لم يكن الكاتب الصحفى الكبير مكرم محمد أحمد من الثوار، لا هو قال ذلك، ولم يره الثوريون ثائرا، وإنما ينظر إليه الصحفيون باعتباره واحدا من كبار رموز مهنة الصحافة. حين يلخص مرسى أسباب أزمته مع المصريين فى مكرم محمد أحمد، ستتأكد أنك أمام حكم لا يعى حقائق الأشياء من حوله، كما يؤكد أنك أمام نموذج لحاكم لا ير إلا جوقة من حوله، تزين له أفعاله، وتتعامل معه بوصفه وحى يوحى. فى ذكر مرسى لـ«مكرم» إغفال لتاريخ رجل قدم لمهنته الكثير، وبالرغم من أى خلافات سياسية معه، فإن أهل المهنة لا ينكرون فضله عليهم، ويذكرون له أنه «الجورنالجى» الذى لم يعش فى برج عاجى، ولم يتعال على طبيعة مهنته أبدا، كما أنه لم يكن من صنف رؤساء الصحف الذين تربحوا واكتنزوا ثروات طائلة من خلال مواقعهم، كما فعل أقرانه فى الصحف الأخرى، والشاهد على ذلك أن غيره يتم التحقيق معهم فى قضايا «كسب غير مشروع»، أما هو فليس فى رصيده غير كلمته التى كتبها، سواء تتفق أو تختلف معها، هكذا عاش مكرم محمد أحمد صحفيا، تناقشه وهو نقيب للصحفيين فيغضب منك محتدا عليك، وتختلف معه فيحدثك عن أنه «ليس على رأسه بطحة»، وتقول له: «أنت مع نظام مبارك»، فيدخل معك فى مناقشة طويلة عن علاقة السلطة بالصحافة، وفى كل الأحوال تجده منتصرا للموهبة الصحفية، وتلك من شيم أساتذة تربوا على أصول مهنة الصحافة، وقد تختلف معهم سياسيا، لكنك تسعى إلى أن تتعلم منهم مهنيا.
أقول ذلك بالرغم من أننى كنت واحدا من الذين لم يقفوا أبدا مع مكرم محمد أحمد أثناء ترشحه لمنصب نقيب الصحفيين، ولم يكن ذلك لى ولغيرى من أبناء المهنة سحبا من قيمته كأستاذ فى مهنته، قال عن نفسه: «أنا صحفى مهمتى أن أواكب الحدث، ولا أتوحد معه بشكل كامل، بحيث يتحول إلى جزء منى، لابد أن تكون هناك مسافة من أى حكم، هذا ما تعلمته من هيكل».
ماذا فعل الاستاذ مكرم حتى يخصه الرئيس بالذكر فى خطاب استمع إليه العالم كله؟ هل دعا إلى ثورة مسلحة؟ هل يكتب بلغة الدم؟ هل يهدد بالتصفية الجسدية، كما يهدد أهل وعشيرة الرئيس؟ ألا يعرف أهل الرئيس وعشيرته، أن مكرم قاد عملية التفاوض مع الجماعة الإسلامية حين كان على رأس مجلة المصور من أجل أن تودع لغة السلاح التى سقط بسببها آلاف الأبرياء جراء علمياتهم الإرهابية؟ كان ذلك نموذجا للصحفى حين يمزج بين مهنته ودوره الوطنى، ولم يكن هذا فعلا واحدا من مكرم، وإنما سبقه أيضا موقفه الكبير حين زار المفكر الراحل الدكتور محمد السيد سعيد والكاتب الصحفى مدحت الزاهد فى المعتقل بعد اعتقالهما على يد اللواء زكى بدر وزير داخلية مبارك، وجدهما وآثار التعذيب عليهما، فكاد يصاب بانهيار عصبى، وأثار ضجة كبيرة ضد بدر، انتهت إلى الإفراج عن الاثنين. تتزاحم هذه الأسئلة وغيرها لأجل الوصول إلى معرفة خبايا غضب مرسى من مكرم، وتبدو الحقيقة فى أن سيف كلمة «الصحفى» لم يعد يتحملها مرسى وأهله وعشيرته، وهو ما ينبئ بغضب آت ضد الصحفيين الذين لا يدورون فى فلك الأهل والعشيرة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
m
للإنصاف
عدد الردود 0
بواسطة:
!! المصرى الحر !! اسلام المهدى .
!!! ثــــــــــــــــورة طـيـبـيـــــــــن !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
أليسع نور الدين
بجد جاهل من لا يعرف الاسطورة الاستاذ مكرم محمد احمد