير الداخلية السابق قال فى شهادته إن أكثر من 35 ألف سجين خرجوا، أى نحو ثلث السجناء.
◄ كيف خرجتم أنتم؟
- قلنا للشباب اعتلوا الأسوار وفتشوا عن حل.. سنموت فى هذا المكان.
◄ مَنْ هؤلاء الشباب؟
- طلاب جامعيون معتقلون، من «الإخوان المسلمين» تحدثوا مع نزلاء العنبر الذى يجاورنا، ونحن فتحنا الباب وخرجنا وهم حطموا الحائط وأخرجوا شخصاً أحضر مفتاح أبواب السجن.. كررنا مطالبتهم بإحضار المفتاح الخاص بعنبرنا، لكنهم رفضوا قبل هروبهم، وطالبناهم بإعطائنا هاتفاً، فأرسلوه لنا.
◄"الإخوان"؟
- لا.. هؤلاء كانوا من جهات تكفيرية ومعتقلين سياسيين، لديهم الاستعداد للمساعدة.. كان بينهم أشخاص ظلوا فى السجن 8 إلى 10 سنوات، ولديهم الاستعداد للمخاطرة بحياتهم بدلاً من البقاء فى الزنزانة.. أرسلوا لنا الهاتف، وبدأنا اتصالات بواسطته، لنفهم ماذا يحدث، فعلمنا أن فى السجون تمرداً، وأن الشرطة انكسرت، والجيش نزل إلى الشارع، وهى اختفت من الشارع.. طالبنا «الإخوان» بإنقاذنا لكنهم ردوا بأن ليس فى إمكانهم فعل شىء، قالوا لنا، فى محيط السجن أهالٍ استمروا فى الصراخ عليهم لمطالبتهم بأن يفتحوا لكم السجن.. وهذا ما حدث، الأهالى جاءوا.
◄أهالى السجناء؟
- نعم، فكل الإذاعات تناقلت أنباء عن اقتحام السجون وتعرّضها لإطلاق نار، لذلك، جاء الأهالى لإنقاذ أبنائهم.
◄ولكن لماذا الحديث عن مجىء عناصر من «حماس» أفرجوا عنكم؟
- ما يقال من أن «حماس» جاءت لإطلاق المعتقلين من عناصرها وعناصر «حزب الله»، هو شىء كان متوقعاً.. عندما يُعرف عصر 28 يناير (جمعة الغضب)، أن البلد انهار، والجيش استلمه، والشرطة انكسرت، والسجون واجهت تمرداً، ماذا ستفعل لو أنت من «حزب الله» أو من «حماس»، ولك زملاء فى هذه السجون؟ ستأتى لإطلاق زملائك، ولن تطلق الآخرين، فلا شأن لك بالآخرين، ولم يكن أحد يعلم أننا فى سجن وادى النطرون منذ البداية.
◄يتردد أن الرئيس مرسى أُعطِى هاتف الثريا الذى تحدث عبره إلى قنوات فضائية؟
- عبر الهاتف حاولنا الاتصال بعائلاتنا، وبعدها بدأنا الاتصال بالسجناء الذين أُطلَقوا، وطالبناهم بالمساعدة.. كنا جئنا إلى السجن مساء السبت، ونجحوا ظهر الأحد فى جلب عتلات (قطع معدنية)، وتم كسر الباب.. قبل أذان الظهر بعشر دقائق كنا مستعدين للخروج، وبالفعل خرجنا، عائلاتنا كانت نقلت إلينا عدم استطاعتها الوصول إلينا، وأنها ستُجرى اتصالات بمعارف قريبين من السجن، فى وادى النطرون أو مدينة السادات.. بمجرد خروجنا من السجن وجدناهم وصلوا بسيارات، واصطحبونا.
◄أين التقيتهم؟
- أمام أبواب السجن.
◄ومَنْ هؤلاء؟
- الأهالى.. أجريتُ اتصالاً مثلاًً بنجلى الذى أكد صعوبة الوصول إلى السجن، وأن الجيش يمنع المرور وأعلن حظر التجول.. قلت له ابحث عن أحد، فقال إنه سيُجرى اتصالات بأصدقائه وزملاء يقطنون قرب السجن كى يتمكنوا من المجىء إلينا.
◄وماذا عن «حماس»؟
«حماس» بريئة من هذا الموضوع.
◄ إذن، «حماس» لم تلعب أى دور فى الإفراج عنكم؟
- على الإطلاق.
◄وماذا عن إجراء مرسى اتصالاً بقناة «الجزيرة»؟
- كان بعد خروجنا، واتفقنا أن الوحيد الذى سيتحدث هو الدكتور محمد مرسى، إذ كانت هناك إشاعة حول وفاتى، وكنا نريد توجيه رسالة إلى عائلاتنا فحواها أننا بخير، فأجرى اتصالاً بـ«الجزيرة».
◄عبر هاتف الثريا؟
- لا، عبر هاتف عادى، تعريفته عشرة قروش، والاتصال من طريق مراسل قناة «الجزيرة» فى القاهرة.. أدّينا الرسالة، وذهبنا مع الإخوة الذين جاءوا إلينا، وقالوا إن أقرب مكان إلى السجن والأكثر أمناً هو مدينة السادات.
◄ولكن فى هذا التوقيت كانت الاتصالات قد قُطعتْ؟
- لا يوجد هاتف ثريا، الاتصالات قطعت الجمعة، وخرجنا الأحد وكانت عادت.. أجرينا اتصالات بمجرد وصولنا إلى منازل إخواننا لتناول الغداء. كنا سنعود إلى مقر مكتب الإرشاد لنعرف ما الذى يحصل فى البلد.. فى المساء اتفقنا على المكان الذى سيذهب إليه كل شخص، أنا و(رئيس الحزب) الدكتور الكتاتنى كان المخطط أن نذهب إلى المكتب، ولكن بعد نزولنا إلى ميدان التحرير.. ذهبنا إلى مكتب الإرشاد واستبدلنا ملابسنا، ونزلنا إلى الميدان أنا والكتاتنى لكى نُطمئن الناس، فالميدان كان بؤرة اهتمام العالم، ولم نعد إلى منازلنا إلا بعد أربعة أو خمسة أيام.
◄ظللتم فى ميدان التحرير؟
- نعم، ظللنا فى ميدان التحرير حوالى 4 ساعات، وكان الاتفاق ألا ينزل إليه أحد من رموز «الإخوان المسلمين» لئلا تُصبغ الثورة بالطابع «الإخواني»، وكان الاستثناء وجود شخص مثل محمد البلتاجى، ووجود آخرين فى عمل ميدانى على الأرض، لا أحد يعرفهم.
◄تداعت الأحداث بعدها، ألم يحدث اتصال فى تلك الأيام بين عمر سليمان و«الإخوان»؟
- قبل الاتصال الشهير، لم يحدث أى اتصال.
◄وما فحوى هذا الاتصال الشهير؟
- فى الجلسة التى حضرها شباب الثورة وغيرهم، لم نكن وحدنا على الإطلاق.. الاتصال حصل مع عمر سليمان، إثر ضغوط كثيرة جداً، شارك فيها (رئيس المجلس العسكرى السابق) المشير محمد حسين طنطاوى.. السيد المشير نزل يتفقد الميدان أكثر من مرة، وفى إحدى المرات قال لشباب «الإخوان» يا شباب أبلغوا المرشد ضرورة لقاء عمر سليمان، فكانت هذه إحدى الرسائل.. رسائل أخرى جاءت من الخارج: «يا إخوان، البلد تُحرق وأنتم ناس مسئولون».
◄مَنْ مِنْ داخل «الإخوان» قاد هذه الأيام الصعبة؟
- المرشد (محمد بديع)، لا يوجد أحد غيره.. جماعة «الإخوان» اعتادت طوال تاريخها أن لها قائداً واحداً، وهو من يتحمل المسئولية، والجميع يصب عنده ما لديه من معلومات أو اقتراحات.. وتعوَّدَت الجماعة، على عكس ما يراه الناس، أن هذا المرشد لا يتصرف منفرداً، لا بد أن يأخذ قرارات عبر الأطر المؤسسية.. لم يخفِ عنا شيئاً، يوم قررنا الذهاب إلى عمر سليمان، عقد (المرشد) اجتماعاً سرياً خارج المكان الذى كنا نجلس فيه، وعرض علينا الأمر.
◄مَنْ حضر هذا الاجتماع؟
- أعضاء مكتب الإرشاد فقط، بعض الأشخاص اتصلوا بـ(القيادى الإخواني) محمد البلتاجى وأبلغوه، وآخرون اتصلوا بى وأبلغتهم.. كان هدفنا من لقاء عمر سليمان شيئاً واحداً، أن يوقف القتل، وأن يُترك المتظاهرون.
◄اجتمعتم به مع القوى السياسية فقط؟
- نعم، ورفضنا الاجتماع منفردين.. كان هذا شرطنا، على رغم أن غيرنا التقى به منفرداً، ولو أنه حى الآن لكشف أسراراً كلها كانت لمصلحة نظام مبارك.. أنا أدعى ذلك، وكل الأطراف السياسية فى مصر كانت لديها علاقات قوية جداً بنظام مبارك، ونحن وحدنا الذين كان يصنّفنا فى خانة العداوة المطلقة.
◄إذن، أنتَ تقول إن شخصاً مثل حمدين صباحى كانت لديه علاقات بنظام مبارك؟
- كل الأطراف كانت لديها صلات مباشرة أو غير مباشرة بنظام مبارك.. نعم، حمدين كانت خلال عضويته فى البرلمان السابق له علاقات وهو كرجل سياسى لا أُعيب عليه ذلك.. إذا كان نظام حكم لا يراك خطراً عليه، وأنت تريد أن تستفيد من صلاتك السياسية معه، أنا لا أعيب عليك.. حسنى مبارك كان يرانا نحن البديل، لكننا تواصلنا معه.
◄وعمرو موسى مثلاً؟
- عمرو موسى جزء من نظام مبارك فى الأساس.
◄ومحمد البرادعي؟
- كانت لديه صلات، ممّن حصلَ على قلادة النيل فى احتفال رسمى من مبارك.
◄إذن، أنتَ ترى أن كل الأطراف كانت لها علاقات مع النظام؟
- هذه الأطراف بمن فيها «الإخوان» لم تطرح نفسها يوماً بديلاً لنظام مبارك.. كلنا عندما وقّعنا بيان المطالب السبعة الذى رفض الدكتور البرادعى توقيعه، على رغم أنه صدر باسمه، وأنا شريك فى هذا كله، قلنا حينها، يجب أن نذكر اسم الدكتور البرادعى، لأنه أيقونة.. لا يريد أن يوقّع ولا يريد أن يصدر البيان باسمه، فماذا نفعل؟ قلنا إن النقاط التى طرحها البرادعى فى البيان كانت تطالب مبارك بإجراء إصلاحات فقط، لم تطالبه بالرحيل.. البيان ظللنا نجمع التواقيع عليه لفترة سنة قبل الثورة، ولم يطالب أحد مبارك بالرحيل سوى بعد منتصف الثورة.. الذى ردد هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام»، شخص بلدياتى (يقطن إلى جوارى) من قرية ناهيا فى محافظة الجيزة (جنوب القاهرة).. هو أول من أطلق هذا الهتاف.
◄هل كان «إخوانياً»؟
- لا أعلم، هو شاب كان ضمن تظاهرة آتية من بلدتى، وحتى هذه الشعارات كانت الناس ترددها وهى لا تدرك أبعادها.
◄كنتم تجتمعون فى مكتب الإرشاد.. متى بدأتم تبحثون عما بعد مبارك؟
- عندما انتهت «موقعة الجمل»، ونجح لقاؤنا مع عمر سليمان فى حقن الدماء، واستمرار الاعتصام السلمى والتظاهرات، وبدأت الأمور تتكشف، أيقنا أن رحيل مبارك عقب استقرار الأمور بعد موقعة الجمل حتى 11 فبراير، وكان قرارنا فى البداية عدم المشاركة فى انتخابات رئاسية.. عُقِد اجتماع لمجلس شورى «الإخوان» فى 10 فبراير، وقرروا ألاّ يرشحوا رئيساً.. هذا كان يعنى أنهم أدركوا أن مبارك سيرحل.
◄مَنْ كان الرجل القوى داخل مكتب الإرشاد؟
- لا شىء اسمه رجل قوى، وكل ما يقال عن خيرت الشاطر غير صحيح، وهو كان داخل السجن وخرج عقب الثورة.. كل هذه القرارات اتُّخِذت وهو غير موجود، بالتالى القوة الرئيسة فى «الإخوان» هى الطابع المؤسسى.. فقرار ترشيح خيرت الشاطر اتُّخِذ عبر تصويت 56 من أعضاء مجلس الشورى من إجمالى 110 أعضاء.
◄أنتَ كنتَ ضد ترشيح خيرت الشاطر؟
- كنت ضد أن ندفع بمرشح رئاسى، لأنها مجازفة شديدة، وبقيتُ أدافع عن رأيى لنحو نصف ساعة، وهناك من اقتنع به.
◄لكنك بعدها غيَّرت رأيك؟
- التزمتُ قرار المؤسسة والذى كان قد صدر.
◄هل يعيش الشرق الأوسط بين مرشدين، أحدهما فى طهران والثانى فى القاهرة؟
- لا، الشرق الأوسط يعيش بين شعب عربى امتلك القرار وهو صاحبه، ومرشد بحكم المذهب والمؤسسة الدينية، له سلطة القرار فى إيران. لولا المذهب الشيعى وتركيبته الدينية العجيبة لما كانت لمرشد الثورة الإيرانية هذه السطوة، أما العرب فليس لديهم مرشد.
◄إذن، مَن المرجع للرئيس محمد مرسى الدستور أم المرشد؟
- الدستور.
◄ وفى حال تعارَضَت خيارات الرئيس مرسى مع خيارات مرشد «الإخوان» ماذا يحدث؟
- خيارات محمد مرسى تُطبَّق على مرشد «الإخوان».
◄على مرشد «الإخوان»؟
- نعم، خيارات محمد مرسى بحكم موقعه الدستورى هى التى تعطيه القوة، وعندما يخرج من الرئاسة سيصبح مواطناً عادياً.
◄لماذا يقال إن خيرت الشاطر هو الرجل القوى؟
- لأن الناس تعيش دائماً فى ما تتوهمه أو تتخيله.. يصعب على المواطن المصرى الآن فى أى بلد، أن يشعر بأنه صاحب القرار، بعدما غُيِّب ستين سنة أو أكثر.
◄هل أنت نادم على أن شخصاً جاء من «الإخوان» ووصل إلى سدة الرئاسة؟
- إطلاقاً.. على العكس، أرى أن كل ما حدث كان توفيقاً من الله، وأننا فى كل مرة لم نكن نبتغى سوى مصلحة هذا البلد.
◄اعرف أنكم تعارضون لكن ماذا لو أُجريت انتخابات رئاسية مبكرة؟
- سيفوز محمد مرسى حتماً، لأن ما يصنعه الإعلام شىء، وما على الأرض شىء آخر.
◄إذن، الإعلام كاذب؟
- ليس كاذباً وإنما يصنع خيالاً كالأفلام.. الواقع شىء آخر مختلف، أنا أعيشه، وحتى هذه اللحظة أركب الميكروباص، وأشترى الخضراوات، وأذهب إلى البقال، وأعيش مع الناس.. أقول إنه (مرسى) سيفوز لسبب بسيط جداً، أنه سيكون مرشحاً ضد عشرة مرشحين آخرين، وستتوزع أصوات الرافضين لمحمد مرسى على هؤلاء، أما أصوات المؤيدين فستتجمّع لديه.
◄هل تقلَّصت شعبية مرسى أم ازدادت، أم تراوح مكانها؟
- تراوح مكانها.. فقد بعضاً من مناصريه لكنه اكتسب بعض معارضيه فظلت كما هى.. شعبية محمد مرسى كانت 52%، ولكن لديك الآن حالة عزوف عن السياسة نتيجة تقلُّص أحلام المواطنين.
◄هل تعتقد بأن الرئيس مرسى سيكمل ولايته؟
- أعتقد بأنه سيكسب ولاية ثانية.
◄إذن، تتصوَّر أن «الإخوان» بعد الولاية الأولى سيدفعون بالدكتور مرسى، وليس اختياراً بديلاً؟
- الاختيار كان، نرشح للرئاسة أم لا، لذلك لابد من الاستكمال.
◄تقصد الشخص؟
- هذا يتوقف على محمد مرسى، لكنه أصبح رمزاً.
◄وهل تخشى من 30 يونيو؟
- على الإطلاق.
◄كيف ترى سيناريو هذا اليوم؟
- يوم عادى، نُقلت إلينا تأكيدات من حركة «تمرد» و«جبهة الإنقاذ» بأن هذا اليوم سيكون سلمياً.
◄قررتم فى البداية عدم الترشح للرئاسة، ما العنصر الذى تغيَّر؟
- رفض المجلس العسكرى أن ندخل السلطة التنفيذية، رفضاً قاطعاً وصارماً.. هذا هو العنصر.
العريان لـ"الحياة اللندنية": "الإخوان" ضحّوا فى تحمّل المسئولية فى ظروف بالغة التعقيد والصعوبة.. وحماس بريئة من فتح السجون.. ولم نركب الثورة وشاركنا منذ البداية.. ومبارك كان يرانا البديل الوحيد لنظامه
السبت، 29 يونيو 2013 08:16 ص
العريان
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محسن
و اللة؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرحمن
مش مصدق
احساسى انك غير صااااااااااااااااادق
عدد الردود 0
بواسطة:
ali
فيلم تكذيبى ولا ايه
عدد الردود 0
بواسطة:
د.علاء بركات
أين خطة ال100 يوم ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
الرجل ده اصبح خطر علي نفسه طول الوقت بيهذي بقي برضه يا راجل انتم تحملتم المسئولية
عدد الردود 0
بواسطة:
رحابية وأفتخر
ابوس ايديكوا انزلوا
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
الرجل ده اصبح خطر علي نفسه طول الوقت بيهذي بقي برضه يا راجل انتم تحملتم المسئولية
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد طنطاوي
ولايه ثانيه للاخوان والعداله الاجتماعيه تحققت بين عناصر الاخوان فقط
عدد الردود 0
بواسطة:
د ياسر عبد ربه
الشعب المصرى لايريد عهودا لاتنفذ .... هذا هو مربط الفرس
عدد الردود 0
بواسطة:
باسم
لا تعليق