تختلف التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التى اندلعت مؤخرًا فى تركيا ثم البرازيل، وقبل ذلك فى إيران، فيما عرف باسم الثورة الخضراء، مرورا بثورات "الربيع العربى"، من حيث الأسباب والمطالب والدوافع، وذلك بالنظر لاختلاف أنماط المجتمعات والديناميات السياسية من بلد لآخر.
ففى تركيا والبرازيل لا يمثل إسقاط النظم الحاكمة مطلبًا جوهريًا للمحتجين، كما برز فى حالات مثل مصر وتونس، ولكن المطالبة بالمزيد من الحقوق الفردية ومساءلة الحكومات والقضاء على الفساد الإدارى والاقتصادى تمثل أبرز الدوافع التى أججت التظاهرات فى تركيا والبرازيل مع اختلاف بالطبع فى الأولويات بين الدولتين.
لكن ما يلفت النظر حقًا هو أن ظاهرة الاحتجاجات الشعبية والشبابية التى تمتد من إيران وصولاً إلى البرازيل، وحتى الاحتجاجات الشعبية ضد إجراءات التقشف الحكومى فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وكذلك فى إسرائيل، إنما تعبر عن صحوة سياسية للطبقات الوسطى، خاصة فى الدول النامية، حيث أدى توسع وكبر حجم هذه الطبقات فى العقد الأخير إلى تحول مطالبها الاقتصادية السابقة والقادمة أيضًا إلى مطالب سياسية من النخب الحاكمة بسبب ثورة التوقعات التى صاحبت نمو هذه الطبقات، والتى أصبحت تطالب بمزيد من الحقوق السياسية من حكوماتها.
وفى هذا الشأن تشير دراسة أعدها المحللان الاقتصاديان، شيميلس على وأورى دادوش، نشرتها مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية فى العام الماضى إلى أن تزايد أعداد من يدخلون ضمن شريحة الطبقة الوسطى فى دول مجموعة العشرين النامية، يفرض على حكومات هذه الدول أن تأخذ فى الاعتبار أنها ستطالب بالرقابة والمحاسبة السياسية والاقتصادية وبزيادة الحريات العامة والفردية لأن معظمها يعيش فى مناطق حضرية ويدرك حقيقة التحولات فى أنماط التجارة الدولية، ولديها ثورة توقعات مرتفعة مع تزايد درجة التعليم وزيادة أعداد الشباب والتغيرات التى تحدثها كافة هذه التغيرات بالمجتمع والدولة.
وخلصت هذه الدراسة إلى أن ثمة تزايدًا ملحوظًا فى أعداد المنتسبين لهذه الشريحة، فوفقًا للتعريف الأوسع الذى يتبناه البنك الدولى، يقع فى هذه الشرحية من يزيد دخله عن 2 دولارًا أمريكيًا محسوبًا بالقوة الشرائية، ما يعنى أن 4 مليارات من سكان العالم (حوالى 7 مليارات) يقعون ضمن هذه الشريحة، لكن وفقا للتعريف الأضيق، والذى يقول بأنه يقع ضمن الطبقة الوسطى من يبلغ متوسط دخله اليومى بين 10 و50 دولارًا، فإن ثمة حوالى 370 مليونًا من سكان دول مجموعة العشرين النامية من فئة الطبقة الوسطى، لكن معدا الدراسة قاما بتطبيق نموذج آخر يعتمد على عدد السكان الذين يملكون منزلاً خاصًا وسيارة وتكييف هواء وهواتف محمولة، إضافة إلى بعض السلع الثانوية، ليلاحظ أن من يقعون ضمن هذه الطبقة فى دول مجموعة العشرين يبلغون حوالى 600 مليون نسمة.
من إيران إلى تركيا والبرازيل..
الصحوة السياسية للطبقة الوسطى تشعل الاحتجاجات الشعبية
الأربعاء، 26 يونيو 2013 07:55 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة