النص الكامل لخطاب تسلم الحكم فى قطر.. الشيخ حمد: مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به إلى مرحلة جديدة.. وأنا على قناعة تامة بأن ولى العهد الشيخ تميم أهل للمسئولية وجدير بالثقة وقادر على حمل الأمانة

أعلن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان تسليم الحكم لنجله وولى العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثانى.

وقال الشيخ حمد بن خليفة، فى كلمة متلفزة، صباح اليوم، إنه: "ما أردا السلطة غاية فى ذاتها ولا سعى إليها من دوافع شخصية بل هى مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به إلى مرحلة جديدة".
وفيما يلى النص الكامل للخطاب الذى أعلن فيه أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثان تخليه عن الحكم لصالح ابنه الشيخ تميم بن حمد آل ثان.

"بسم الله الرحمن الرحيم"
"أيها الشعب القطرى الكريم، أيها المواطنون والمواطنات أبناء الوطن أتحدث إليكم اليوم ونحن نستعد لدخول عهد جديد فى تاريخ وطننا، وقد أردت أن أخاطبكم أولا إذ أنتم أصحاب هذه الأرض الطاهرة وحماتها وبناة نهضتها وصانعو مستقبلها".

لقد كان هذا أيها الأخوة والأخوات هو الإيمان الذى غمر قلبى واستقر فى وجدانى منذ أن ترعرعت على أرض قطر وبدأت أتولى المسئوليات فى خدمة الوطن وأهله.. والله يعلم أننى ما أردت السلطة غاية فى ذاتها ولا سعيت إليها من دوافع شخصية بل هى مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به إلى مرحلة جديدة.. ولقد حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى فى مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسئولية بطاقاتهم المتوثبة وأفكارهم الخلاقة.

فقد أثبت شبابنا فى السنوات الماضية أنهم أهل عزم وعزيمة يستوعبون روح عصرهم ويدركون ضروراته إدراكا عميقا ويواكبون كل جديد فيه بل ويساهمون بفكرهم الأصيل فى التجديد والإبداع وبفضل ذلك يصدق فى واقعنا هذا قول على بن أبى طالب كرم الله وجهه "علموا أولادكم خير ما علمتم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".

أنتم يا أبناءنا وبناتنا ذخر الوطن بناة حاضره وحاملون لواء مستقبله، وقد كنا منذ البداية نتوسم فيكم الخير ونعقد عليكم الأمل وقد أثبتم بهممكم العالية وما قدمتموه للوطن من إنجازات أنكم أهل للقيادة وموضع للثقة.

أبناء قطر إنى لأرجو أن أكون قد وفقت فى القيام بالمسئولية وحملها بما يرضى الله أولا وبما يوازى الأمانة ويستحق الثقة، ففيما أحسنت وأصبت فبتوفيق من الله وفيما أخطأت فمن نفسى وأرجو أن يتعلم منه من يتولون الأمر بعدى.
وإننى اليوم أخاطبكم كى أعلن أننى أسلم مقاليد الحكم للشيخ تميم بن حمد آل ثان، وأنا على قناعة تامة أنه أهل للمسئولية جدير بالثقة وقادر على حمل الأمانة وتأدية الرسالة.
وإننى على يقين راسخ بأنكم ستكونون خير سند له كما كنتم معى فما بين الحاكم وشعبه فى وطننا من عهود الوفاء والمحبة والود عميق وأصيل عمق وأصالة تراثنا وتاريخنا المجيد، وإننى على يقين أيضا أن تميم سيضع مصلحة الوطن وخير أهله نصب عينيه وستكون سعادة الإنسان القطرى غايته الأولى على الدوام، فها هو المستقبل يا أبناء الوطن أمامكم إذ تنتقلون إلى عهد جديد ترفع الراية فيه قيادة شابة تضع طموحات الأجيال القادمة نصب عينها وتعمل دون كلل أو ملل من أجل تحقيقها مستعينة فى ذلك بالله أولا وبأبناء الوطن وبما اكتسبته من خبرة ودراية فى الحكم وإدارة شئون البلاد ومعرفة عميقة بالواقع فى منطقتنا وعالمنا العربى بالذات.

ومع ثقتى بأنكم أهل المسئولية فإننى أوصيكم بعد تقوى الله بالعلم والعمل فليكن العلم هو النبراس الذى ينير طريقكم ويعينكم فى صناعة مستقبل الوطن على خير وجه، فبالعلم تتخرج الأجيال القادرة على تحمل المسئولية وبه تسلك الطريق القويم وليكن العمل الجاد المخلص ديدنكم فى خدمة وطنكم بعيدا عن الاتكالية والتراخى والركون إلى الواقع فلا تبنى الأوطان لأجيال الحاضر والمستقبل إلا بجهد أبنائها وسهرهم ولا تصان من الأطماع وتحمى من المخاطر إلا بعرقهم وتضحياتهم.

ومع ثقتى بإدراككم لانتمائكم وهويتكم العربية المسلمة فإننى أوصيكم بالمحافظة على قيمنا الثقافية والحضارية النابعة من ديننا وعروبتنا وانتماءاتنا الإنسانية فنحن نؤمن بأن الوطن العربى جسد واحد يصلح الواحد من أقطاره بما يصلح به الجميع، وأوصيكم بالثبات على الحق والاستقامة على الطريق مهما تبدلت الأيام والأحوال.. وصدق الله العظيم إذ قال: "ولو أنهم استقاموا على الطريق لأسقيناهم ماء غدقا" وصدق الرسول الكريم إذ قال: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك".

أيها الإخوة والأخوات إننى إذ أتحدث إليكم اليوم لأشكر أهل قطر الذين كانوا معى طوال المسيرة وساندونى وكانوا خير عون لى فى الظروف الصعبة وساعدونى فى مواجهة التحديات وكان كل هدفى أن ينعموا بالرفاهية والخير والاستقرار والأمن وسيظل قلبى نابضا بحب هذه الأرض وأهلها فهى أول ما وقعت عليه العين وأول ما التصق به الخيال.

كما أتوجه بالشكر والتقدير لكل الذين عملوا معى من قرب، حيث كانوا خير سند ومعين فى الشدة وفى الرخاء، وأشكر كذلك قواتنا المسلحة وجيشنا الأبى على الدور المشرف الذى قام به أثناء قيادتى له ولن أنسى ما حييت إخلاصكم جميعا يا أبناء وطنى وأهلى راجيا من الله عز وجل أن يحفظ قطر ويديم عليها الأمن والاستقرار وأن يسبغ على أهلها نعمه ظاهرة وباطنة إنه نعم المولى ونعم المجيب، والسلام عليكم ورحمه الله".