بالتوازى مع كل الأحداث السياسية والتقارير التى رصدت انتهاكات حقوق النساء على مدار العامين الماضيين بعد ثورة يناير، وحالات التحرش بالمتظاهرات والمواقف والتصريحات التى تستهدف النساء المصريات من القوى الرجعية، أكدت تيارات كثيرة ومنظمات نسائية فى مصر مشاركتهن بقوة فى مسيرات 30 يونيو بمعدلات قد تفوق مشاركتهن فى الموجة الأولى من الثورة فى 25 يناير، بعد ما واجهن من حملات منظمة من التهديدات والسطو على حقوقهن المكتسبة سواء على المستوى التشريعى أو الدستورى وصولا للمستوى الاجتماعى، والتى جاءت بغرض إرهابهن ومنعهن من المشاركة.
حيث أعلنت كثير من المنظمات النسائية والحركات الشعبية وعلى رأسها "تمرد" وثورة البنات وأنا حرة وغيرها، مشاركتها فى مظاهرات 30 يونيو، لإدراك الجميع أن الثورة ما كانت لتنجح دون النساء فى مصر اللاتى اندفعن ودفعن أسرهن للنزول، وأنه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار والديمقراطية دون مشاركة حقيقية لنصف المجتمع.
وهو ما أكدته الناشطة الحقوقية المحامية نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصرى للمرأة، أن صلابة النساء فى مواجهة كل الانتهاكات ضدهن أو ضد أفراد أسرهن ألهمت الكثيرين وألهبت عزيمتهم خلال ثورة يناير، بالتوازى مع رفض بعض القيادات النسائية الشابة إدراج حقوق النساء فى البداية واعتبرتها مطالب تالية على التحول الديمقراطى، وتعاملت القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها مع النساء كوقود للمعركة السياسية يقتصر دورهن على ملء الميادين، وما أن تبدأ مفاوضات السياسة لا يُلتفت لمطالب النساء، بل هذا الحديث لا يريح الكثيرين أياً كانت انتماءاتهم، وتم إقصاء النساء بدءاً مما سمى ائتلاف شباب الثورة وما تلاه، وتركت النساء وحيدات يناضلن من أجل حقوقهن التى يرفضها التيار الإسلامى ولا يتحمس لها التيار المدنى.
وتضيف أبو القمصان أنه خلال عامين ونصف العام تراجعت مكانة مصر الأولى عالمياً فى مكانة المرأة السياسية، حيث وصلت إلى المركز 126 تليها الدول الفاشلة، أما العدالة الاجتماعية للنساء فحدث بلا حرج، فقد احتلت مصر المركز الأول عالمياً فى قائمة الدول التى سجلت انحداراً فى إتاحة الفرص الاقتصادية للنساء، ورغم ضرب البطالة لقطاعات عريضة من الشعب المصرى، لكن معاناة النساء من الفشل الاقتصادى تضاعفت، ووصلت نسبة البطالة بين النساء أربعة أضعاف الرجال مما زادهن فقراً وبطالة، كما زادت أوضاعهن المعيشية سوءاً وزادت مظاهر التمييز ضد النساء مع استهداف النظام الحالى جميع حقوق النساء وعمل عدة محاولات للنيل من الحد الأدنى المتوفر من الحقوق ومحاولة فرض صور نمطية ومشوهة حول النساء فى مناهج التعليم.
وتؤكد أبو القمصان أن مع الاستخدام السياسى الواسع لقوانين الأحوال الشخصية، واستخدام تيارات الإسلام السياسى قوانين الأسرة والطفل لتقييد حقوق المرأة والتمكين من السيطرة على المجتمع ومنها قضايا الطفل التى كانت رأس الحربة التى تداعب بها مشاعر البسطاء وغير المتخصصين، سقط التيار المدنى فى هذا الفخ لنجد من يناقش الأمر وكأنها قضايا حقيقية وليست جزءاً من تغيير نمط الحياة فى مصر على غرار ما فعلوا فى أفغانستان وغيرها.
لكن ومع كثرة الطبول التى دقت على رؤوس النساء فى مصر والرعب والعزلة التى عاشتها خلال عامين، استعادت المرأة المصرية لصوتها حيث خاضت تجربة التصويت لخمس مرات متتالية ما بين انتخابات واستفتاءات، وقد أثبتت الكتلة التصويتية النسائية وعياً كبيراً، لاسيما فى الانتخابات الرئاسية، حيث جعلت المعركة صعبة بين مرشح يمثل الإسلاميين وتدعمه القوى الثورية ومرشح يقال عنه ممثل للنظام البائد، لينجح ممثل الثورة بطعم الهزيمة بعد أن أثبتت النساء أنهن كن أكثر وعياً من القوى الثورية التى اجتمعت فى «الفرمونت».
وشددت أبو القمصان على أن كل ما يطارد النساء خلال العامين الماضيين لم يمنعهن من ممارسة حقوقهن السياسية، فقد خرجن للتصويت فقط والاحتجاج على المحاولات لاستعبادهن، لذا تصر النساء على المشاركة أكثر 30 يونيو لمطالب عامة، فى القلب منها مطالبها التى لم تتحقق وستكون النساء قوة مؤثرة لعل القادمين بعد مرسى يكونون تعلموا أن الديمقراطية لن تتحقق دون ضمان مشاركة النساء، والأهم ألا تقع النساء فى فخ تأجيل مطالبهن لما بعد ما يسمى الاستقرار، فلا استقرار دون حقوق النساء حتى لا يكون ما بعد مرسى أسوأ.
فى السياق نفسه أعلنت مبادرة "ثورة البنات" عن مشاركتها فى مظاهرات 30 يونيو المقبل، لافتة إلى أن مشاركتها تأتى بعد أن أثبت النظام عدم الكفاءة والقدرة على قيادة البلاد، وعلى رأسها تدهور الحالة الاقتصادية، والانحراف المتعمد عن مسار ثورة 25 يناير، وعدم القصاص لدماء الشهداء، وما شهدته مصر من أحداث دامية راح ضحيتها شباب الوطن.
وأشارت غدير أحمد، منسق المبادرة، إلى أن تدهور القضية النسوية وتعرضها لمحاولات إجهاض وتشويه، واستهداف النساء ومحاولات إرهابهن والانقضاض على حقوقهن، سبب رئيسى فى النزول والمشاركة فى استعادة الثورة.
من جهتها تبنت مجموعة "مصرية حرة.. اتكلمى" مبادرة أخرى لحماية المرأة أثناء المشاركة فى مظاهرات 30 يونيو من خلال إعلانها مبادرة تهدف لدعم مشاركة المرأة فى تظاهرات استقلال مصر يوم 30 يونيو، بإحياء عدد من الفعاليات والأنشطة التى تهدف لتثقيف المرأة لحماية نفسها ضد أى اعتداءات محتملة أثناء التظاهر فى هذا اليوم.
وحددت المجموعة تدريبا لتعريف الفتيات والسيدات، خاصة ممن لم يسبق لهن الخروج فى تظاهرات أو وقفات أو احتجاجات سابقة، فنون وأدوات التأمين والدفاع عن أنفسهن أو مساعدة أى شخص يحتاج للمساعدة، لا سيما الفتيات والنساء ممن قد يتعرضن لأى اعتداءات، وأكدت المجموعة أنه سيتم من خلال لجنة "دعم السلمية ونبذ العنف" منع أى انتهاكات لسلمية التظاهرات وإيقاف أى ممارسات أو أفعال تخريب أو أعمال غير سلمية تقع عليها.
ونوهت المجموعة لانتشار أفرادها داخل أماكن التظاهرات ومحاولة مراقبة السلمية، والتدخل فى حالة حدوث عنف ضد النساء المشاركات فى المظاهرات.
فيما أكد المجلس القومى للمرأة نفيه الخروج لمظاهرات 30 يونيو بعد تصريح إحدى عضواته وهى سناء الشريف بالمشاركة فى التظاهرات للمطالبة باسترداد حقوق المرأة، أنها تعبر عن رأيها الشخصى ولا علاقة للمجلس بها.
يذكر أن الدكتورة سناء شريف، قالت إنه "لا يخفى على أحد الخلافات الدائرة بين المجلس القومى للمرأة ومجلس الشورى فى الآونة الأخيرة، وهو ما تسبب فى اعتذار الدكتور أحمد فهمى، رئيس المجلس، والدكتور سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، عن حضور فعاليات ندوة "العلاقات العامة والدبلوماسية الشعبية ودور المرأة فى النظر فى مشكلة حوض النيل" التى نظمها "القومى للمرأة".
وعلى صعيد آخر أعلنت هدير الشرقاوى، منسق حركة "مصريات من أجل التغيير بالبحيرة"، عن مشاركتها وأخذ الاحتياطات لمنع انتشار ظاهرة التحرش الجنسى بالمتظاهرات بالتعاون مع المنظمات الحقوقية الأخرى ووضع استراتيجيات عملية لوقف هذه الظاهرة.
فيما أعلن إبرام رأفت، مؤسس مبادرة "أنا مش هسكت على التحرش"، قيامهم بتنظيم مجموعات للحفاظ على الفتيات والنساء اللاتى سيشاركن فى المظاهرات من خلال عدة حملات نظموها فى بعض محافظات الصعيد، للتوعية المجتمعية لمنع التحرش وكيفية حماية الفتاة لنفسها أثناء تواجدها فى العمل أو الشارع، وأسباب انتشار هذه الظاهرة، وأهمية التصدى لها، مطالبا بضرورة تغيير نظرة المجتمع للفتاة الضحية، والتوقف عن إلقاء اللوم عليها بحجة الملبس أو الشعر أو تأخرها خارج المنزل.
أما ميرا سامى، منسقة "حملة متصنفنيش"، فأعلنت رفض التصنيف بكل أشكاله وأنواعه، سواء كان تصنيفا بين رجل وامرأة أو أبيض وأسود أو مسلم ومسيحى، متدين وعلمانى، معاق وغير معاق، مشيرة إلى أنهم سيتبنون حملة تحت عنوان "رأيى ملكى.. حريتى دينى"، وأنهم سيشاركون فى تظاهرات 30 يونيو إضافة إلى خط ساخن يتلقى أى انتهاكات يتعرض لها المواطنون أثناء التظاهرة.
أما مبادرة "اتكسفوا" فهى رسالة موجهة لكل متحرش جبان يمارس هذا السلوك مع الفتيات، يقول أحمد رأفت مؤسسها أن "اتكسفوا" رسالة للمجتمع الذى يلوم الضحية ويبرئ الجانى ويؤيده، ومن ثم فالمبادرة تستهدف تغيير صورة المجتمع عن التحرش الجنسى، والتأكيد على كونه جريمة تستوجب العقاب لمن يرتكبها وستتبنى حماية المتظاهرات من النزول فى الميادين للتعبير عن رأيهن بحرية دون خوف من أى أحد.
وفى السياق نفسه أعلنت فاطمة الشريف، عضو مبادرة "فؤادة واتش"، أن تقييم أداء المؤسسة الرئاسية والرئيس المنتخب من خلال القرارات الصادرة عن رئاسة الجمهورية، وما يصدر عن رئاسة الوزراء من قرارات وقوانين بحكم كونهما السلطتين التنفيذية والتشريعية للبلاد يؤكد استهدافهن لإقصاء النساء من المشاركة السياسية وهو حق مشروع وعلينا التأكيد عليه بالنزول والمشاركة رغم كل ما يقال وما يحدث، مؤكدة أن فريق عمل المبادرة سيقوم بتلقى الاتصالات على مدار 24 ساعة من خلال الخط الساخن لتلقى شكاوى الانتهاكات والتجاوزات التى قد تتعرض لها النساء والفتيات فى التظاهرات.
ورغم كل الجدل السياسى حول مشاركة النساء فى مظاهرات يونيو المقبلة قامت بعض المحافظات وعلى رأسها محافظة الشرقية وخاصة قرية مسقط رأس الرئيس مرسى ومحافظة كفر الشيخ بقيادات مظاهرات للتحفيز على خروج النساء والفتيات للمشاركة فى ثورة 30 يونيو المقبلة أسوة بمشاركتهن الرائعة والمتميزة فى 25 يناير ومطالبتهن بعدم الالتفات للمحاولات الرجعية التى تستهدفهن وتطالب بإقصائهن من المشاركة السياسية.
النساء وقود المعركة السياسية فى مظاهرات 30 يونيو.. والقومى للمرأة يتبرأ من المشاركة.. ومنظمات حقوقية تضع إستراتيجية لمنع التحرش بالمتظاهرات.. وتؤكد: شاركنا فى يناير ولن ترهبنا تيارات الرجعية فى يونيو
الجمعة، 28 يونيو 2013 07:05 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف
يسقط حكم المرشد سرق من المصريين الحياة الكريمة من منا موافق على حالته وحال أسرته ؟