محمد صبرى درويش يكتب: تجرَد لتتمرد ولا تتمرد لتتجرد

الجمعة، 28 يونيو 2013 01:48 ص
محمد صبرى درويش يكتب: تجرَد لتتمرد ولا تتمرد لتتجرد استمارة تجرد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعانى مصر فى هذه الآونة من بعض الانقسامات الحزبية والتشتت الفكرى، ونسى الجميع أن الخلاف فى النهاية على أمور سياسية تخضع وترضخ لمصالح وأهداف حزبية فى بعض الأحيان، ونسى الجميع أيضاً أن الكل فى النهاية تدبُ فى حنايا عروقه دمُ الوطنية والكل مشترك فى حب هذا الوطن ولكن كلٌ يرى أن تقدم هذا الوطن لن يتم إلا من رؤيته هو أو من وجهةِ نظرهِ فقط وما كان خلاف ذالك فهو يُعرقل المسيرة.

ظهرت حركة تمرد لتنادى بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى تلاها ظهوراً حركة تجرد لتؤكد ثبات الثقة والشرعية للرئيس مرسى، ولعل البعيد عن الشأن السياسى يندهش قليلاً حينما يرى المليونيات والملايين التى يحشدها ويُجمعها هؤلاء وهؤلاء، ويبقى المواطن البسيط فى دهشةٍ وذهول مستمر ويسأل نفسه كثيراً أيهما على صواب وأيهما على خطأ ؟ ولكنه يُريح فكره سريعاً فى مقولته الشهيرة "دول مش هيريحوا ألا لما يخربوا البلد".

ويبقى المواطن البسيط هو سيد ومحور الفكر السياسى فى مصر كعادته، فهما حاول السياسيون والمعارضون خداعه فهو يركن إلى وطنيته لتخبره بمن يسعى لرفعة الوطن ومن يستخدم معسول الكلم فى تحقيق مصلحة شخصية أو حزبية.

حركة تمرد تنادى بفكرة سلمية يُحصنها لها الدستور الذى سعى إلى إقراره من ينادون بسحب الثقة منه، وباتت فكرة تغيير رئيس فى معتقدهم كتغيير لاعب فى مباراة ودية ليحل محله لاعب آخر دون أى ضير قد يلحق بالوطن، ولعلى أقول لهم أن الكارت الأحمر الذى سوف تُخرجون به الرئيس من منصبه هو فى عُرف اللعب يعنى أن الفريق سيُكمل المبارة بدون من صُوب نحوه هذا الكارت، أى أنه لا يحل لأى لاعب آخر أن يحل محل من خرج، أى أن مصر ستبقى بلا رئيس وفقاً لقواعد لعبتهم وإلا فالحكم غير مسئول.

وأحب أن أضيف لهؤلاء الشباب الثائر الذين أشرف حقيقةً بوجودهم فى وطنى كمعارضة حقيقية فعلية تثرى الحقل والمشهد السياسى أحب أن أضيف لهم ما معنى كلمة "تغير رئيس"؟ هذا الكلمة لا تحمل فى مضمونها تغيراً عادياً لشخص ما شغل منصباً ولكنها تعنى تغيراً جذرياً لكيان وأسس دولة وسياسات عامة سوف تتعرقل، فدولة بلا رئيس تعنى غياباً للسلطة التنفيذية لفترة ما، أى لا قانون ولا دستور قائم الآن فى الدولة وهذه الكلمات وحدها كافية لهروب الاستثمار من الدولة وهذا يعنى نزيفاً محققاً للعملة لكى يصبح سعر الدولار 15 جنيه مصرى وهنا يذهب المواطن البسيط لشراء نفس السلعة التى كان يشتريها قبل خلع الرئيس ولكن بضعف الثمن أو يزيد.

ولعل المفاجأة الحقيقية هى الرئيس القادم الذى سوف يُخلع مجدداً قبل أداءه لليمين الدستورية بنفس الطريقة وقد يكون بنفس الكارت وهذا يعنى نزيفاً جديداً للعملة ليصل سعر الدولار إلى 50 جنيها ليمتنع المواطن المصرى بعدها عن شراء السلع، والأخطر أن الدولة سوف تدخل فى مراحل الفوضى المتفاقمة.

فأنا كشاب مثلكم أعلم جيداً أن هناك تخاذلاً كبيراً فى تنفيذ مشروع النهضة المزعومة وأعلم أن الحكومة الحالية التى يترأسها الدكتور هشام قنديل هى حكومة وعود وليس حكومة تنفيذ، لكن لا يجب أن نعالج الخطأ بخطأ أكبر، فخلع الرئيس قد يسحب من بين أيدينا قدر الحرية التى تنفسناها فى 25 يناير لأنه بالتأكيد لا محالة فى أوسع الظروف سوف تعود قوانين الطوارئ، وأحب أن أقول أنه لو أتى للإدارة السياسية المصرية خبر دخول مصر فى حرب سوف يُقابل بمزيد من الراحة والثبات عن خبر خلع رئيس من منصبه.

الآن وجب علينا أن نتجرد من تمردنا حتى لا ندخل الوطن فى مراحل الفوضى التى هو فى غنى عنها، ولنأخذ الأمور بمزيد من الحكمة والاتزان حتى لا نخرج من حركتى تجرد وتمرد إلى حركة للتشرد، فمصر باقية والأشخاص فى النهاية إلى زوال.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة