أصدرت 19 منظمة حقوقية بيانا اليوم الأربعاء، أعلنت فيه أن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر تدهورت بصورة مخيفة خلال عام واحد من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على مؤسسات الحكم بصورة مطلقة، وأن الجماعة قد أصبحت مسئولة -وحدها- عن هذا التدهور، خاصةً بعدما نجح مرشحها الرئيس محمد مرسى فى إنهاء حالة ازدواج السلطة وسحب الصلاحيات التى كان يتمتع بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وقال البيان، يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسئولية كبرى عن الإخفاقات الهائلة فى إدارة المسار الانتقالى، الذى اتسم بدرجة عالية من التخبط والفوضى والعجز عن بناء توافق وطنى تتطلبه إدارة المرحلة الانتقالية، فضلاً عن مسئوليتهم السياسية والجنائية عن الانتهاكات الجسيمة التى شهدتها البلاد، خلال تلك الفترة.
واضاف البيان، أنه منذ اليوم الأول لتولى مرسى السلطة، بدا واضحًا أن برنامج الرئيس مرسى للمائة يوم الأولى من حكمه لم يقم على أدنى اعتبار لقضايا حقوق الإنسان والتطلعات نحو التحول الديمقراطى.
وأكد، أنه رصدت منظمات حقوقية فى حينها اعتداءات واسعة على حريات التعبير والتجمع السلمى والحريات الدينية، علاوةً على استمرار ملاحقة النشطاء السياسيين والنقابيين، وتواصل الهجوم الإعلامى والتشريعى والملاحقات القضائية بحق نشطاء حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدنى، غير أنه بعد عام كامل يتأكد أن الأولوية لرئيس الجمهورية –وبالطبع لجماعة الإخوان المسلمين- كانت تمضى باتجاه ترسيخ مرتكزات نظام تسلطى بديل لنظام مبارك، مضيفا: أن القمع الدموى العنيف لحركات الاحتجاج السياسى والاجتماعى لم يتوقف، بل أن الاستخدام المفرط للقوة لم يعد حكرًا على قوات الأمن، بعدما أُطلق العنان لأنصار الجماعة والداعمين لها لاستخدام العنف فى تأديب وترويع وتعذيب وقتل خصومها، سواءً على أبواب القصر الرئاسى أو أمام المقر الرئيسى للجماعة بالمقطم، أو فى ميادين الاحتجاج فى محافظات متعددة. بل أن الأمر وصل إلى التحريض العلنى على استخدام العنف ضد المعارضين السياسيين المشاركين فى تظاهرات 30 يونيو 2013، وكذلك الحض على كراهية الشيعة، كل ذلك تم على مرأى ومسمع من رئيس الجمهورية وقيادات الحكومة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين أثناء مؤتمر نصرة سوريا يوم 15 يونيو 2013.
وقال البيان، إن عملية صناعة الدستور التى احتكرتها جماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من فصائل الإسلام السياسى اقترنت بشن أوسع هجوم على النظام القضائى واستقلال القضاء، لقطع الطريق على المحكمة الدستورية العليا وقضاء مجلس الدولة فى ممارسة اختصاصاتهما القضائية للبت فى مشروعية تشكيل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، واستباح رئيس الجمهورية لنفسه فى هذا السياق إصدار إعلان دستورى فى 21 نوفمبر 2012، شكل فى جوهره إعلان حرب على السلطة القضائية وسيادة القانون ومقومات الدولة الحديثة، وغَل بموجبه الهيئات القضائية عن نظر أية دعاوى قضائية تطعن على قراراته السالفة أو حتى اللاحقة إلى حين الانتهاء من جريمة تمرير الدستور الجديد. وتتويجًا لهذا الإعلان، حرضت الجماعة أنصارها على محاصرة المحكمة الدستورية لنحو ستة أسابيع، مما أدى إلى توقفها عن العمل، ولم تتمكن من استئناف عملها إلا بعد الاستفتاء على مشروع الدستور، ومن ثم جاءت أحكامها الأخيرة ببطلان الهيئة التأسيسية معدومة الأثر، بعدما صارت "الجريمة الدستورية" واقعًا محصنًا.
وأوضح التقرير، أنه لا يبدو غريبًا فى هذا السياق أن يأتى الدستور الذى انفردت بصياغته جماعات الإسلام السياسى مؤسِسًا للاستبداد السياسى والدينى فى آن واحد، وممهدًا الطريق لدولة دينية على نمط نظام ولاية الفقيه، وإن كانت بمصطلحات سنية تسمح لهيئة دينية –حتى لو كانت من كبار علماء الأزهر- سلطة الوصاية على العملية التشريعية باسم الشريعة الإسلامية، ومطلقًا يد جماعات بعينها لفرض وصايتها على المجتمع بدعوى حماية الأخلاق والطابع الأصيل للأسرة المصرية. واستبعدت من نصوص الدستور أية إشارات للمساواة بين النساء والرجال، وحصر حق ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للمنتمين فقط إلى الأديان السماوية التى يعترف بها الإسلام.
وقال، لوحظ فى خلال العام المنصرم من حكم محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين استخدام جريمة ازدراء الأديان كسلاح فى مواجهة حرية الفكر والإبداع، حيث أصبح يتم استخدامها كوسيلة لاتهام كل من يحمل رؤية مختلفة للمجتمع أو يريد التعبير عن رأيه بطريقة مختلفة، ففى الأشهر القليلة الماضية زادت حالات الاتهام بازدراء الأديان، وكذلك اتسع نطاق الملاحقة اليومية للصحفيين والإعلاميين فى الوقت نفسه الذى جرى فيه توظيف قوانين مبارك فى تأمين هيمنة جماعة الإخوان المسلمين والمقربين منها على الصحف القومية والمجلس الأعلى للصحافة والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وأُخضعت وسائط الإعلام للترويع والترهيب عبر الحصار الذى فرضه أنصارها على مدينة الإنتاج الإعلامى.
وأضاف التقرير، وبينما أُتيح لعناصر الجماعات "الجهادية" الاستفادة من قرارات العفو الرئاسى، وغض الطرف عن نشاطها الإرهابى فى سيناء، فقد تواصلت الحملات العدائية للتشهير بمنظمات حقوق الإنسان، ولم تتوقف ملاحقتها قضائيًا فى محاكمة تحركها دوافع سياسية وانتقامية استندت فى تحقيقاتها على تحريات أجهزة أمن نظام مبارك، أدت -لأول مرة- إلى صدور أحكام بالجملة تقضى بعقوبة السجن من عام إلى خمسة أعوام بحق 43 من العاملين بهذه المنظمات، فى الوقت ذاته الذى يجرى فيه التهيئة لتمرير قانون جديد يحكم الخناق على مؤسسات المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان، وبدلاً عن اعتماد تشريع يقر بالحرية النقابية، يجرى توظيف نصوص قانون النقابات العمالية الحالية وتعديلاته لتأمين هيمنة الإخوان على التنظيم النقابى العمالى، ومحاصرة وملاحقة النقابات العمالية المستقلة، التى بدأت تعرف طريقها فى مصر حتى من قبل الإطاحة بنظام مبارك.
وأوضح البيان، إن منظمات حقوق الإنسان تؤكد على أن السياسات التى انتهجتها جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسة الرئاسة خلال العام المنصرم، تقود إلى المزيد من التأزم وتضع البلاد أمام مخاطر الاحتراب الأهلى والدخول فى حلقة مفرغة من أعمال العنف والعنف المضاد.
وأكدت المنظمات الموقعة إدانتها لكافة أشكال العنف والترهيب والترويع التى انخرط فيها أنصار الإخوان المسلمين وبعض الجماعات السلفية، فإنها تدين أيضًا اللجوء إلى أعمال العنف المضاد من قبل بعض خصومهم، الذى امتد إلى إحراق عشرات من مقار جماعة الإخوان المسلمين وحزبها، بصرف النظر عن أن مثل هذه الأعمال المؤثمة ما كان لها أن تتنامى إلا فى ظل السياسات والممارسات المنتهجة، التى تقود إلى تآكل معالم الدولة القانونية.
والمنظمات الموقعة على البيان، هى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، وحابى للحقوق البيئية، ودار الخدمات النقابية والعمالية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، ومركز الأرض لحقوق الإنسان، والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز هشام مبارك للقانون، ومركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، ومصريون ضد التمييز الدينى، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائى، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، ومؤسسة المرأة الجديدة، والمؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية.
19 منظمة حقوقية ترصد انتهاكات العام الأول من حكم مرسى.. الرئيس والإخوان حاولوا ترسيخ نظام تسلطى بديلا لمبارك.. وإعلان نوفمبر حرب على السلطة القضائية.. وجريمة ازدراء الأديان سلاح مواجهة حرية التعبير
الأربعاء، 26 يونيو 2013 03:21 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ملتزم مؤدب بهدوووووووووووووووووووء
وجريمة ازدراء الأديان سلاح مواجهة حرية التعبير
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر المصرى
كرسي الرئاسة