حين اعتلى محمد مرسى كرسى الرئاسة كان يردد وعودا بأنه سيكون رئيساً لكل المصريين.. لكن بعد مرور عام على توليه المنصب تعمقت الانقسامات وأغرقت البلاد فى أزمة.
وفى حين يتأهب معارضو الرئيس لاحتجاجات يسعون من خلالها لإسقاطه، فإنه لم يأت بأى بادرة تنم عن تراجع، ثبت مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين على موقفه مدعوماً بحلفائه الإسلاميين العازمين على حمايته مما يعتبرونها محاولة انقلاب.
واستمرار مرسى فى التصدى لعاصفة الانتقادات التى يقول إنها تلحق به أذى شخصيا ما هو إلا انعكاس لنهجه خلال عامه الأول فى الرئاسة الذى واجه فيه اضطرابات سياسية وإخفاقات حكومة يرى كثيرون أنها تفتقر للرؤية السليمة.
ورغم ضعف الآمال فى التوصل لتوافق، تشبث مرسى بموقفه واتهم معارضيه بمحاولة "وأد وتخريب العملية الديمقراطية الوليدة".
وأضاف مرسى فى كلمة ألقاها مساء الأربعاء، "أنا أتفهم جداً وبكل تقدير أن تختلف المعارضة ما شاء لها الاختلاف، وأن تنافس من خلال الآليات الديمقراطية، لكنى لا أفهم وأربأ بها ولا أريد لها أبدا أن تشارك بغير قصد فى الانقضاض على الثورة، أو أن تتحالف مع أعدائها بأى شكل مباشر أو غير مباشر".
وفى مسلك شهده المصريون من قبل، عرض تنازلات لكن المعارضة رفضتها قائلة إنها أقل بكثير مما ينبغى.
وقال فى خطابه "أقول للمعارضة طريق التغيير واضح ومعروف" ملمحا إلى الانتخابات التى فاز بها الإسلاميون. وأضاف "لن أمل أو أكل.. وأقول الأيادى ممتدة والحوار فورا".
مرسى (61 عاما) رجل مهام مثابر فى نظر مؤيديه، ومشروع حاكم مستبد فى عيون معارضيه، وهو مهندس مدنى وأستاذ جامعى نال درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة، وهو من مواليد محافظة الشرقية إلى الشمال من القاهرة.
ودفعت به جماعة الإخوان المسلمين كمرشح ثان فى سباق الرئاسة تحسبا لاحتمال استبعاد اللجنة الانتخابية العليا مرشحها الأول خيرت الشاطر من قائمة المرشحين، وهو ما حدث بالفعل.
وأطلق عليه البعض فى البداية وصف "الاستبن" فى إشارة إلى أنه مرشح بديل للمرشح الأصلى، لكنه نجح بالفعل فى سباق الانتخابات وأبدى ثقة متزايدة فى خطبه العامة.
وخلال خطبة الأربعاء، التى استغرقت أكثر من ساعتين ونصف الساعة، خرج مرسى فى بعض الأحيان عن الكلمة المكتوبة وسعى لاجتذاب المواطن العادى بالابتعاد عن الحديث بالفصحى الذى كثيراً ما أثار سخرية البعض.
وقال ياسر الشيمى، محلل الشئون المصرية بمجموعة الأزمات الدولية، "إنه يدرك أن مستمعيه فى الأساس ليسوا من أنصار المعارضة، ولا من أهل الحضر ذوى الفكر العلمانى".
وعندما تولى مرسى الرئاسة خيمت الشكوك على نطاق سلطاته بسبب دور المجلس العسكرى الذى كان قائما منذ عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، والذى اعتبره كثيرون مصدرا منافسا لسلطات الرئيس.
غير أن الرئيس الجديد فاجأ المراقبين فى أغسطس عندما أقال المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكرى ووزير الدفاع، المحنك الذى طالما عمل مع مبارك آتيا خطوة نالت احترام قطاع من منتقديه حتى من هم فى المعسكر الليبرالى.
وخلال أسابيعه الأولى فى الرئاسة رسمت زيارتاه للصين وإيران نهجا جديدا لسياسة مصر الخارجية، وحافظ فى ذات الوقت على دور مصر كلاعب أساسى فى الشرق الأوسط من خلال الوساطة لإنهاء حرب قصيرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ومن القاهرة، وفى وجود وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، أعلنت التهدئة التى توسطت فيها مصر، فاطمأن الغرب إلى أن حكم الإسلاميين لن يعنى تحولا جذريا فى النظام الإقليمى الذى أرسته معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
لكن ما كاد مرسى أن يسهم فى تهدئة صراع فى الخارج، حتى أشعل صراع فى الداخل بإصداره إعلانا دستوريا أغضب معارضيه وفجر عنفا داميا لأيام.
فالإعلان الدستورى أتاح للإسلاميين الانفراد تقريبا بوضع دستور للبلاد طرحه مرسى فى استفتاء عام، متجاهلا احتجاجات المعسكر غير الإسلامى الذى قال إنه لا يعكس تنوع الاتجاهات داخل المجتمع المصرى.
المعارضة وصفت هذا الإعلان الدستورى بأنه مسعى لانتزاع السلطة لا يختلف عما كان يحدث فى عهد مبارك. أما الإخوان المسلمون فاعتبروه خطوة وقائية فى مواجهة مؤامرة حاكها الموالون للنظام السابق لعرقلة الانتقال السياسى.
وانتصر مرسى والإخوان لكن الثمن كان غاليا، فقد تعمق الانقسام السياسى مبددا الآمال فى تحقق التوافق المطلوب للشروع فى إصلاحات لعلاج أزمة اقتصادية تدنت بالجنيه المصرى لمستويات قياسية.
وتعثرت المحادثات مع صندوق النقد الدولى حول قرض قيمته 4.8 مليار دولار مطلوب بشدة لاستعادة ثقة المستثمرين عندما توقف مرسى أمام شروط ذات حساسية سياسية مثل الزيادات الضريبية.
حتى الإخوان أنفسهم انتقدوا على الملأ رئيس الوزراء الذى اختاره مرسى وهو التكنوقراطى المستقل هشام قنديل.
وشابت الشكوك التزام الحكومة بالديمقراطية بسبب قوانين رأى البعض أنها تقيد حريات المجتمع المدنى وحق الاحتجاج، وأعربت الولايات المتحدة وأوروبا عن قلقهما.
معارضو مرسى وصفوه بأنه دمية تحركها جماعة الإخوان المسلمين وهو ما رفضته الجماعة والرئاسة. غير أن أعضاء سابقين فى الفريق الرئاسى أعلنوا أنهم تركوا مناصبهم لكثرة تدخلات الجماعة فى الحكم.
وقال محمد حبيب، الذى كان النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين قبل أن يترك الجماعة عام 2011، إن مرسى تلزمه المصارحة والشفافية مع الشعب.
وشملت دائرة المقربين من مرسى جماعات مثل الجماعة الإسلامية التى كانت يوما حركة جهادية مسلحة، مما يزيد على الأرجح من صعوبة إقناع منتقديه بأنه يمكن أن يكون رئيسا لكل المصريين.. لا لجماعته وحسب.
وقال دبلوماسى غربى "القصور الأساسى تمثل هذا العام فى العلاقة مع الشعب المصرى.. ذلك التحول من حركة إلى قوة سياسية وطنية".
وأضاف "كان الخطأ الرئيسى هو عدم التحدث إلى الأمة، وإشراك المصريين فى هذا المشروع الديمقراطى الجديد".
"رويترز": "مرسى" يواجه اضطرابات وشيكة وإخفاقات حكومة تفتقر للرؤية السليمة
الجمعة، 28 يونيو 2013 02:54 م
الرئيس محمد مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مشمشاوي
مفيش أضطرابات ولا حاجه دول شوية صيع خارجين علي القانو ن و الشرعيه
.