ثلاثة طلاب بالمرحلة الثانوية، لم يكترثوا بصغر عمرهم، بقدر اهتمامهم بقضية تبنوها وهى الدفاع عن فكره ومبدأ آمنوا به وهى الحرية.
على ماهر، طالب بالصف الثالث الثانوى، إذا لم تكن تعرف عنه الكثير، فبمجرد دخولك لبوابات مدرسة السعيدية، فلن تجد للطلاب حديثا سوى الحديث عن "الشهيد على ماهر" وكيفية تكريمه، إلى حد الاشتباك مع مسئولى المدرسة وتنظيمهم لوقفات احتجاجية للمطالبة بإحياء ذكراه.
استشهد على بميدان التحرير فجر السبت 9 إبريل 2011، والمعروف بجمعة التطهير والمحاكمة يوم 8 إبريل، روت والدته أنه أخذ علم مصر ولافتة كتب عليها «مش حاسين بالتغيير وراجعين التحرير» وتوجه إلى الميدان وأضافت نصحته ألا يذهب إلى التحرير فى ذلك اليوم، فقال "إن لجنة تقصى الحقائق مازالت تحقق فى أحداث 8 و9 إبريل برئاسة المستشار ماهر بيبرس وتنظر القضية أمام النيابة العسكرية، ولن نترك أماكننا فى ميدان التحرير إلا بعد حكم القصاص العادل، ولابد من تغيير أوضاع البلد ومحاكمة الفاسدين الذين باعوا البلد".
مؤكدة أنه كان ينزل إلى التحرير كل جمعة وشارك فى توزيع دعوات 25 يناير، وقال "بكره تشوفوا الصغير ده هايعمل إيه؟".
وأكدت أن عقب مرور عدة أيام على وفاته، أخبرها أحد أصدقائه بفصله الدراسى أنه جمعهم لينصحهم بالصلاة، وأضافت أن وقت إصابته أعتقد الجميع أنه ضابط، فنقلوه إلى المستشفى العسكرى، وأشارت إلى أنها صنعت له لافتة مساحتها 3 أمتار تجمع من خلالها جميع صوره التى التقطها له أصدقاؤه، ووضعتها بالمنزل فى مقابل باب الشقة، لافتة إلى أنها طبعت نسخة منه لإرساله إلى مدرسة السعيدية وقت إحياء ذكراه.
أما عن حياته الدراسية، فقالت إنه كان متفوقا، مدللة على ذلك بوضع إدارة مدرسته السعيدية سؤال إلى امتحان الصف الأول الثانوى باسمه جاء فيه اكتب برقية تهنئة لشهيد الثورة "على ماهر" ابن السعيدية، ووصفت حالته خلال فترة الامتحانات بأنه "كان يراجع دروسه طوال اليوم، لكن أبرز ما اعتاد على فعله هو أن يلقى بكتبه وأغراضه الدراسية إلى والدته، ليخبرها بأنه سيخرج لمقابلة أصحابة ولبدء الإجازة الصيفية لممارسة بعض الهوايات المفضلة لديه كالسباحة، والكرة، والذهاب إلى النادى، بالإضافة إلى ركوب الخيل، لتذكر والدته أحد مواقف على المرتبطة بالخيل، والتى ترتب عليها 11 غرزة فى رأسه لاختياره لخيل شقى وجريه السريع به.
وفى بورسعيد، الطالب أحمد سامى، بالصف الثانى الثانوى، قالت هبة السيد نصر، ابنة خالته، إنه كان يتيم الأم لذا كان يلقى معاملة خاصة من الجميع، وكان يهتم بدروسه والمراجعات، خاصة مع أصدقائه، وكان يحلم بتعلم فن التصوير لولعه بعمل تقارير فيديو عن الفقراء، بالإضافة لكونه واحدا ممن أيدوا الرئيس محمد مرسى فى بداية فترته الرئاسية، حتى بدأت الأزمات تتوالى.
أضافت هبة، أنها كانت تحاول منعه من المشاركة بالمظاهرات، إلا أنه كان دائم الرد بأنه يعمل لمستقبله، وأن بدون مشاركته لن يكون له مستقبل، لافتة إلى أنه انضم فى فترته الأخيرة إلى حركة 6 إبريل، وتطوع بجمعية رسالة للأعمال الخيرية، والتى كان فى بعض الأوقات يغيب عن أحد دروسه الخصوصية لحضور فاعلية برسالة.
وعن يوم استشهاده، قالت إنه بعد الحكم فى قضية مجزرة استاد بورسعيد، اتصلت عليه، فظل هاتفه يغلق ويفتح الخط دون وجود أى إجابة، ونظرا لوجود أصوات عالية حوله ظللت أنادى عليه بصوت مرتفعا، حتى أغلق الهاتف نهائيا، وبعد مرور عدة ساعات من القلق، أخبرنا شخص ما أن "أحمد استشهد".
وأكد عاطف محمد، أحد أصدقاء أحمد سامى، أنه كان يشارك بفعاليات عدة أحزاب وحركات سياسية من أبرزها 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، وصناع الحياة ورسالة"، بالإضافة لكونه أصغر مصور فيديو ببورسعيد، وأسس مبادرة "طلاب من أجل التغيير" داخل مدرسته، والتى كانت تهتم بتطوير التعليم، وكان محبوبا من قبل معلميه.
والطالب عبد الرحمن السيد العربى عبد النبى، واسم شهرته "عبده العربى"، الطالب بالصف الثانى الثانوى العسكرى، قسم ألمانى، قال والده إنه كان يهتم كثيرا بالمذاكرة لكن ليس من خلال الجلوس لفترات طويلة أمام الكتب، فكان يحرص على المذاكرة ما يقرب من 5 ساعات بدلا من 12 ساعة على أن يستفاد بكل كلمة يقرأها، هادئ الطباع وخفيف الظل، ولديه عدد كبير من الأصدقاء.
وأضاف "السيد العربى" والد عبد الرحمن، أنه كان لا يمنع ابنه من المشاركة بأى فعاليات لثقته الكبيرة به، لكنه بدأ بالقلق حينما أخبرته أخته الكبرى بأن عبد الرحمن ذهب إلى مقر مديرية الأمن ببورسعيد، وقت الأحداث الأخيرة، وأخبرها بأنه يريد أن يموت شهيدا، وأشار إلى أن آخر يوم رأى به ابنه كان وقت اصطحابه له ولابن خالته كريم لدرس خصوصى، وفى نفس اليوم استمر خارج البيت لوقت طويل فطالبت والدته الاطمئنان عليه لوجود اشتباكات بالقرب من مقر المديرية، وقال "اللى أتأكدت منه وقتها لما اتصلت عليه أنه كان فى وسط الاشتباكات، لتأثره الكبير بصديقه الشهيد "أحمد سامى"، بعدها بساعة جالى خبره".
ومن أصعب اللحظات التى مرت على والد "عبده العربى"، فأكد أنها وقت استلامه لمخ ابنه فى كيس، من قبل صحفى أخبرنى بأنه كان معه لكنه خشى تسليمه للمشرحة ووضعه بثلاجة حتى لا يتم التلاعب به.
وقال كريم على أحمد، ابن خالة وصديق "عبده" إنه كان يعلم طريقه ويهتم بتوجيه أصدقائه جميعا إلى الاهتمام بدروسهم، وأشار إلى أنه كان لا يخرج معهم أوقات الدراسة والامتحانات، لغلق عليه باب غرفته ويصنع لنفسه معسكرا للمراجعة، وأشار إلى أن من أفضل الأشياء إلى عبده كان حفظ أغانى الـ"جرين إيجلز".
وروى كريم، آخر يوم شاهد فيه ابن خالته، فقال" قابلته أمام مدرسة القناة بنين، فى مكان قريب من المظاهرات، منعته من الاقتراب إلا أنه عارضنى وقال لى، تعالى نشوف جوه فى إيه، واستشهد وقالى العمر واحد والرب واحد وجرى، ناديته لكنه مسمعنيش، فاضطررت أجرى وراه، رأيته وقت إصابته وسقوطه على الأرض، ففقدت الوعى، وقتها لم أشعر بأى شىء حولى سوى وأنا بالمستشفى، فسألت عن "عبده" فوجهونى إلى غرفة كان بها أحد الشهداء لكنه لم يكن هو، فظللت أبحث عنه حتى توصلت له من حذائه البنى".
وانتقالا طبيعيا بين الثانوية والجامعة ولكن هنا مفارقة أن الطلاب الذين ينتقلون من الثانوية للجامعة يهدفون لحياة كاملة بعد تخرجهم ويتطرقون لفتح كل الأبواب التى تهيئ لهم مستقبلا مشرقا أما فى حالتنا هذه فإن من نتحدث عنهم قد تخرجوا بالفعل تخرجوا إلى حياة أخرى وقدموا حياتهم على طبق من رضا لعشق تراب هذا الوطن.
فقال علاء زعلول أحد أصدقاء الشهيد محمد الشافعى الطالب بالفرقة الثانية معهد حاسبات وبصريات بالشيراتون، "أنا بكلمك وأنا فى البيت عنده بزور أسرته"، وكانت آخر حاجة قالها هى عبارة كان يرددها دايما "لا حياة فى وطن مجرموه أحرار"، وكان حاططها على البروفايل بتاعه، واستشهد فى ميدان التحرير على كوبرى قصر النيل، بــ3 رصاصات 2 فى الرأس وواحدة فى صدره.
وأضاف، أما بالنسبة لوالدته: "فضلت تبحث عنه شهرا لغاية لما اكتشفت أنه فى مشرحة زينهم".
وقالت رحاب على إحدى جيران الشهيد حامد فتحى الطالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة جامعة عين شمس وشهيد أحداث بورسعيد، وكان لا ينتمى للألتراس، وكانت أول مرة يشارك فيها بسفره مع الفريق الأهلى إلى بورسعيد كانت آخر مرة التى استشهد فيها، وأصيب بنزيف داخلى.
وأضافت رحاب، أنه حدث موقف غريب فى اليوم السابق لسفره عندما كان يمرح مع أحد أصدقائه الذى استعار منه حقيبة السفر التى سافر بها، حيث قال له صديقه "حافظ على الشنطة بتاعتى" فرد عليه قائلا: "لا أنا راجع ولا الشنطة راجعة".
وتابعت رحاب، فى حديثها عن الطلاب الشهداء والذين تعرفت عليهم أثناء المظاهرات باعتبارها عضو فى إحدى الحركات السياسية، أن أبو الحسن إبراهيم طالب كلية الطب البشرى بجامعة عين شمس، والذى استشهد فى أحداث العباسية، كان طيب جدا وأجبر حركة 6 إبريل التى كان تابعا لها على النزول بعد أن كانت قررت عدم المشاركة فى أحداث العباسية، وذلك عندما رفض قرارها ونزل فى المظاهرات واستشهد، ولذلك أجبرهم على النزول.
والشهيد مصطفى الصاوى، أحد شهداء جمعة الغضب على كوبرى قصر النيل، وطالب الدراسات العليا بكلية التجارة جامعة القاهرة، ولكن هنا شيئا يجعلك تقف قليلا وهو مصادفة القدر أن يتوفى الشهيد مصطفى الصاوى فى نفس يوم ميلاده وهو 28 من شهر فبراير ولكن بعد مرور 26 عاما هى عمر أحد شهداء الحرية فى مصر الحديثة، وكانت آخر مقولة لـ"مصطفى الصاوى": "أنا ذاهب لاستشهد غدا يا أمى، فكيف تريدين منى عدم النزول للمظاهرة ؟، وسأتزوج غدا من خارج الدنيا بإذن الله".
ويذكر أن الشهيد مصطفى الصاوى، الذى يحتل ترتيب الرابع بين إخوته: "إيهاب، مريم، مصطفى، مروان" على التوالى، كان يقطن فى 18 ش الجامع بالحوتية فى منطقة الجيزة.
وقال أحد أصدقائه بالكلية إنه ينتمى لشباب الإخوان المسلمين بالكلية وكان له العديد من الأنشطة فى الكلية من خلال الأسر الخاصة بطلاب الإخوان المسلمين بالكلية.
محمد سمير، طالب كلية التجارة بجامعة القاهرة، وشهيد مباراة الأهلى والمصرى بمدينة بورسعيد، حيث إنه كان أحد أعضاء ألتراس أهلاوى، وتاريخ ميلاده 24 مايو 1993، وتوفى 1 فبراير 2012.
وآخر مقولة للشهيد محمد سمير كانت "أنا أريد الذهاب إلى ماتش الأهلى فى بورسعيد، وذلك بعد بكاء محمد لعلمه رفض والديه السفر إلى بورسعيد لتشجيع ناديه الأهلى، دخل محمد الحجرة مسرعا منهمرا فى البكاء ثم دخل والداه يقول له:" لا تبكى يا محمد ستسافر إلى بورسعيد ولكن كن ع حذر".
والشهيد محمد سمير، الذى يسكن فى أبو أشرف، بدار السلام، هو الأخ الأصغر لثلاثة أخوات هم "جمال، ماجد، دنيا".
وعمرو البحيرى، أحد طلاب كلية التجارة جامعة القاهرة، وشهيد أحداث محمد محمود الأولى، ومن مواليد 1مايو 1991، واستشهد 21 نوفمبر 2011.
وقال أحد أصدقائه بالكلية إن آخر مقولة لـ"عمرو البحيرى" كانت: "أنا أريد النزول إلى الشارع الآن"، وهم بالنزول فحاول والده منعه وهنا وعلى غير العادة تقف الأم فى صف عمرو وتقول لو كل أم وأب منعوا ابنهم من النزول مين اللى هينزل يجيب حقوقنا وهنا رد الأب يعنى هتفرحى بابنك لو مات ردت سارة الأخت الصغرى أيوه هنفرح عشان هيكون مات شهيد".
والشهيد عمرو البحيرى، الذى يسكن بوادى حوف، هو الأخ الأكبر لثلاثة إخوة هم "أحمد، ريهام، سارة".
والشهيد خالد عمر، أحد طلاب كلية التجارة بجامعة القاهرة، وشهيد مباراة الأهلى والمصرى بمدينة بورسعيد، حيث إنه أحد أعضاء ألتراس أهلاوى، ويؤرخ ميلاده بـ 21 مايو 1993، واستشهد فى 1 فبراير 2012.
وخاطب الشهيد خالد عمر والدته فى آخر ما قاله لها:" لا تخافى يا أمى، سأسفر مع أصدقائى، والتى لم تكن موافقة على سفر ابنها إلى بورسعيد، ولكن بعد الإلحاح الشديد من خالد وافقت الأم على سفر ابنها، وبالتالى وافقت على إعطائه تذكرة استشهاده".
والشهيد خالد عمر من سكان شارع اللولى عيد- عمرانية شرقية، هو ترتيبه الثانى ما بين إخوته.
والشهيد أحمد عزت، أحد طلاب كلية التجارة بجامعة القاهرة، وشهيد مباراة الأهلى والمصرى بمدينة بورسعيد، حيث إنه أحد أعضاء ألتراس أهلاوى، وتاريخ ميلاده 12 مارس 1992، واستشهد يوم 1 فبراير 2012.
وكانت آخر مقولة قالها الشهيد أحمد عزت عبر الهاتف لوالدته: "أمى سوف أذهب إلى الاستاد"، وكان يسكن بحى شبرا وهو الأخ الأصغر لأخته الوحيدة.
والشهيد محمد حسين والشهير بـ"كريستى"، أحد طلاب كلية التجارة بجامعة القاهرة وشهيد قصر الاتحادية فى 1 فبراير 2013، وكانت آخر مقولة قالها من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك: "الدبابات هتكتر والكترة غلابة والقلب لو مؤمن ولا ألف دبابة، هايقولوا مات كريستى، قولهم لأ عاش، ما الجنة ولا فيها موت، ولا تتدخل بلاش"، وكان يسكن فى حى المريوطية.



