بدأت الانتقادات تنهال فجأة، وبعد 8 سنوات من التطبيق على قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، فمن ناحية انتقد المستشارون القانونيون تقصير جهاز المنافسة فى التوعية بالقانون، الأمر الذى جعل الشارع المصرى يتهم الشركات التى لها حصة كبيرة من السوق بالاحتكار، بينما القانون لا يجرمها على حصتها الكبيرة إنما يجرم أفعالها التى تؤثر بها على حرية الأسواق ورفع الأسعار، كما انتقدوا مخالفة المسؤولين بالدولة قبل الثورة لقانون المنافسة بالكشف عن سرية الدراسات والبلاغات التى يحقق فيها الجهاز مع الشركات، وعدم المبادرة بالإعلان عن نتائج الدراسات والبلاغات المقدمة والتى تبرئ الشركات، مما تسبب فى كراهية المصريين لرجال الأعمال، فى نفس الوقت الذى أعطى انطباعا لدى رجال الأعمال أن الدولة تستخدم قانون المنافسة لتشويه سمعتهم، فطالبوا بتعديل القانون بما يحظر على المسؤولين بالدولة الكشف عن الدراسات أو البلاغات التى يحققها الجهاز عن الأسواق المختلفة، وأن يكون هناك عقوبة على الشخص الُمبلغ الذى يسرب تفاصيل بلاغه.
من ناحية أخرى، اتفق كل من جهاز المنافسة والمستشارين القانونيين والاقتصاديين على الضرورة، لتعديله، توفيرًا لمناخ المنافسة المشجع على جذب الاستثمارات، فمن جانبه يطالب جهاز المنافسة بتعديلات تعالج نقاط الضعف فى القانون التى عطلته عن تفعيل القانون، أما المستشارون القانونيون فأكدوا أن المشرع مطالب بأن يجعل قانون المنافسة قانونا اقتصاديا وليس عقابيا، بإعادة النظر فى العقوبات الواردة بالقانون بتعديل الغرامة على ارتكاب الممارسة الاحتكارية من مبلغ وصل حده الأقصى إلى 300 مليون جنيه حاليا دون محددات، إلى نسبة من إجمالى أرباح الشركة خلال السنوات محل المخالفة أو نسبة من ناتج المنتج المعنى محل المخالفة إذا تعددت منتجات الشركة، كما اقترحوا أن تنظر قضايا المنافسة أمام القضاء العادى وليس القضاء الجنائى وفقًا للمعمول به عالميًا، وأن تقع الغرامة على الشركة وليس على الشخص التنفيذى أو موظفى الشركة مع إلغاء التعددية فى الجزاء، وأن يتم تعديل القانون بما يسمح بأن يكون عدم اعتراض الجهاز شرطا لإتمام عمليات الاندماج والاستحواذ بين الشركات.. أما الاقتصاديون فيرون أن مشكلة قانون المنافسة تتمثل فى التعارض بين قانون المنافسة وغيره من القوانين الاقتصادية، الأمر الذى يعنى أن التعديلات بقانون المنافسة يجب أن يواكبها تعديلات فى كل القوانين الاقتصادية بما يتفق مع فكر المنافسة وتحرير الأسواق، وأكدوا أنه بدون تلك المواءمة تكون حياتنا الاقتصادية فى عبث.
المستشار القانونى حازم رزقانة، الشريك بمؤسسة بيكر آند ماكينزى للمحاماة، انتقد أداء جهاز حماية المنافسة قبل الثورة، لأنه لم يقم بدور جدى فى التوعية بمفهوم الاحتكار وفقا للقانون سواء للشركات أو السوق بصفة عامة وأسرع بت قديم الشركات إلى النيابة من لحظة صدور القانون على خلاف المعمول به فى أجهزة المنافسة فى الخارج، الأمر الذى جعل إحدى المنظمات العالمية تصف جهاز المنافسة فى مصر فى السنوات الأولى من عمله بأنه كان يبالغ «over active» فى التحرى عن أوضاع بعض الشركات.. وفى نفس الوقت لم يلتزم الجهاز بالسرية فى إجراء الدراسات التى يجريها عن بعض الشركات، حيث كانت تنشر التحقيقات فى الإعلام، كما لم يبادر المسؤولون فيه بتبرئة الشركات «بصدق» التى انتهت دراساتها بعدم ارتكابها ممارسات احتكارية، الأمر الذى ترك بلبلة فى السوق أضرت بسمعة الشركات.
ويرى أن حالة شركات عز مثال عملى لكل أخطاء الجهاز قبل الثورة، فكل المصريين اتهم عز بالاحتكار لأنه كان يمتلك حصة من السوق تعادل %67، بينما القانون نفسه لا يعاقب المستثمر على حصته، وعندما صدر عن الجهاز تقرير بأن عز لم يقم بأية ممارسات احتكارية، ولم يتصد الجهاز لنفى الشائعات التى ظلت تلاحق شركات عز رغم تبرئتها.. موضحًا أن جهاز حماية المنافسة قام بدراسة حالة حديد عز على أثر بلاغين أحدهما قبل الثورة، والآخر بعد الثورة، حيث جاء التقرير الأول الذى صدر قبل الثورة عام 2009 عن الفترة من مايو عام 2005، وحتى نهاية عام 2006 «أن مجموعة عز كانت لها حصة مسيطرة، نظرًا لأنها كانت أكبر منتج فى السوق ينتج نحو %67 من احتياجات السوق ولوجود قيود على استيراد الحديد، إلا أنه لم يسئ استخدام الوضع المسيطر»، أما التقرير الثانى فصدر عام 2012 بعد الثورة، وكان عن الفترة من يناير 2007 حتى تاريخ تقديم البلاغ ضد أحمد عز بعد الثورة فى 2011 فقد انتهى إلى «أن وضع الشركة من أول يناير 2007 حتى عام 2008 مماثل للوضع الذى كان قائما فى 31 ديسمبر 2006، حيث هناك سيطرة، ولكن دون إساءة للوضع المسيطر، إلا أنه اعتبارا من عام 2009 و2010 لم يعد لشركه حديد عز وضع مسيطر نتيجة لدخول منافسين لحديد عز فى السوق بعد الإجراءات التى قامت بها الدولة اعتبارا من 2008 بإلغاء القيود الاستيرادية للحديد، ومنها تخفيض المواصفات القياسية وتخفيض الجمارك على الحديد ليصبح صفر%، الأمر الذى أدى إلى تعرض صناعة الحديد فى مصر لخطر الإغراق من الحديد التركى».
وبعد 8 سنوات من صدور قانون حماية المنافسة، يرى رزقانة أن المشرع مطالب بأن يجعل قانون المنافسة قانونا اقتصاديا وليس قانونا عقابيا، وذلك من خلال إعادة النظر فى العقوبات الواردة بالقانون بتعديل الغرامة على ارتكاب الممارسة الاحتكارية من مبلغ وصل حده الأقصى إلى 300 مليون جنيه حاليا دون محددات، إلى نسبة من إجمالى أرباح الشركة خلال السنوات محل المخالفة أو نسبة من ناتج المنتج المعنى محل المخالفة إذا تعددت منتجات الشركة، كما اقترح أن تنظر قضايا المنافسة أمام القضاء العادى وليس القضاء الجنائى، وفقا للمعمول به عالميا، وأكد أن الغرامة يجب أن تقع على الشركة وليس على الشخص التنفيذى أو موظفى الشركة مع إلغاء التعددية فى الجزاء، وأن يتم تعديل القانون بما يسمح بأن يكون عدم اعتراض الجهاز شرطا لإتمام عمليات الاندماج والاستحواذ بين الشركات.. وأن تكون هناك عقوبة على الشخص المبلغ الذى يسرب تفاصيل بلاغه بالصور المختلفة بذات عقوبات إفشاء السرية الواردة فى القانون.
على الجانب الآخر، يرفض رزقانة الاتجاه إلى تعديل القانون بإعفاء شاهد الملك «مقدم البلاغ» بصورة مطلقة، موضحًا أن القوانين لا تعفى من يقوم بالتبليغ من الغرامة بمجرد تقديم البلاغ، وإنما هناك دراسات يجب أن يقوم بها الجهاز للتحقق من أحقية من قام بالتبليغ فى الإعفاء، حتى لا يستخدم التبليغ كوسيلة للهروب من توقيع الجزاء أو يستخدم التبليغ بطريقة كيدية للإطاحة بالمنافسين.. وفى سياق متصل، أوضح رزقانة أن عدم إعفاء مقدم البلاغ مع بداية القانون لم يكن محاولة من رجال الأعمال فى مجلس الشعب للتآمر ضد القانون.. فالجهاز مازال فى طور الإنشاء، ويحتاج إلى بناء قدرات مؤسسية عالية تضمن له التحقق من عدم كيدية البلاغات.
موضوعات متعلقة:
منى الجرف رئيس جهاز المنافسة تؤكد:نعمل لتصحيح منظومة المنافسة بمعالجة القصور التشريعى والاطمئنان إلى استمرار المستثمرين وعدم خروجهم من الأسواق
بعد 8 سنوات من التطبيق الانتقادات تنهال على قانون المنافسة للمطالبة بتعديله..أخطاء بالجملة ارتكبها الجهاز والمسؤولون بالدولة قبل الثورة عند تطبيق القانون.. والتقصير فى التوعية تسبب فى اتهامات الاحتكار
الثلاثاء، 25 يونيو 2013 12:50 م