أكدت محكمة الإدارى بالإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، أنه لا يحق لرئيس الجمهورية ونائبه ورئيسى المجلسين النيابيين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، صرف أية مبالغ غير تلك الواردة فى القانون المنظم لمخصصاتهم المالية المقررة سنويا، وأنه يتعين على هؤلاء، فى النظامين الحالى والسابق، أن يردوا للدولة ما زاد عما هو مقرر لهم، مشيرة إلى أن المشرع لم يفوض رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء منح أية حوافز لهم.
وألزمت المحكمة وزير الإعلام، أن يرد لخزينة الدولة مبلغ 269 ألف جنيه تقاضاها كحوافز من مجلس الوزراء بالمخالفة للقانون، مؤكدة أن كل ما زاد عن هذا المبلغ يكون قد صرف بالمخالفة للقانون.
كما ألزمت المحكمة الدولة بوضع نص المادة 215 من الدستور الخاص بالمجلس الوطنى للإعلام، موضع التطبيق الفعلى للحفاظ على حرية الإعلام واستقلاله ومبدأ عدم الاحتكار، وما يصاحب هذا الإنشاء من إلغاء وزارة الإعلام حتى يتواكب مع التطورات الإعلامية العالمية، ولتحقيق المبدأ الدستورى فى استقلاله، وعدم تبعيته لمجلس الشورى، أو غيره وضرورة وضع ميثاق لشرف مهنة الإعلام كضرورة دستورية ومجتمعية.
وحددت المحكمة ضوابط ملابس المذيعة على الشاشة بأنها حرة فى ارتداء تلك الملابس، بشرط مراعاة تقاليد المجتمع والذوق العام سواء برداء الرأس أو بدونه، وقررت منح مذيعة بالقناة الخامسة مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا لها لحرمانها من الظهور على الشاشة لمدة 5 سنوات.
وجاء منطوق حكم المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عوض الملهطانى، وخالد جابر نائبى رئيس مجلس الدولة على النحو التالى أولا: بإلزام اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأن يؤدى إلى إحدى المذيعات مبلغا مقداره خمسين ألف جنيه تعويضا لها عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقتها، من جراء حرمانها من الظهور على الشاشة بالقناة الخامسة مدة خمس سنوات، بسبب ارتدائها رداء الرأس.
ثانيا: ألزمت المحكمة وزير الإعلام بأن يرد لخزينة الدولة مبلغ 269 ألف جنيه قيمة الحوافز التى تقاضاها من مجلس الوزراء عن المدة من 2 أغسطس 2012 حتى 30 إبريل 2013، وكل ما زاد عن هذا المبلغ صرف من أية جهة تحت أى مسمى بالمخالفة للقانون رقم 100 لسنة 1987، بشأن تحديد مرتبات نائب رئيس الجمهورية ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، وتعديلاته بالقانون رقم 8 لسنة 1989من تحديد مرتب، وبدل تمثيل سنويين وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام الدولة بوضع نص المادة 215 من الدستور الجديد الخاصة بالمجلس الوطنى للإعلام موضع التطبيق الفعلى لضمان حرية الإعلام وتعدديته دون احتكار، ليتمكن من وضع ضوابط الالتزام بأصول المهنة وأخلاقياتها، باعتباره من التشريعات الضرورية الملحة للحفاظ على قيم المجتمع وتقاليده البناءة وما يصاحب ذلك من إلغاء وزارة الإعلام، وضم هيئاتها ووحداتها إلى المجلس المذكور وألزمت الجهة الإدارية المصروفات فى الحالتين.
قالت المحكمة – فى حيثيات حكمها - إن مناصب رئيس الجمهورية ورئيسى المجلسين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء هى وظائف ذات طبيعة خاصة مؤقتة تهدف إلى رسالة سامية قوامها العطاء، وليس المكاسب والغنم، لذا حرص الدستور الجديد على النص بأن يحدد القانون المعاملة المالية لهم، وقد حظر عليهم حظرا مطلقا تقاضى أى مرتب، أو مكافأة أخرى غير تلك التى يحددها القانون، وألزمهم بتقديم إقرار ذمة مالية عند توليهم المنصب وعند تركهم له وفى نهاية كل عام، فضلا عن المحظورات الواردة بهذا الدستور التى تؤكد هذا المعنى، وكان قد قصد المشرع من ذلك تحقيق مبدأ الشفافية وحماية المال العام من رجال السلطة ووقف نزيف النهب والفساد مما قام به البعض قبل الثورة.
وأضافت المحكمة أن قانونى المعاملة المالية لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وأعضاء الحكومة، لم يصدر بعد طبقا للدستور الجديد، وأنه بنص المادة 222 من هذا الدستور تكون القوانين الخاصة بالمعاملة المالية لهم الصادرة قبل صدور ذلك الدستور نافذة، ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى الدستور.
وأوضحت المحكمة، أنه لما كان القانون رقم 99 لسنة 1987 بتحديد مرتب ومخصصات رئيس الجمهورية قد حدد مرتبه بمبلغ 12 ألف جنيه سنويا، وبدل تمثيل بمبلغ 12 ألف جنيه سنويا غير خاضعين لأية ضرائب، أو رسوم.
كما حدد القانون رقم 100 لسنة 1987 بشان تحديد مرتبات نائب رئيس الجهورية ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء المعدل بالقانون رقم 8 لسنة 1989 مرتب رئيس مجلس الوزراء ومعه رئيسى المجلسين النيابيين بمبلغ ستة آلاف جنيه سنويا، وبدل التمثيل بمبلغ ستة آلاف جنيه سنويا، ومرتب الوزير بمبلغ أربعة آلاف وثمانمائة جنيه وبدل تمثيل بمبلغ أربعة آلاف ومائتين جنيه سنويا، ومن ثم فلا يجوز منح أى من هؤلاء ثمة مبالغ غير تلك الواردة فى القانون.
وذكرت المحكمة أن تلك الفئة من المسئولين يجب أن تلتزم وتخضع لحكم هذا القانون باعتبارهم المثل والقدوة فى المجتمع، وأن صلاحهم أو فسادهم يؤثر وينعكس حتما على الشعب وينقل إليه الصلاح أو الفساد حيثما يولوا عليهم، فالناس على دين رؤسائهم فى مجال المسئولية والالتزام بحكم القانون، خاصة وأن هذا القانون تم خرقه فى ظل النظام السابق، وما كان يجب على النظام الحاكم الجديد أن يسلك ذات النهج الذى انتهجه النظام السابق وثار الشعب للقضاء عليه وعلى كل مظاهر الفساد الأخرى.
وقالت المحكمة إن الثابت بالأوراق على النحو الوارد بكتاب الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء رقم 12\7443 المؤرخ 30 إبريل 2013، والمرسل للمحكمة بالبريد المسجل والمودع ضمن أوراق الدعوى - أن رئيس مجلس الوزراء قرر منح حوافز للوزراء شهريا بمبلغ تسعة وعشرين ألف جنيه، ومنهم وزير الإعلام، حيث ورد بهذا الكتاب أن السيد متولى صلاح عبد المقصود متولى بصفته وزيرا للإعلام قد تقاضى حوافز بمبلغ مائتين وتسعة وستين ألف جنيه عن المدة من 3 أغسطس 2012 حتى 30 إبريل 2013 على خلاف ما قرره القانون.
وأوضحت المحكمة، أن القاعدة العامة أوضحت أنه لا يجوز للوزراء تقاضى أية مبالغ، أو مستحقات مالية خلافا لما نص عليه القانون رقم 100 لسنة 1987 معدلا بالقانون رقم 8 لسنة 1989، وأن المشرع لم يفوض رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو أية جهة أخرى، منح أية حوافز للوزراء غير ما ورد به من مرتب سنوى وبدل تمثيل سنوى على النحو السالف، ومن ثم لا يعتد بأية قرارات، أو توجيهات، أو تعليمات تصدر من أية جهة على خلاف ما قرره المشرع.
وأشارت المحكمة إلى أن القانون لم يشأ أن يعقد لرئيس مجلس الوزراء ثمة اختصاص بشأن منح الوزراء أية حوافز أو مبالغ مالية تحت أى مسمى سوى المرتب السنوى، وبدل التمثيل السنوى المشار إليهما، وبهذا يكون منح رئيس مجلس الوزراء للوزراء ومن بينهم وزير الإعلام الحوافز التى تقاضاها، والبالغة 269 ألف جنيه، قد صدر معيبا بخلل جسيم وافتئاتا على سلطة المشرع فى تحديد مرتب وبدل تمثيل الوزراء السنوى، متعارضا مع الشرعية وسيادة القانون ويدمغه بعيب اغتصاب السلطة المعقودة للمشرع، ويكون هذا المنح قد صدر من غير مختص قانونا، باعتبار أن رئيس مجلس الوزراء لا ولاية له فى إصداره، ولا يعدو أن يكون مجرد فعل مادى معدوم الأثر قانونا لا تلحقه ثمة حصانة تعصمه من ملاذ المواطنين بالقضاء العادل العاصم من القواسم.
وأكدت المحكمة أنه ترتيبا على ما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلزام وزير الإعلام بأن يرد للخزانة العامة للدولة مبلغ 269 ألف جنيه التى تقاضاها دون وجه حق، وكل ما زاد عن هذا المبلغ يكون قد صرف له تحت أى مسمى بالمخالفة للقانون المذكور عدم احترام القواعد القانونية، هو الذى أدى بالنظام السابق إلى الإفلات بأموال الشعب للخارج.
وأضافت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، أنها وهى تتصدى لهذه الدعوى الحقوقية هى العليمة بأنها تقضى ولا تحل محل الإدارة فى تسيير مفاصل الدولة، لكنها لا تستطيع أن تغض الطرف فيما تلحظه من تهذيب تصرف الإدارة من شوائبه حتى لا يفلت تصرف الإدارة من الهداية والصواب الذى عناه المشرع وهدف إليه.
وذكرت المحكمة أنه قد تكشف لها من الحكمة والمسار التاريخى لاحترام القواعد القانونية، أن المخاطر التى تنتج عن مخالفة القواعد القانونية والإفلات من أحكام القانون المنظم للمعاملة المالية للوزراء، وكبار رجال الدولة هو الذى أدى إلى فوز البعض فى ظل النظام السابق بالنفوذ والسيطرة والمال، وتمكين هذا البعض من سلب المال العام والإفلات به إلى حيث مستقر سحيق قد يصعب على أجهزة الدولة الوصول إليه بالطرق المشروعة، ومن ثم يضيع على الوطن جهد وعرق أبنائه بل ودماء شبابه.
وقالت المحكمة، إنه ترسيخا لمبدأ سيادة القانون وكأثر مباشر للثورة، فقد يتعين على النظام الحاكم الجديد أن يختار بين أحد طريقين: الأول ألا يكرر أخطاء النظام السابق فى منح الوزراء وغيرهم من كبار رجال الدولة المذكورين حصرا بالقانونين سالفى الذكر أموالا تحت أية مسميات غير المرتب السنوى، وبدل التمثيل السنوى الذى حدده القانون، وهى من أموال الشعب صرفت بالمخالفة الجسيمة لأحكام القانون ما كان يجب عليه الاستمرار فى صرفها.
وأوضحت المحكمة أن الطريق الثانى بأن يصدر قانونا جديدا يحدد فيه فى صراحة ووضوح أمام الشعب أية مبالغ يراها تصرف لرئيس الجمهورية ورئيسى المجلسين النيابيين، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء تحقيقا لمبدأ الشفافية أمام الشعب حتى تدرك الثورة أهدافها التى رمى إليها الشعب، إلا أنه لم يسلك هذا، أو ذاك وأثر الاقتفاء بأخطاء النظام السابق فى صرف أموال الشعب بالمخالفة للقوانين المنظمة لمخصصاتهم المالية.
وذكرت المحكمة أنه بحكم ما وسده إليها الدستور والقانون ترى أنه يتوجب تحقيق مسؤولية النظامين السابق والحالى أمام الشعب، باعتباره مصدر السلطات عن كافة الأموال التى صرفت لهذين النظامين بالمخالفة الجسيمة للقانونين المنظمين لرواتبهم ومخصصاتهم المالية على نحو ما سلف بيانه، وأنه يتوجب على جميع الأشخاص الذين تولوا المناصب المنصوص عليها فى القانونين سالفى الذكر، وهى مناصب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية ورئيسى المجلسين النيابيين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء سواء فى ظل النظام السابق أو النظام الحالى أن يردوا إلى خزانة الدولة أية مبالغ أو مكافآت، أو حوافز تزيد عما هو مستحق لهم من المرتب السنوى وبدل التمثيل السنوى أعمالا لما سلف بيانه بحسبان أن الشعوب لا تحتمل الفساد، لاسيما إذا اقترنت به أحوال اقتصادية سيئة تكشف عن أن كبار الحاكمين يعيشون حياة ترف وإسراف بينما يعيش المحكومون من غالبية الشعب معيشة ضنك وجفاف.
وقالت المحكمة، إن مبدأ حرية الإعلام بات من المبادئ الأساسية فى الأنظمة الديمقراطية الحديثة، وهو يعنى حق الشعب فى أن يتابع مجريات الحوادث والأفكار وتوجيهها بما يتفق وإرادته، مشيرة إلى أن حرية الإعلام هى امتداد لحرية الشعب وهى تساهم بتأثير قوى فى تكوين الرأى العام و توجيهه.
وأكدت المحكمة أن استقلال الإعلام بات ركنا جوهريا فى تلك الأنظمة الحديثة، ويعنى ألا يعتمد الإعلام على سلطان الدولة بل يعتمد على ما يقدمه للناس من آراء وأنباء، وتدفق موثق للمعلومات لذا أضحت كفالة حرية الإعلام واستقلاله على النحو الذى نصت عليه دساتير العالم من التزامات الدولة الحديثة الحريصة على سيادة القانون، وأن القصد من ذلك هو حماية الإعلام من الدولة بحسبان أن الدولة هى التى تضيق ذرعا بها، وذلك ما يفسره حقب التاريخ كاشفا عن الصراع بين السلطة والإعلام، ذلك أنه من أصحاب السلطة من لا يتسع صدره لرأى يخالف رأيه، وحينما وجد الحاكم المطلق كان هذه العلة سمة من سماته.
وأضافت المحكمة، أن حرية الإعلام لا تتوافر إلا حيث تعمل خارج سلطان الدولة واستقلال الإعلام لا يتحقق إلا حيث تكون مستقلة عن الدولة، وأنه لا يمكن لوسائل الإعلام المختلفة فى ظل تبعيتها للسلطة أن تقوم بوظيفتها الأساسية فى الوفاء بحق الشعب فى المعرفة، فضلا عن مجالات التثقيف والتنوير والتوجيه، وأن عدم استقلالها يحول دورها من رسالة للإعلام إلى إلية للدعاية وثمة فارق بينهما.
وأشارت المحكمة إلى أن وسائل الإعلام يجب أن تكون لسان الأمة لا لسان الحاكم، ويتوجب عليها أن تقول للحاكم ما يريده الشعب منه، لا أن تقول للشعب ما يريده الحاكم منه، أو ما يناشد به الحاكم شعبه ليلتف حول، لافتة إلى أن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تنهض بدورها الحقيقى ما لم يتوافر لها الحرية والاستقلال عن الحكومة.
وأكدت المحكمة أن هذا الأمر يقتضى إسقاط كافة القيود التى تنال من استقلال الإعلام وحريته، وأهمها الكف عن ملاحقة الإعلاميين بسبب ما يقدمونه للناس من أنباء وآراء، بحسبان أن الوظيفة الأصلية للإعلام هى تحقيق الرأى والرأى الآخر، وبغير ذلك ستظل حرية الإعلام واستقلاله أكثر سوءا قبل الثورة، وأكثر تكبلا بالقيود، مما يجعل ذلك المبدأ أمرا منقوصا فتنعدم الحكمة التى ابتغاها المشرع الدستورى من النص على حرية الإعلام واستقلاله.
وقالت المحكمة، إنه يتعين إلزام الدولة بوضع المادة 215 من الدستور الجديد الخاص بالمجلس الوطنى للإعلام، موضع التطبيق الفعلى بحسبانه من التشريعات الملحة التى تقتضيها مصلحة الوطن لضمان حرية الإعلام وتعدديته دون احتكار، ليتمكن من وضع ضوابط الالتزام بأصول المهنة وأخلاقياتها للحفاظ على قيم المجتمع وتقاليده البناءة، وما يصاحب ذلك من إلغاء وزارة الإعلام، وضم هيئاتها ووحداتها إلى المجلس المذكور، حتى لا يكون هناك ازدواج فى الاختصاصات.
وأشارت المحكمة إلى أن بقاء وزارة الإعلام يؤدى إلى الاحتكار الحكومى للإعلام على نحو يناقض ما نص عليه الدستور الجديد، من عدم تركز الإعلام، أو احتكاره، مؤكدة أن إلغاء تلك الوزارة حال إنشاء المجلس الوطنى للإعلام خطوة جوهرية على طريق الديمقراطية، واحترام حرية التعبير، وإحياء التقاليد الإعلامية الحرة، وهو ما يحقق أن يكون الإعلام لصالح الشعب وصوته النابض الذى يعبر عن كافة أطيافه.
وأضافت المحكمة، أن بقاء تلك الوزارة (الإعلام) بات متناقضا مع ما هدف إليه المشرع الدستورى ورمى إليه، من إنشاء المجلس الوطنى للإعلام، ليتواكب مع مقتضيات العصر ولوازمه لتحقيق المبدأ الدستورى فى حرية واستقلال الإعلام، لتكون تلك الحرية وذلك الاستقلال حقيقة فعلية لا نظرية من أى تدخل حكومى.
مناشدة المشرع أن يكون المجلس الوطنى مستقلا ماليا وإداريا متحررا من ثمة تبعية لمجلس الشورى، أو غيره.
قالت المحكمة، إنه يتوجب أن يكون إنشاء وتنظيم وتشكيل المجلس الوطنى للإعلام على أسس حديثة من مختلف المدارس الإعلامية المتباينة على نحو يمثل خريطة صادقة تعكس مرآة لجميع وسائل الإعلام، مؤكدة أن المشرع الدستورى كان حريصا على عدم تبعية المجلس الوطنى لأية جهة، ولو كان مجلس الشورى، وآية ذلك أنه جعله مجلسا مستقلا متحررا من ثمة تبعية، ومن ثم وجب أن يكون المجلس الوطنى للإعلام مستقلا ماليا وإداريا، وفى اختيار قاداته بنظام وظيفى محكم يعتمد على الكفاءة المهنية والخبرة الإعلامية، ودون التحكم فى تلك الوظائف.
وقالت المحكمة، إنه بات من الضرورى وضع ميثاق الشرف لمهنة الإعلام باعتبارهم شركاء فى مسئولية الكلمة ولضمان الحرية المسئولة للإعلام وكفالة التعددية الإعلامية، والقضاء على الاحتكار الحكومى، بما يتماشى مع أهداف الشعب والضمير الإنسانى، وعلى قمتها تقديم المعلومات الصحيحة للشعب فى حينها، وعرض وجهات النظر المختلفة عرضا متوازنا أمينا فى كافة الموضوعات التى تهم الشعب دون تحيز، أو تحزب أو إثارة واحترام القيم الدينية السمحاء والقومية والمشاركة فى تنوير الرأى العام، وتشكيل الذوق العام تشكيلا سليما.
وأضافت المحكمة، أن وضع هذا الميثاق يشكل ضرورة دستورية وقانونية ومجتمعية ملحة يجب أن يضعه الإعلاميون أنفسهم بمختلف المدارس الإعلامية وتنوعاتها ويلتزمون به دون وصاية من أحد، إلا فى حالة خرقة.
وذكرت المحكمة، أنه لا يفوتها أن تشير إلى أنه قد غاب على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور أن تضع حدا زمنيا أقصى لتنفيذ أحكامه، على غرار ما هو معروف فى علم صناعة وصياغة الدساتير التى تتم عقب الثورات، وذلك بهدف تقوية الأركان الجوهرية للدولة لمواجهة الثورة المضادة، التى تنشأ عادة عقب الثورات التى يقوم بها الشعب، مما كان يتوجب شمول تطبيق نصوصه فى أمد زمنى محدد لا أن يستطيل بلا نهاية.
وأوضحت المحكمة، أن تلك الفلسفة فى وضع الدساتير عقب الثورات تختلف عن صناعة الدساتير التى توضع فى ظل الظروف العادية للبلاد، والتى يكون الهدف منها تعميق وتغيير بعض المفاهيم الديمقراطية طبقا لسنة التطور والحياة، مما لا تنشـأ معه ثورة مضادة لعدم قيام ثورة من الشعب فى تلك الحالة.
وأشارت المحكمة إلى مراجعة جميع الدساتير الفرنسية البالغة ستة عشر دستورا منذ الثورة الفرنسية، باستثناء دستورين هما دستور1793 الذى لم يطبق بتاتا، وعلى حد تعبير الفرنسيين ولد ميتا ودستور1875 الذى ألغى بعد غزو الألمان فرنسا ودخولهم باريس عام 1940 ومن الفقهاء الفرنسيين هوريو ولوفور وازمن وبيردو، وأبحاث عن الدور الذى تلعبه الثورات فى تاريخ الدساتير.
وقالت المحكمة إن الحرية الشخصية مكفولة فى الدستور والقانون ومن فروعها الأساسية حق الشخص فى ارتداء ما يشاء من ملابس دون تحديد، شريطة ألا يتضمن ذلك الملبس ما يمثل إخلالا بالنظام العام، أو يتنافى مع تقاليد المجتمع والأعراف المتفق عليها، وبما يقبله الذوق العام ولا يشذ عنه.
وأضافت المحكمة، أنه بالنظر إلى أن عمل مذيعة التليفزيون يتصل بجمهور المشاهدين، فالأصل العام أنها تتمتع بحرية فى ارتداء ما تراه مناسبا من الأزياء باعتبار أن حقها فى حرية الملبس يتفرع عن حقها الدستورى فى الحرية الشخصية، على نحو يغدو معه من المتعذر وضع حدود قاطعة لملبسها الواجب أن ترتديه على الشاشة، فللمذيعة حقها الكامل فى ارتداء ما تشاء من الملابس على الشاشة، شريطة أن تظهر بوجهها لتوصيل رسالتها الإعلامية ولتحقيق الحضور الاعلامى، فذلك حق الجمهور عليها وسواء رغبت فى إسدال رداء الرأس أو لم ترغب.
وأكدت المحكمة، أنه لا يجوز خلط الدين بالإعلام، وفى جميع الأحوال يجب عليها (المذيعة) أن تراعى فى اختيار ملبسها على الشاشة عدم الإخلال بكرامة الوظيفة الإعلامية، وبالثقة الواجبة فى شاغلها والاحترام المطلوب له مع الاعتداد بالعرف الإدارى للمهنة وتقاليد المجتمع والموروث المهنى، وبما يتفق مع الذوق العام دون أن يشذ عنه.
وانتهت المحكمة إلى إلزام اتحاد الإذاعة والتليفزيون، بأن يؤدى إلى إحدى المذيعات بالقناة الخامسة مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا لها عن الأضرار التى لحقتها من حرمانها من الظهور على الشاشة خمس سنوات.
"القضاء الإدارى": لا يحق للرئيس أو مجلس الوزراء تقاضى مزايا مالية بخلاف المقررة
الأربعاء، 26 يونيو 2013 03:05 م
الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة